126 ألف شخص هاجروا خلال السنتين الماضيتين من اقليم كردستان والبلاد

شباب الكرد يواجهون الموت للحصول على حياة أفضل

السليمانية ـ عباس كاريزي:

تقول التون محمد والدة الشاب سامان شريف الذي لقي مصرعه مع 27 اخرين غرقا في بحر ايجه بين تركيا واليونان الاسبوع المنصرم، ان ابني لم يكن يفكر بالهجرة وترك بلده، لولا البطالة والاجراءات القمعية للسلطات المحلية التي منعته من مزاولة عمله في بيع الاطعمة على عربته الصغيرة التي ابتعاها. 

وتضيف محمد، ان ابنها سامان الذي كان يبلغ من العمر 19 عاما ترك الدراسة مبكراً وحاول مرارا ان يجد عملاً يترزق منه ويؤمن احتياجات عائلته واخوته الصغار، الا ان دائرة البلدية كانت تمنع اصحاب العربات اليدوية، من العمل في السوق وازالوا كشكاً صغيراً قام بإنشائه من الخشب والنايلون لمزاولة عمله.

وكان سامان شريف و27 اخرين من الشباب الكرد العراقيين قد لقوا مصرعهم الاسبوع المنصرم غرقا في بحر ايجة، بين تركيا واليونان، في مسعٍى منهم للوصول الى احدى الدول الاوروبية، التي يصلها سنويا عشرات الاف اللاجئين من العراق وسوريا وايران وغيرها من دول الشرق الاوسط.      

وتشير احدث الاحصاءات التي حصلت عليها الصباح الجديد، الى هجرة 126 الف شخص من اقليم كردستان والعراق خلال السنتين الماضيتين، سعياً وراء حياة افضل لهم ولعائلاتهم.

واشار تقرير  الى ان 71 الف وخمسمئة شخص هاجروا من محافظات اقليم كردستان العام المنصرم 2019، وسلكوا من تركيا طرق تهريب للوصول الى احدى الدول الاوروبية، وطرقوا باب 35 دولة للحصول على حق اللجوء في احداها.

هذا الى جانب العشرات من الذين لقوا مصرعهم قبل ان يتمكنوا من الوصول الى مقصدهم، اذ يغرق المئات سنويا من الشباب والعائلات بأكملها جراء التغرير بهم من قبل المهربين الذين يحصلون على مبالغ كبيرة لقاء تهريب الراغبين بالهجرة.

وشهد الشهر المنصرم مصرع 51 شخصا من الكرد من كردستان العراق وسوريا بعد انقلاب  قارب كان يقلهم بالقرب من جزيرة پاكسوس اليونانية في طريقهم الى ايطاليا.

وقال اري جلال رئيس مؤسسة القمة لشؤون اللاجئين والمهجرين ان يختا غرق قبالة السواحل اليونانية الاسبوع المنصرم كان يحمل عشرات المهاجرين الكرد.

واضاف جلال انه وفقا لإحصائيات اجرتها المؤسسة، فانه فقط في عام 2019 هاجر 53 الف و240 مواطنا عراقيا، منهم 35 الف شيخ من اقليم كردستان، لاقى العشرات منهم مصرعهم بينما ما تزال جثامين العشرات مفقودة ابتلعتهم مياه بحر ايجة وغيره من البحار التي تحيط قارة اوروبا.

وقال سردار عزيز وهو مواطن من محافظة اربيل،» لقد قمت بمحاولتين العام الماضي للوصول الى اوروبا، عبر التهريب «القجق» الا انهما بائتا بالفشل وتم اعتقالي وترحيلي الى الاقليم، وتدارك الا انني لن اتراجع عن هدفي وسوف استمر في محاولاتي للوصول الى اوروبا والخروج من هذا البلد لأنه لا شيء يستحق البقاء هنا». 

واضاف اري جلال رئيس مؤسسة القمة، ان الاحصاءات تظهر هجرة 73 الف شخص من اقليم كردستان والعراق عام 2018، لقي 73 مصرعهم بينما مايزال مصير 18 منهم مجهولا لحد الان غرقوا في مياه البحر، واردف الى ان بعض الاحصاءات غير الرسمية تشير الى هجرة 300 الف شخص من اقليم كردستان خلال السنوات العشر الاخيرة، متجهين الى احد الدول الاوروبية.

وتواجه شريحة الشباب في اقليم كردستان والعراق مشكلات وازمات حادة جراء ارتفاع نسب البطالة وانعدام فرص حقيقية للعمل او التعيين على ملاك حكومة الاقليم، التي لا تملك برنامجا واستراتيجية لتوظيف، عشرات الالاف من الشباب الذين يتخرجون من جامعات ومعاهد الاقليم سنوياً.  

ويقول رهند عمر 26 عاما من محافظة السليمانية، للصباح الجديد «لقد فقدت الأمل بكل شيء وأشعر أنه لا يوجد مستقبل لي في هذا الوطن الذي لا يعرف إلا المشكلات والحروب».

 ويضيف «هذه هي المرة الثالثة التي أحاول فيها الهجرة، وما يميز هجرتي الآن عن محاولاتي السابقة هو أنه في المرات السابقة كنت أبحث عن حياة أفضل، ولكن هذه المرة أهجر وطني وعائلتي لأنني فقدت الأمل وسئمت الحياة بأكملها».

ويسلم المواطن نفسه الى شبكات من مافيات التهريب التي تملك شبكة كاملة من المهربين في كل الدول التي تقع على طريق التهريب وصولا إلى أوروبا الغربية، وهم يتواصلون فيما بينهم عن طريق الشبكات الاجتماعية، فيهربون المواطن بمبالغ مالية كبيرة إلى أن يصل المهاجر إلى وجهته المفضلة او يلقى حتفه غرقا او خنقا او يتم اعتقاله واعادته الى مسقط رأسه.

‫ويقول الباحث الاجتماعي محمد ياسين، للصباح الجديد، إن تفاقم وبروز ظاهرة هجرة المواطنين من اقليم كردستان الى الخارج مرتبطة في غالبيتها بالوضع السياسي المتردي، والخوف والصدمة التي أصابت المواطنين هنا، فالجميع يخافون على حياتهم ومستقبل عائلاتهم».

‫ويضيف أن «ظاهرة الهجرة من الاقليم قديمة قدم الحركة السياسية والحروب والمقاومة في كردستان، فلكل مرحلة سماتها، فقبل الأحداث الأخيرة وأيام المقاومة المسلحة كان الناس هنا يهاجرون بحثا عن الحرية وعن حياة كريمة».

‫‫ويضيف، «الظاهرة الأخطر من الهجرة وخيبة أمل المهاجر هو شعور جميع المواطنين هنا بالنكسة والفشل وخيبة الأمل، وشعورهم بأن وطنهم أصبح في وضع غير معروف، وهذا له تأثيرات نفسية واجتماعية خطيرة على المجتمع وعلى كل المدنيين».

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة