عبد الغفار العطوي
المرأة في كل اطوار حياتها تدرك ان ذاتها هي الاهم هي مركز وجودها ، فإليها تبعث الرسائل المشفرة ، و حينما تشاء ان تعبر يكون ضمير الأنا متفوقا لديها ، و هي تتحس سمات الجمال المسرع الى الزوال في عمرها القصير مهما امتد و توجه الاتهامات الملتهبة في الخفاء الى الزمن ، و تعتبره اول خيانات الجسد ، مثلما يجري حصر الانوثة في اجزاء محددة من الجسد ذاته ، فليس كل ما في الجسد مطلوبا او شرطا للأنوثة ، بل إن بعضه مضاد و مناف للأنوثة (2) لهذا تتحسس الشاعرة ليلى السيد إن التغير في الوقت له طعم الخيانة ، الوقت المرتبط بالأنوثة ، لكن الازمة في الوقت و جريانه ينتميان الى تحريض اللغة التي تقوم على التمييز الجنسي في إبداء النظرة الاحتقارية للمرأة خاصة في الادب باعتباره اشتغالا في اللغة (3) لذا الازمة التي تعانيها الشاعرة هنا ازمة الشعور بالعداء الباطني للأنوثة في الوقت المار بسرعة البرق ، الازمة التي تجتاح النساء المخذولات الهوية ، أزمة ميديا التي تحملها المرأة نتيجة الثقافة الذكورية التي توطنها فيها حيث تنشأ النساء في مجتمع ينحو الى تصغيرهن و إنكارهن و تربيتهن على الفضائل السلبية في التفاني و الخنوع و الصمت (4)
1- تشكل عتبة ( كرز و مطر ) في ال(إهداء) حجر الزاوية في فهم الآثار التي تترتب على مفهوم الخطيئة في خطايا المرأة الأنا و المرأة و الالهات على السواء ، الخطيئة المتأرجحة بين الحب و كراهية العالم ، بين الشعور بالدناسة و الشعور بالقداسة ، عبر بوح طويل مقطع الى (81) مقطعا ، البوح بطعم الخيانة التي تكابدها المرأة في عالم ذكوري مقيد بنظام بطريركي ابوي ، ليس بمقدورها التكلم الا بصوت و رجع الرجل
أيشتهيك البحر ؟
أيخرجك من عباءتي أرضا
تدجج المستباح من محبرتي ؟
اعلم يا من أغوتك إنسيتك
إنك موبوء بمس قدسي لا يناله إلا من اطمأنت لحنانه 7 و لعل الشاعرة و هي تقر في ال(إهداء) في إنها ( أتكلم) في الأنا الحاضرة الآن فإنها تعني غياب ال ـ أنت الذكوري المدان في كل تجلياته
حين يدعوك الليل لاحتراف عتمته
قل له: مازال قمري بين ذراعي ادعوه فيجيب سكري 9
لكن ال- انت بالنسبة لها يظل يشكل صدى انثويا ضعيف البنية تغلب عليه حاسة الخيانة التي يفتعلها ال – الغائب لهذا يطيب لليلى السيد ان تعطي انطباعا بأن الخطيئة مشتركة قداس- دنسية منحوتة من بؤرة دلالية تتمحور حول ان ازمة الخيانة طرفها المحرض الرجل ، و لا دخل للشيطان في تلك الخيانة
من قال للشيطان ان يطمئن و هو في خمر فمها ؟
من قدم للشيطان لونه الادمي؟
ألبسك و امزقكو اخيط من حممك عنفواني
من جاء بي الى حروفك| و أنا الزهرة الوليدة
و انا المخلصة له فيك 12
2 – اهتمام المرأة بالعناوين لإيحاد اولا علاقة بين المتلقي والنص الادبي تقبل الكثرة و التنوع ، العنوان باعتباره نصا مصغرا لسننه الخاص او من ناحية تداولية تعويضا عن غياب سياق الموقف بين المرسل و المتلقي (5) و ثانيا في كشف لغز العنوان المكون من مقطعين ـ كرز | مطر اللذين وجدا دلالتهما في صورة الغلاف الاحمر و ايحاءاته اللونية بالأحمر و الأبيض ، و يمكن حصر موقفين متناقضين من الصورة ، فمن جهة هناك التأمل الذي يحيل على المظهر الصوري للصورة ، و هناك من جهة اخرى الفعل الذي يرتكز على فهم و تشخيص و فك رموز الرسالة ( 6) صورة الغلاف أوصلت الرسالة عاجلا
لنفهم ان رسالة الشاعرة تتقول على ان مقطعي العنوان يدل على علاقة ما بين الانثى و الذكر او المرأة و الرجل كرز و مطر في لقاء جسدي
ارأف بي ثلج قلبي – – – جسدي مضمر لبعد يدك
عنه – – –
امزج يدك برغبتي ربما اذابت حرارتكما صقيع القلق
و هو يستبد بمزاج قدمي
انا شجرتك العارية
و الورق منك يفصل | فاقرأ تاريخ اغصاني 16
إحالات
1 – كرز و مطر ليلى السيد منشورات الجمل الطبعة الاولى بيروت – بغداد 2013 شاعرة من البحرين و ميديا بطلة مسرحية يوربيدس اليوناني
2 – المرأة و اللغة ـ2 ـ ثقافة الوهم مقاربات حول المرأة و الجسد و اللغة عبد الله محمد الغذامي المركز الثقافي العربي المغرب الطبعة الثانية 2006 ص51
3 – انثى اللغة اوراق في الخطاب و الجنس زليخة ابو ريشة دار نينوى دمشق 2009 ص 75
4 – السرد النسوي العربي من حبكة الحدث الى حبكة الشخصية د- عبد الرحيم وهابي كنوز المعرفة عمان الطبعة الاولى 2016 ص 85
5 – المصدر نفسه ص 51
6 – المصدر نفسه ص 54