علوان السلمان
النص الشعري القصير والقصير جدا، نتاج مخاض تجريبي واع، وفق معطيات حضارية وتأملات في حيثيات الحياة المتسارعة التي تقتضي الحراك الابداعي القائم على التكثيف الجملي مع قدرة على التعبير الخالق لمشهديته بتكنيك فني ولغوي،اضافة الى قيامها على مكونات جمالية وثوابت بنائية ك(التكثيف والايجاز والاختزال الجملي والتلميح والاقتضاب والاضمار والحذف مع تصوير بلاغي يتجاوز الى ما هو مجازي ضمن تقنية الانزياح فضلا عن المعايير الكمية والكيفية والدلالية والمقصدية والضربة الاسلوبية الادهاشية المفاجئة..)
وباستدعاء المجموعة الشعرية (مواسم) التي نسجت عوالمها النصية أنامل منتجها الشاعر هشام القيسي، واسهمت دار تموز في نشرها وانتشارها /2014.. كونها تكشف عن خطاب اتصالي يثير الانفعال ويستفز الذاكرة عبر وحدة موضوعية تشكل نسقا جماليا متداخلا والفعل الشعري والاستدلالي، باعتماد الفاظ موحية تهدف الى تحقيق ذات المنتج (الشاعر) في تكوين موضوعي قائم بذاته، فضلا عن انها تعتمد نزعة سردية ومقصدية رامزة اسهمت في تصعيد الحدث والكشف عن توتر نفسي برؤية تجمع ما بين الذهني والحسي..
ترى الليل هنا في الموت
وجهه كلمة عرجاء تشك في يأسه
هل افترست الشهوة نهد الارض؟
كنت تصرخ
كنت تمر على رغبة العالم
كنت تركع / ص90
فالنص يركز على جمالية السياق المستمد من خلجات النفس السابحة في فضاء المخيلة الممزوجة بالواقع، وهو يحتضن المجاز المتخيل والتشكيل الادهاشي الذي يتشكل من دفقة شعورية موجزة العبارة، متميزة بانسياب صورها المكثفة وخيالاتها المتوهجة وحساسيتها المرهفة، مع ابتعاد عن الاستطراد الوصفي والاتكاء على الجمل القصيرة مع تركيز على الانزياح والدلالة اللذين يعدان من الاشتغالات اللغوية والبنيوية داخل النص، اضافة الى اعتماد تقنية التكرار الدال على التوكيد بدلالاته الفنية والنفسية..
هذا الغياب لا ينتسب الى تقاويمه
ولا يتجلى في هيأة كلمات اخيرة
انه يجري قبالتي كالمعتاد بلا اشارة
وازاء الليالي
لا يعرف من اين تمر معاني الستارة
ولا يعرف كيف يطأ على نشواته المهجورة /ص28
اضفائه ايقاعا وتناغما موسيقيا وتوافقا صوتيا..
فالمنتج(الشاعر) يرتكز على جمالية السياق المستمد من خلجات النفس السابحة في فضاء المخيلة الممزوج بالواقع، باعتماد السرد الشعري المهيمن الاسلوبي الذي يحيل الى حوارية منولوجية مركبة تنحصر في(الانا) المحاورة لنفسها، لتقدم مشهدا صوريا يستدعي المستهلك(المتلقي) لاستنطاق عوالمه والكشف عما خلف الفاظه، اضافة الى بث المنتج (الشاعر) مشاعره الرومانسية، الحالمة، بضمير المتكلم ولغة الاعتراف في حضرة الآخر بتعبير يمازج ما بين الوجداني والحسي لخلق لوحة مشهدية مكتظة بالخيال الخصب الخالق للنص المنسوج من الفاظ متشظية على اوتار انامله الغارقة في الشعرية السردية المعبرة عن ذات مسكونة بالسهر ومناجاة الآخر..
بصوت مرتفع
تسلقت الشجرة
واعتصمت
ناديت: البيت عهر
والكلام لا يجمع ثيابه / ص91
فالنص يعتمد الصورة المشهدية التي هي العلامة الفارقة بين الكلام المرسل والكلام الفني، والمقياس الابداعي الذي يكشف عن سمو النص وارتقائه مبنى ومعنى، اضافة الى تعدد دلالاتها في نصوص المنتج(الشاعر) محتضنة(الصورة التي تجسد رؤية رمزية او حدسية..) والتي صارت عنصرا أسهم في توسيع افق اللغة والكون السردي، فضلا عن خلق منتجه عالما متميزا بالثنائيات التقابلية داخل البنية المجتمعية بوعي معرفي وجمالي وتوظيف جمل تحمل بين طياتها افعالا متحركة اسهمت في تسريع السرد،اضافة الى تميزها بخاصية التلميح والاقتضاب والحذف والاضمار والضربة الاسلوبية الادهاشية، وهو يسبح في عالمين شعريين متداخلين(الحسي والوجداني)..
ها هو الليل يرفع اوراقه
ويتكلم
كأن الملاك يبدو لي
كأن هذا النهار هو الآخر يسلك دروبا
جديدة
ويقضي خطواته /ص115
فالمنتج(الشاعر) يبني نصه بوعي معرفي وجمالي بتوظيف جمل مكثفة تحمل بين طياتها افعالا حركية، اضافة الى تميزها بخاصية التكثيف والايجاز والاختزال الجملي والتلميح والاقتضاب والحذف والاضمار مع اعتماد المعايير الكمية والكيفية والدلالية والمقصدية..
وبذلك قدم المنتج( الشاعر) نصوصا تميزت بدفقها الشعوري الموجز العبارة مع تركيز على الانزياح والدلالة، اضافة الى تجذرها بعيدا في الاجتماعي والسياسي مع تجاوز القوالب المتوارثة وكسر رتابة الحياة والواقع بخطوط سردية متوهجة، وانزياحية متأصلة، قابضة على اللحظة بسيميائيتها الدلالية والجمالية مع توحدها والمنظور الشعري والالتقاط المشهدي…