متابعة ـ الصباح الجديد:
لا شك أن البصل يعتبر من أفضل المواد الغذائية التي تضفي مذاقاً شهياً ولذيذاً على وجبات الطعام، سواء كان مشوياً أو مقلياً أو مطبوخاً أو نيئاً، فضلاً عن احتوائه فوائد غذائية كثيرة للجسم.
غير أنه يتمتع بصفة «مزعجة»، إذ يوجه دفاعه الوحيد ضد من يقوم بتقطيعه، و»ينتقم» من الجميع بدفعهم إلى البكاء قبل مواجهة نهايته المحتومة. فما هو السر وراء ذلك؟
يُطلق العلماء على البصل اسم العامل المسيل للدموع، وهو عبارة عن مادة كيميائية تهيج العين بشدة.
فالبصل في حالته الطبيعية (غير المقطع) يحتوي على مركبين منفصلين هما «سلفوكسيدات السيستين» وإنزيم يسمى «الأليناز».
لكن عند تقطيعه إلى شرائح أو مكعبات أو سحقه، فإن الحاجز الذي يفصل بين هذين المركبين ينكسر، ويجتمع الاثنان معاً، مما يؤدي إلى حدوث تفاعل. ويتسبب إنزيم الألينيز في تحويل «سلفوكسيدات السيستين» إلى حمض «السلفنيك»، وهو مركب كبريتي.
من جهته قال جوزي سيلفارولي، الحاصل على دكتوراه في الصيدلة من جامعة ولاية أوهايو والمؤلف الأول لدراسة نشرت عام 2017 في مجلة الجمعية الكيميائية الأميركية «CS Chemical Biology»، حول العامل الدمعي في البصل، إن «للأحماض الكبيتية خيارين: الخيار الأول هو أنه يمكن أن يتكثف تلقائياً ويتفاعل داخل نفسه، ويصبح مركب كبريت عضوي».
كما أوضح سيلفارولي لمجلة «Live Science» العلمية أن «مركبات الكبريت العضوية هي التي تعطي البصل رائحته القوية ونكهته»، لافتاً إلى أن «هناك تفاعلا مشابها يحدث في الثوم، ولهذا السبب له نكهة لاذعة».
وأردف قائلاً: «لكن الخيار الثاني لحمض السلفنيك فريد بالنسبة للبصل وزوجين آخرين من الأليوم (جنس من النباتات)، أو جنس من النباتات المزهرة التي تنتج الخضار مثل البصل والثوم والبصل الأخضر والكراث»، مبيناً أن «هناك إنزيما آخر يدعى سينثاس العامل المسيل للدموع، يختبئ في الخلية ويلعب دوره ويعيد ترتيب حمض السلفنيك في العامل الدمعي».
كذلك أضاف أن «العامل المسيل للدموع هو سائل متطاير، مما يعني أنه يتحول إلى بخار بسرعة كبيرة. وهكذا تصل إلى عينيك وتهيج الأعصاب الحسية، وتبدأ العين بإفراز الدموع للتخلص من المهيجات».
وأكد أنه «من المحتمل أن كلا من مركبات الكبريت العضوي التي تعطي البصل نكهته الشديدة والعامل المسيل للدموع قد تطور كآليات دفاع لدى هذه النباتات»، مشيراً إلى أن «الغرض منها هو إيقاف الحشرات أو الحيوانات أو الطفيليات التي قد تلحق الضرر بنبات البصل».
ووفق مجلة «Live Science»، ينصح بارتداء النظارات الواقية أو العدسات عند تقطيع البصل، أو أي شيء يمكن أن يشكل حاجزاً بين البصل والوجه.
كما لفتت إلى أن السكين الحاد يساهم بإتلاف عدد قليل من الخلايا، الأمر الذي يقلل من إفراز هذا المركب بشكل كبير ويخفف المشكلة.