زيادة بأمطار الخريف قد تغطي العجز بالأمطار الشتوية
دهوك – خدر خلات:
رجح خبير عراقي في إستراتيجيات والسياسات المائية، ان تتعزز التوترات بين الدول التي تتشارك بنهري دجلة والفرات، مشيرا الى ان الامطار المتوقع هطولها في فصل الخريف قد تغطي العجز جراء النقص المتوقع بالامطار في فصول الشتاء، مبينا ان النقص في موارد المياه بتركيا سيزيد من الاجهاد المائي على سوريا والعراق بشكل واضح.
وقال الاستاذ في جامعة دهوك، رمضان حمزة في حديث الى “الصباح الجديد” ان “حوضي دجلة والفرات يعدان شريان الحياة للعراق، ومواردهما المائية مهمة لتوليد الطاقة الكهرومائية والري والاستخدامات المنزلية، ليس للعراق بل لجميع دول الحوضين، وهي تركيا وسوريا والعراق وايضا إيران”.
واضاف “كما هو معلوم فان ما يقارب من 90٪ من تصاريف نهر الفرات و 46٪ من تصاريف نهر دجلة تنبع في تركيا، واستناداً إلى نماذج ومحاكاة سيناريوهات مختلفة، فان للتغيرات المستقبلية في عدة مسائل تتعلق بهذه القضية الحيوية وهي درجات الحرارة، وهطول الأمطار، والغطاء الثلجي وتصريف الأنهـار في دول حوضي نهر دجلة والفرات سيكون لها الكلام الفصـل بهـذا الشـأن”.
وبحسب حمزة فانه “بالنسبة لدرجة الحرارة، فان جميع عمليات محاكاة السيناريوهات تشير إلى زيادة في درجات الحرارة السطحية عبر حوضي نهر دجلة والفرات بأكمله، ومن المحتمل أن تؤثر هذه الزيادة المتوقعة في درجة الحرارة في مواسم الشتاء بشكل كبير على الدورة الهيدرولوجية الإقليمية، من خلال تقليل الغطاء الثلجي وتغيير موسمية الجريان السطحي للانهار”.
ومضى بالقول “اما بخصوص الهطولات المطرية، فمن المتوقع أن تنخفض معدلات هطول الأمطار في المرتفعات والأجزاء الشمالية من الحوض وفي الوقت نفسه سيكون هنالك زيادة في الأجزاء الجنوبية، وكان هنالك تغيرات في هطول الأمطار في معظم عمليات المحاكاة، فضلا عن الانخفاض المتوقع في هطول الأمطار في المرتفعات بنهاية القرن الحالي قد يصل الى ما نسبته 33٪ و من المتوقع أن ينخفض معدل تساقط الماء المكافئ في الثلج في المرتفعات بنسبة 55٪ الى 87٪ وهذا رقم كبير ومؤثر جدا”.
وحول مسألة التصاريف النهرية، يرى حمزة انه “من المحتمل أن تشهد مناطق تركيا تأثيرات مباشرة أكثر سلبية لتغير المناخ مقارنة بأراضي الدول الأخرى في الحوضين، حيث من المتوقع أن ينخفض معدل الجريان السطحي السنوي بنسبة 26 – 57٪ في تركيا بحلول نهاية القرن الحالي، ولأن معظم منابع المياه تقع في هذه المنطقة، فمن المتوقع أن تشعر جميع البلدان الأخرى في الحوض بالإجهاد المائي الكبير اونقصان التصاريف النهرية بشكل كبير جداً خلال القرن الحادي والعشرين”.
مرجحا ان يكون هناك “زيادة كبيرة في هطول الأمطار في فصول الخريف التي تم محاكاتها على جنوب شرق تركيا، مما قد يساعد على تعويض العجز في نسبة هطول الامطار في فصول الشتاء، وبالتالي الحد من صافي التغيير خلال الدورة الهيدرولوجية السنوية”.. مشددا على انه “مع ذلك ستبقى المخاطر الاجتماعية عالية والقدرة التكيفية منخفضة، مما يعزز النزاعات المحتملة والتوتر على الموارد المائية في المستقبل”.
وتتحدث الكثير من المصادر المختصة في ملف المياه ان تندلع عدة حروب بين الكثير من الدول التي تتشاطئ بانهر المياه العذبة، وبضمنها منطقة الشرق الاوسط، ويسمى الخبراء ذلك بانه قد يكون حروب المياه.
وفاقمت ظاهرة الجفاف التي تعصف بدول الشرق الاوسط منذ عقدين من شحة المياه، وعزز ذلك قيام دول المنابع الى بناء السدود العملاقة وايضا السدود الصغيرة لحجز مياه السيول والفيضانات الموسمية، وبالتالي قلل ذلك من الموارد التي تقع جنوب دول المنبع.
ومما ضاعف المخاوف في العراق وسوريا على وجه خاص، قيام تركيا بالمباشرة بمشروع (كاب) الذي يشمل 22 سدا كبيرا، والذي سيقلل من حجم واردات البلدين الى مديات يصفها مراقبون مختصون بالخطيرة.
فيما ينتقد خبراء محليون في العراق وسوريا الاهمال الحكومي والاجراءات البطيئة في معالجة هذا الملف المهم، والبدء بعمليات “حصاد الامطار” وتخزينها وعدم السماح بضياعها في المياه المالحة، لكن اية بوادر في هذا الشأن ما زالت غائبة وليس هنالك عمل جدي ومشاريع استراتيجية قد تقلل من هذه المخاطر المستقبلية.
ويرى اخرون ان الاوضاع السياسية في العراق وسوريا، اجبرتهما على تأجيل الاهتمام بهذا الملف الذي يعد ثانويا قياسا بحجم التحديات الارهابية التي ارهقت البلدين وعمقت من المشكلات على شتى الاصعدة.