قالت مسؤولة فرنسية في مؤتمر صحفي ببغداد بشأن العراق ، وهي تتحث بلغة عربية ، ربما لم تكن قادرة فيها على التعبير عن افكارها بوضوح ، قالت :
“لاوقت للترجمة..”
فيما يصرخ نائب عراقي وسط البرلمان ، بشأن الوضع العراقي واستكمال تشكيلة كابينة العبادي بوزيري الدفاع والداخلية ، قال : “عدنه وكت عليش مستعجلين مو اليوم (الثلاثاء) نصوّت الخميس” !
الفرق بين العقليتين في التعامل مع الشأن العراقي واضح وبيّن ، مع ان العقلية الاولى لديها مخاوف من داعش في العراق وهي في فرنسا، فيما العقلية الثانية برلمانية ولا اقول عراقية ، وهومن يمثل بعض العراقيين المكتوين بنار الارهاب والخائفين من احتمالات حقيقية لاندلاع الازمة في البلاد الى مديات ابعد وهي ستكون اخطر.. بين “لاوقت للترجمة” و”عدنه وكت” فاصل وعي سياسي وانساني حضاري كبير من الصعوبة ردمه ، برغم ان النائب العراقي “المترهي على زمانه” يعرف ان مثالا عربيا متداولا يقول ” الوقت كالسيف ان لم تقطعه قطعك” برغم ان لااحد يعمل به ، في امة تنظر الى سرعة جريان الامم نحو المستقبل من دون ان تكون مساهمة به .. لا ادري ان كان النائب المحترم يدرك ان كل لحظة تمر على الناس ، هي لحظة مدفوعة الثمن دما ومالا ومستقبلا ، وانه في الوقت الذي كان |”يتمنطق” فيه تحت قبة البرلمان ، كانت هناك دماء تسيل وعائلات تنزح وتتشرد ووطن يتفكك واحلام تتبدد وتقتل ..
ربما لايدري السيد النائب انه في الوقت الذي كان يتعامل مع ازمة البلاد بهذه الطريقة غير المسؤولة ، كانت طائرات فرنسية تجوب سماء البلاد لاستكشاف عناصر داعش، وان الطائرات الاميركية بدأت تقصف مواقع الدواعش على اطراف بغداد ، وان قواعد تقام وخبراء يصلون البلاد ومؤتمرات تعقد من اجل العراق ، والمنطقة كلها تنتظر هذه الحرب وتتهيأ للتعامل مع نتائجها ، ومع ذلك فان النائب ، لديه المزيد من الوقت لطلب تأجيل اجتماع البرلمان حتى يتم الاتفاق على اسمي وزيري الداخلية والدفاع.. برغم ان السيد العبادي ارسل رسالة واضحة لمجلس النواب عندما قال امامهم في جلسة الثلاثاء ” لاتحملوني ما لاطاقة لي فيه ، وان الامور تتعقد وتصبح أصعب كلما مر الوقت من دون توزير الدفاع والداخلية” مذكرهم بتجربة السنوات الماضية التي كان امن البلاد الداخلي والخارجي يدار بالوكالة !!
وليس النائب هو الوحيد الذي يتعامل مع زمن الازمة بهذه اللامبالاة المريعة، ذلك ان كل قيادات الكتل السياسية تأخذ قراراتها في الدقائق الاخيرة من زمن الاستحقاقات الدستورية ، بل وتخرقها في احايين كثيرة ، فيما البلاد تحترق وهي مقبلة على حرب تكاد ان تكون عالمية !!
الفرق بين العقليّتين ، ان الاولى مسؤولة وتدرك ان اللحظات تتسرب والخطر يتمدد، فيما العقلية الثانية تتصارع على الكرسيين تاركة حلول ازمة البلاد وخطر الارهاب بيد الآخرين !!