حيدر اسماعيل
لا شك أن كرة السلة العراقية تعيش واحدة من أسوأ مراحلها، حيث يبدو أن غياب التخطيط السليم والرؤية الواضحة قد أدى إلى نتائج مخيبة للآمال على كافة المستويات. الخسارتان الأخيرتان للمنتخب العراقي أمام الأردن والسعودية ليستا مجرد تعثرات عابرة، بل هما انعكاس واضح لسوء إدارة الاتحاد العراقي لكرة السلة وافتقاره للأفكار التطويرية التي تواكب التطور الرياضي في المنطقة.
أبرز المشكلات التي تواجه اتحاد كرة السلة هي افتقاره لخطة بعيدة المدى تضع المنتخب والأندية على مسار التطور المستدام. ففي الوقت الذي تتبنى فيه الاتحادات الرياضية في الدول المجاورة استراتيجيات طويلة الأمد تبدأ من تأسيس أكاديميات للشباب وتطوير اللاعبين منذ الصغر، نجد أن الاتحاد العراقي لا يملك رؤية واضحة لبناء جيل جديد من اللاعبين قادر على المنافسة إقليميًا ودوليًا.
التخطيط طويل المدى لا يقتصر فقط على إعداد اللاعبين، بل يشمل أيضًا تطوير المدربين، تحسين البنية التحتية للأندية، وتنظيم مسابقات قوية تعزز من جاهزية اللاعبين. ولكن للأسف، يبدو أن الاتحاد العراقي مشغول بمعالجة المشكلات اليومية على حساب التخطيط المستقبلي، ما يؤدي إلى استمرار الأزمات دون حلول جذرية.
الأندية العراقية، التي تعد المورد الأساسي للمواهب، تعاني من غياب التنسيق بينها وبين الاتحاد. الاتحاد لا يمتلك آلية عمل مشتركة مع الأندية لتطوير اللاعبين أو إشراكهم في برامج تدريبية متخصصة. وبدلاً من أن تكون الأندية شريكًا استراتيجيًا، نجد أن العلاقة بين الطرفين تتسم بالفوضى وغياب الانسجام، ما يحرم المنتخب من قاعدة قوية من اللاعبين المدربين بشكل جيد.
إضافة إلى غياب الخطط المستقبلية، يفتقر الاتحاد إلى حلول فورية لتجاوز الأزمات الراهنة. فالخسائر المتكررة للمنتخب ليست فقط نتيجة ضعف الإمكانات، بل أيضًا بسبب غياب التخطيط السريع لتدارك الأخطاء، سواء من خلال تحسين إدارة المباريات أو استغلال الطاقات الحالية بشكل أفضل. المشكلة ليست في خسارة مباراة أو اثنتين، بل في عدم وجود خطة واضحة لمعالجة القصور وإعادة بناء الثقة بين المنتخب والجماهير.
الرياضة اليوم أصبحت صناعة تعتمد على الابتكار والتطوير، ولكن الاتحاد العراقي لكرة السلة لا يبدو أنه يدرك هذه الحقيقة. في الوقت الذي تتبنى فيه دول المنطقة استراتيجيات حديثة تشمل استخدام التحليل الفني الرقمي، التعاون مع الخبراء الأجانب، وزيادة الاستثمارات في هذا المجال، نجد أن الاتحاد العراقي لا يزال يعمل بعقلية تقليدية تفتقر إلى الإبداع والرؤية.
إن وضع كرة السلة العراقية لن يتحسن إلا إذا قرر الاتحاد اتخاذ خطوات جريئة وواضحة. البداية يجب أن تكون من خلال وضع خطة بعيدة المدى تمتد لعشر سنوات، مع ضمان التنسيق الفعال مع الأندية لتطوير اللاعبين وتوفير بيئة صحية للنمو. إلى جانب ذلك، يجب على الاتحاد أن يركز على إيجاد حلول آنية للأزمات الحالية، مع إدخال أفكار متطورة تواكب ما يحدث في المنطقة والعالم. بدون ذلك، ستبقى كرة السلة العراقية رهينة التخبط والإخفاقات، وسيستمر نزيف النتائج والمواهب دون توقف.