مالك مسلماوي
الثقافة بمفهومها الواسع تتأثر بتوفر جملة عوامل، أهمها طبيعة النظام الاجتماعي والسياسي والمزاج العام ضمن المرحلة التاريخية وما تحتمه الاوضاع التي يعيشها المجتمع.. والحديث عن تلك العوامل معقد في مجتمعنا في الوقت الحالي، ف(ازدهار) النزعات الطائفية والقبلية والعنصرية والدينية مع ضمور مفهوم المواطنة وسكونية الوعي وتفشي الفساد والأمية ومصادرة الحريات وغير ذلك، جعلت مهمة المثقف والمؤسسة الثقافية مرهقة وعسيرة في مجتمع ينظر إلى المثقف بريبة وحذر! ولا يمكن أن تحقق الثقافة في هذه الحال، أهدافها كاملة. والغريب أن هذه الظواهر المرضية تسللت بعناد إلى الوسط الثقافي وعرقلت تطلعاته الحضارية السامية ونوايا التغيير المؤجلة دائما.
واذا كان المهم في هذه الفرصة تناول الثقافة في فضائها (المعرفي و الجمالي)، فالمراقب يشهد حراكا ثقافية حثيثا وواسعا وضمن برامج وخطط، يعاب عليها أحيانا العجالة والنمطية ( منصة/ جمهور).
و من خلال تعدد المؤسسات وما تقدمه من فعاليات شبه يومية وبمشاركة مقبولة من شريحة المثقفين على مختلف تخصصاتهم.. مع الإشارة إلى تفاوت في نسبة الجمهور الحاضر حققت المؤسسة الكثير على مختلف المستويات… لكن تحت ضغط العوامل التي أشرنا إليها انطبعت ثقافتنا بالنخبوية، فهناك برزخ بل برازخ بين الميل الشعبي ومزاج النخب المثقفة، لذا انعدم أو كاد حصول أي تأثير على الصعيد الاجتماعي! الأمر الذي أدى الى وقوع المواطن العادي بأيدي قوى رجعية مضادة للتغيير الذي تدعو إليه النخب الثقافية.
ومثلما تتعدد الأزمات على الصعيد الاجتماعي والسياسي، هناك أزمات على صعيد الثقافة.. فالتهميش والتسقيط والاستعلاء والمزاجية والتكتل و تحكم العلاقات الشخصية والمصالحية، ما زالت تبعد الثقافة عن شكلها ومضمونها الأصيل.. ويبقى لإدارة المؤسسة الدور الكبير والحاسم مع صفوة المثقفين الحقيقيين في الحد من هذه الظواهر المدانة.
المعول عليه في ثقافتنا هو مؤسستنا الرسمية “اتحاد أدباء وكتاب العراق”
ذات التاريخ والتجربة الكبيرة وبإسناد شريحة كبيرة من المثقفين الأصلاء..
واشهد أن ما انجزته الإدارة الحالية لشيء كبير و مفرح.. كما أن الاتحادات الفرعية تعمل على وفق امكاناتها المتاحة، وتقدم ما بوسعها من مبادرات حميدة..اخص هنا-نموذجا- اتحاد أدباء وكتاب بابل.
ونأمل خيرا في المؤسسات الأهلية المستقلة، فهي داعم مهم للثقافة العراقية…
ومثلما هناك ملاحظات في عملنا المؤسسي هناك ملاحظات على غيره، فالصالونات والمنتديات الأهلية تسعى لأن تكون أقرب إلى النوادي الاجتماعية التي همها إحياء المناسبات الاجتماعية والدينية والانشغال بما (كان) عما هو كائن وما سيكون!
ما تقوم به المؤسسات الثقافية الآن، وعلى الرغم من كل ما ذكر، فهو مرضٍ، وعلى الإدارات العمل على تطوير وسائلها وعدم الاكتفاء بأعضائها المخضرمين ونسيان الشباب وأدباء المحافظات، فمنهم من لم تتح له فرصة المشاركة بمناسبة او فعالية او مهرجان، وألا يذكروا في موسم الاشتراكات فقط. على الادارة أن تقيم ندوات حوار موسعة لمناقشة الوضع الثقافي والتحديات.
وعليها مسؤولية إيجاد مقرات ثابتة لاتحادات المحافظات، وانهاء معانات طويلة، وسيكون انجازا كبيرا يفوق كل الإنجازات.. وانا على يقين من كفاءة وقدرة الادارة على تحقيق الأفضل دائما.
الثقافة.. بين “النخبوية” والنمطية المؤسساتية

التعليقات مغلقة