غائب طعمة فرمان أنتج لنا أرثا خالدا: روائيا وقاصا وصحفيا وكاتبا سياسيا

كاظـم بهَـيّـة
يشغل الروائي العراقي الراحل غائب طعمة فرمان (1927ـ محلة المربعة- بغداد ) مكانة خاصة في مسيرة الرواية العربية عموما. والرواية العراقية بشكل خاص فهو معلم مهم من معالم الرواية الحديثة. وبشكل خاص في منحها الواقعي، أما في تاريخ كتابة الرواية في العراق فهو يعد في نظر غالبية النقاد والباحثين، الروائي الذي دشن مرحلة النضج الفني في مسيرة الرواية العراقية منذ منتصف الستينات “. هكذا تحدث فاضل ثامر عن الروائي والقاص غائب طعمة فرمان. فمن الباب الأدبي دخل عالم الصحافة هذه التجربة التي أضافها (غائب) إلى تجربته في الرواية والقصة والكتابة في مجال السياسة والترجمة وهي تجربة غنية له ، حيث استمرت منذ مقاله الأول الذي نشر له في جريدة (الشعب) وبالضبط عام 1944م منطلقا من مقولة الروائي العالمي همنغواي الذي يقول فيها: (لا بأس في العمل الصحفي في مطلع حياة الأديب) وهذا عين الصواب فعلا لأن العمل الصحفي مختصر على الكتابة ونقطة النقاء بالحياة المعاشة. فكان غائب طعمة فرمان. يعتبره محفزا له شرط إلا ينهمك الأديب ويستنفذ كل طاقاته، منذ ذلك الوقت تعرف بالصحفي حميد رشيد مسؤول الصفحة الأدبية في جريدة الشعب، ومن ثم انتقل إلى الصفحة السياسية. فأخذ يكتب عندما ذهب في أواخر عام 1947 إلى جمهورية مصر العربية ، حيث عمل في مجلة العالم العربي التي كان مراسلا لها في بغداد ، يقول عنها في احد لقاءاته: ((كانت مجلة جديرة من حيث الإخراج والتناول الصحفي، وفعلا أدت دورا جيدا في النطاق العربي. كان شيئا جديدا على الصحافة أن تصدر في مصر آنذاك مجلة تحمل اسم العالم العربي، لقد عمل في تلك المجلة براتب شهري قدره (ستة جنيهات مصرية) وعن طريق د. زكي مبارك اتصل بجريدة (البلاغ) ومن ثم عمل بجريدة (الثقافة) لأحمد أمين ،وكان محرر باب (في دوائر الأدب والفن) واستمر في عمله ذلك حتى 1950م قبل عودته واستقراره في البلد وبالضبط عام 1949م تعرف على الشخصية الوطنية كامل الجادرچي والكاتب السياسي المعروف عبد المجيد الو نداوي فمن خلال كتابته بمقالة عن (سلامة موسى) أعجب بها الجادرچي، فطلب منه أن يكون مراسلا لجريدة (الأهالي) في مصر فكانت أو جريدة عراقية لها مراسل في الخارج يقول (غائب) عنها: “كانت رسائلي إلى أهلي تنشره تحت عنوان (القاهرة من فلان) وهو تقليد مصري استخدمته الصحافة العراقية “. وبعد رجوعه واستقراره في البلاد عمل محررا دائما في (الأهالي) جريدة الحزب الوطني الديمقراطي في العراق كان هذا عام 1951م يحمل محررا في قسم الكتابات السياسية ومترجما للفرنسية فيها. فكان يستفاد منه كونه أديبا وقاصا في صياغة جمل المقل الذي كان يكتبه (الجادرچي) يقول عنها (فرمان): (لقد كان يردد دائما: أنت تهتم بالصيغ الأدبية، لذلك يلجأ لي حينما تكون هناك حاجة إلى روح السخرية) لأن سبب هذا اللجوء لكون الصورة الأدبية هي الأداة لنيل التأثير المطلوب. في مقال الافتتاح لجريدة سياسية مثل الأهالي وظل يعمل في الجريدة حتى إغلاقها عام 1954 لمعارضتها الوطنية ضد النظام الرجعي آنذاك. لكونها كانت مركز استقطاب للقوى الديمقراطية والتقدمية. وكانت تستوعب الكثير من التيارات في الحركة الوطنية وكانت تتعامل مع فئات وطنية متعددة منهم اليساريون، فيقول فرمان: (كان المرحوم الجادرجي لا يمانع في نشر وجهة نظرهم ولكن. بدرجة لا تؤثر على نهج الأهالي الخاص). وهكذا كان الروائي والقاص والمترجم غائب طعمة فرمان، صحفيا وكاتبا سياسيا، لكنه اضطر معظم سنوات حياته حتى رحيله في موسكو في عام 1990، خارج الوطن الذي نشأ وترعرع فيه. ومن الجدير بالذكر ان الراحل غائب طعمة فرمان. أنتج لنا أرثا خالدا. منذ الخمسينات فقد سبق له أن نشر مجموعتين قصصيتين هما (حصيد الرحى) 1954م و(مولود آخر)1959م إضافة إلى رواياته المعروفة كل من: (النخلة والجيران 1966م )و(خمسة أصوات 1967م) . و(الخاص 1974م ) و(القربان 1975م) و(ظلال على النافذة 1979م) و(آلام السيد معروف 1982م) و(المرتجى والمؤجل 1986م) و(المركب 1989م).وغيرها من المؤلفات العديدة (يكاد يكون غائب طعمة فرمان الكاتب العراقي الوحيد الذي يركب أشخاصه وأحداثه في رواياته تركيبا حقيقيا) هكذا وصفه جبرا إبراهيم جبرا ، الذكر الطيب لغائبنا الحاضر بيننا دائما.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة