أزمة التشريع في العراق

سلام مكي

تمثل العملية التشريعية في العراق وفي كل الدول، مفتاح التقدم والتطور العلمي والمجتمعي، وهي النافذة التي يدخل الأمن والاستقرار من خلالها الى الدول، لأن الحياة العامة، لا يمكنها أن تسير دون وجود قانون ناضج، يؤطر العلاقات الإنسانية، ويحمي الحقوق، ويفرض الواجبات على الأفراد. ونلاحظ أن الدول المستقرة، تمارس عملية التشريع بكل هدوء، وحسب الحاجة التي يفرضها الواقع. والسلطة التشريعية في أي دولة مستقرة، سياسيا وأمنيا، يستقرئ الحاجة للقانون، ومدى أهمية وجود نص قانوني لتنظيم العلاقات بين الأفراد داخل المجتمع، أو لغرض استحداث دائرة جديدة أو منصب جديد، وفق الحاجة التي تتطلبها الظروف. مجلس النواب العراقي، وبسبب طبيعته التي تحكمه منذ انعقاد أول جلسة له، ولغاية رفع آخر جلسة بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني، يعاني من أزمات لا عد لها ولا حصر، لعل أبرزها عدم قدرته على تشريع القوانين، وفقا للمتطلبات العامة للدولة، بل يشرع القوانين وفقا للمتطلبات السياسة للكتل، والتوافق الذي يحصل بينها على القوانين. للأسف في الدورات السابقة، كان البرلمان يجتهد في تشريع القوانين المهمة التي ساهمت الى حد كبير بإشباع حاجة البلد من القوانين والتشريعات، رغم أن الظروف هي نفسها، كما يفترض أن تقدم الزمن، ونضج التجربة السياسية، يجعل من الخلافات تتلاشى، والتشظي السياسي يكون من الماضي! لكن يبدو أن القادم أسوأ من الماضي.

مجلس النواب اليوم يعاني من عدم قدرته على أداء دوره التشريعي والرقابي، فهو محكوم بسياسة جديدة، ظهرت مؤخرا، لتشكل عائقا أمام تشريع القوانين، فبالأمس كانت معضلة القوانين الجدلية، والتي تسببت بتأخر تشريع الكثير من القوانين، وتعطيل عمل المجلس. والقوانين الجدلية هي التي سببت جدلا برلمانيا وشعبيا واسعا ولازالت. وهي قوانين العفو العام والأحوال الشخصية والعقارات. تلك القوانين كشفت عن أزمة كبيرة داخل مجلس النواب تتمثل بعدم الثقة بين أعضاء المجلس أو بالأحرى بين الكتل السياسية، حيث أن تلك القوانين تم التصويت عليها دفعة واحدة في حادثة غير مسبوقة لا في البرلمان العراقي ولا في كل البرلمانات الأخرى!

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة