حريّة الرأي ” الهدّام “!

رعد العراقي
لم يعد في القوس منزع ولا عقل يستوعب ما يجري في الساحة الرياضيّة وسط صمت مُطبق لا حراك فيه ولا قانون يشرّع ولا خطوط ترسم حدود المنطق!.. انفلات عجيب واستسهال غريب ولعب على أوتار الوطن يتاجر فيه البعض على حساب عقول الأجيال وأذواق المشاهدين، لا تردعه حقوق ولا تلجمه شرائع يستسهل الصعب والمحظور ويُصعّب السهل والمُباح ليخلق منها فتنة تشاع.أيّ زمن نعيشه يرتفع فيه التافهون ويُعزل فيه المبدعون بين زوايا النسيان؟!
نتساءل: أليس هناك من يمعن النظر جيّدًا ويفعّل خاصيّة تشذيب الغثّ من السمين؟ هل وصلنا إلى حدود أن نرضخ للطارئين مهما ساء خطابهم وأوغلوا في بثّ سموم أفكارهم وتلاعبوا بكلماتهم واستخدموا زورًا حلاوة لسانهم في إثبات أنهم حُماة الرأي والمُدافعين عن أوطانهم!.. نعم أيها السادة، من يغضّ النظر متعمّدًا يصبح شريكًا عن خطورة بعض البرامج الرياضيّة وما تطرحه من أفكار ومواضيع هدّامة تسيء تحت يافطة (حريّة الرأي) أصبحت كقنابل موقوتة تقترب من الانفجار لتطيح بكُل القيم والمبادىء التي كانت ولازالت عنوان للرياضة العراقيّة منذ تأسيسها تسعى إلى توثيق العلاقة بينها وبين أبنائها وبين محيطها الخارجي!
اليوم ..أصبحت الإثارة والبحث عن الشهرة ومحاولة إثبات الأفضلية هي من تفرض وتحدّد شكل وطبيعة المواضيع التي تطرح بالبرامج الرياضيّة، وهي كذلك من تحدّد نوع وتوجّهات الضيوف، ثم تتحوّل تلك البرامج إلى ساحات للصراع ومناطق تسقيط بالشخوص والمؤسّسات تفرض على المشاهد سماعها وهو يظنّ ويعتقد أن الشاشات لا تعرض إلا أفكار وطروحات محترمة وموثوقة وأن الضيوف هُم من عليّة القوم وأكثرهم خبرة وعلمًا ومنطّقًا، وتلك أوّل مراحل الخداع والاحتيال على عقول البسطاء!
ثم تستمرّ عمليّة المُخادعة حين يستثمر بعض الإعلاميين، من مقدّمي البرامج، مواقع التواصل الاجتماعي تحت ذريعة حسابه الشخصي في تمرير أفكاره ومخطّطاته وحصد الاصوات ملتحفًا بالحرص والوطنيّة ليثير مواضيع معيّنة بطرق ملتوية ظاهرها (حق) وباطنها (باطل) وهو يدرك أنها ستخلق أجواء من الخلاف والشقاق هي من تؤمّن انتشار منشوره وتردّد اسمه وتجيّر ذلك لإشهار برنامجه حتى وإن كان على حساب سُمعة الإعلام والرياضة العراقيّة، بل وسُمعة البلد!.. دليلنا على ما نطرحهُ أن الشارع الرياضي بات يدرك توجّهات كُل البرامج الرياضيّة وحتى توجّهات الضيوف ومواقفهم تجاه الشخوص والمؤسّسات الرياضيّة وهو ما خلق انشقاق واصطفاف بين الجماهير!.. لدينا مقدّم برنامج مؤيّد لهذا الاتحاد وكُل مواضيعه للتمجيد به ويدفع عنه أي شبهة أو خطأ وهناك مقدّم آخر معارض للاتحاد ولا همّ له سوى التسقيط والإساءة وانتهاز أي زلّة لنشرها والتشهير به!!
في وقت أن الموضوعيّة والمهنيّة المُلتزمة والمناقشة العلميّة وفق مبدأ التشخيص وطرح الحلول كخيار يستهدفه البرنامج بغضّ النظر عن المواقف الشخصيّة أصبح بعيدًا عن توجّهات تلك البرامج.ولم يقف الأمر عند خلاف التوجهات، بل ذهب نحو الصراع والاتهامات والتشابك اللفظي بين مقدّمي البرامج في مشهد مُخجل يثبت انهيار مبادئ العلاقة بين زملاء المهنيّة ويؤكّد على أن المنافسة باتت تنحصر لاغراض شخصيّة بحتة بعيدًا عن جودة العمل والأداء!
أما أخطر ما في الأمر هو مبدأ إباحة تناول أي موضوع والتدخل السافر في أعمال المؤسّسات الرياضيّة حتى وإن كانت لها خصوصيّة إداريّة ومحاولة تطويعها تحت وصف السبق الصحفي أو حريّة الرأي وهو ما بدأ يشكّل معضلة حقيقيّة تسبّبت في مواقف عدائيّة وخلافات في الوسط الرياضي، بل وانتقلت نحو خلق شقاق بعلاقتنا الخارجيّة مع بعض المؤسّسات الرياضيّة والشخوص والجماهير الخارجيّة بدوافع معيّنة تسبّب في إثارة الرأي ودفع بعض المعلّقين في مواقع التواصل الإجتماعي باتجاه الإساءة وحتى التجاوز بكلمات نابية، ومن ثم خلق أجواء متشنجة في خطوة تستهدف الحصول على التعليقات والإعجابات بعيدًا عن أي احساس وطني ومهني!
نقول..آن الأوان أن يدعم جميع الصحفيين والإعلاميين الملتزمين اتحاد الصحافة الرياضيّة ممثلاً برئيسه الزميل خالد جاسم نحو مقترح تشكيل لجنة من خبراء المهنة تحت مسمّى (لجنة مُراقبة البرامج الرياضيّة) ومنحها صلاحيّات التقييم والمتابعة وفرض إجراءات رادعة بحقّ كُل من يخرق “ميثاق العمل المهني” تصل إلى حدود سحب بطاقة الانتماء لاتحاد الصحافة الرياضيّة وإعلان عدم ارتباطه به واسقاط صفته الإعلاميّة الرسميّة مع تقديم تقييم سنوي لأفضل البرامج لتشجيع الآخرين على الالتزام بمبادىء العمل، إضافة إلى التوجّه نحو تعضيد العمل والإجراءات مع “هيئة الإعلام والاتصالات العراقية” لشمول البرامج الرياضيّة بالمُساءلة في حالة تجاوز أي حدود لعملها أسوة بالبرامج السياسيّة التي تجد بها إساءة وخطورة فكريّة!نرجو ألا يتذرّع البعض بحريّة النشر المكفولة دستوريًّا، فلاحريّة تُباح لكُل من يستهدف تجهيل وإفساد الأجيال!

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة