احباب الله

احلام يوسف

قد يكون العراق البلد الوحيد الذي يُحسد فيه الميت احيانا. فمن يموت ليلة الجمعة او يوم الجمعة او في ليلة القدر او يموت ميتة سريعة من دون ان يتعذب او يعذب احد معه، تتكرر جملة في عزائه بأن “الله يحبه”. فمن هم احباب الله؟
السيد اسماعيل زاير عاش حياة صاخبة بالاحداث بسبب انتماءاته وارائه ومواقفه السياسية والثقافية، وحصد ثمار تعبه ونضاله بتأسيس مشروع كان احد احلام حياته. ومع ان حياته مقارنة بثرائها المعنوي طويلة، الا ان احلامه ومشاريعه وخططه المستقبلية كانت تحتاج الى حياة ثانية وعمر اضافي وبالتالي فقد عاش حياة قصيرة بالمقارنة.
قرأنا بعد مغادرته الدنيا مقالات من البعض تعيب عليه بعض المواقف، لكن هل بيننا ملائكة الله الصالحين؟ كلنا عيوب وللناس السن، كلنا صالحين بعيون البعض واشرار بعيون البعض الاخر الذي نخالفه الرأي والرؤية بشأن شخصية ما او موقف ما او حدث ما. يحسب لاستاذ اسماعيل انه طيلة حياته كان يحارب شاتميه بسلاح لم يستعمله غيره، اذ كان يكتفي اما بالتجاهل او بابتسامة وربما ضحكة يرافقها توضيح لموقف معين تسبب بالمشكلة في حال قابلهم وجه لوجه ما يشعرهم بالخجل وتتم المصالحة من دون حاجته الى مبادلتهم الشتيمة. اسماعيل زاير كان عصيا على مبغضيه، متسامحا نقيا طيبا وانا قد عرفته عن قرب ولم اسمع عنه او اقابله مصادفة، وعندما اصفه بصفات معينة فانا اعنيها، وبناء على معرفتي به التي ازعم انها جيدة.
الى يومنا هذا وما زلنا لا نستوعب حقيقة مغادرته الحياة، كل تفاصيله محفوظة في الذاكرة الجمعية ضحكته غضبه نبرة صوته عصبيته قهقهته، ما يصعب على من عرفه عن قرب تجاوز الحدث. ما زلنا نعيش بذكرياتنا معه، بمواقفه المشرفة مع كل من عمل معه، باحاديثه بذكرياته التي كان يشاركنا بها مثلما هو الحال مع سفراته التي كان يطلعنا على تفاصيلها وكأننا شاركناه الرحلة. كلنا اصبنا بخيبة لان الدنيا لم تمهله الوقت كي يحقق بعضا من احلامه، اولها افتتاح معرض تشكيلي واخرها اصدار كتاب يدون فيه ذكرياته. كلنا اصبنا بخيبة ونحن ننظر الى صوره ونعرف اننا لن نلتقيه مرة ثانية وانه رحل الى غير رجعة.
متأملين بأن ياتي اليوم قريبا ونكمل مسيرته، خاصة المقربون من الاهل من خلال تحقيق جزء من احلامه، فالروح تظل ترفرف على محبيها طالما هناك متعلقات، وطالما ان صاحبها لم يكمل رسالته، فقد تكون تلك الخطوة سببا لادخال روحه السكينة.
انا اظن انه ينظر الينا اليوم ويراقبنا، وسيبارك كل من يسهم بجزء من المشروع انف الذكر، فروحه قريبة من الخالق، وفعل الخير يقربها اكثر، عسى ان لا يخيب املنا مرة ثانية وان نسهم جميعا بتحقيق حلم عمره ربما يساعدنا هذا بالتخفيف من الغصة التي نشعر بها كلما مر طاريه.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة