بغداد – مآب عامر :
ليلى الخضري شغوفة بالعمل التطوعي، وفي الواقع، أنها أيضاً تعشق الفقراء والأيتام والمرضى و”أي شيء متعلق بمساندة الأخرين”.
لذلك فلا عجب أن سكرتيرة رابطة المرأة العراقية فرع محافظة بابل تعمل من خلف الكواليس، ولا نجد لها صورا ولقاءات فيدوية في الإعلام، كما تقول عبر حديث لجريدة “الصباح الجديد”: “أحب العمل بعيداً عن الظهور والأضواء”.
وليلى محمد الخضري التي حصلت مؤخرا على درع التمييز بالعمل الإنساني، من مواليد ١٩٥٨ أكملت دراستها الإعدادية ثم التحقت للعمل كموظفة في مديرية زراعة بابل حتى تقاعدها، وهي عضو في رابطة المرأة العراقية فرع بابل، وعضو تأسيسي في فريق تطوعي إنساني للأيتام والفقراء والمسنين، وعضو في فريق تشجير بابل “عراقنا اخضر” بزرع الشتلات والأشجار بين المحافظات، شاركت بمؤتمرات وندوات تثقيفية للمرأة وحصدت العديد من التكريمات ودروع التميز في العمل الإنساني.
وعلى مدار السنوات الماضية، والخضري التي تتمتع بخبرة كبيرة في هذا الشأن، تعمل على مساندة الفقراء وتقديم الدعم لهم. وتضيف: بدأت الفكرة في تسعينيات القرن الماضي عندما لم يكن هناك فرقاً تطوعية بهذا الشكل المنظم وبمساع فردية، حيث طرحتُ على عدد من الصديقات عندما كنت موظفة في مديرية زراعة بابل فكرة مشاركتي في تقديم المساعدة للمحتاجين، وتحديداً الأيتام والمرضى. ومضت تقول: منذ عشرين عاماً وأنا أعمل في فريق تطوعي.
وبعد مدة، وتحديداً أبان تهجير سكان المناطق الغربية في العام 2015، وقدومهم إلى مدينة الحلة تمكنت الخضري من تجمع مبالغ مالية من زملاء عملها الوظيفي وشراء مقتنيات خاصة من أغطية وثياب وغير ذلك من احتياجات إنسانية وغذائية عبر حملة تطوعية.
وتتحدث الخضري عن فريق العمل الذين يحمل أفراده المتطوعين من مختلف التخصصات الأكاديمية والتربوية، فضلاً عن انضمام العمل معهم من لا يقرأ أو يكتب كالعمال والفلاحين، وغيرهم من حاملي شهادات الدبلوم والبكالوريوس والماجستير والدكتوراه وهناك من بينهم من لديه خبرات أجنبية، وجميعهم يحاولون التبرع بهذه الخبرات لمن يحتاجها.
كانت ليلى الخضري من اللواتي قدن الحملات الإنسانية، مثل حملة تعنى بجرحى العمليات الإرهابية آنذاك، واستمرت لعامين عبر تبرع بالدم من قبل موظفين وموظفات بشكل رسمي في مصرف الدم في محافظة بابل إلى جرحى الهجمات الإرهابية، والعمليات الحربية والحشد الشعبي.
وتتحدث الخضري عن عملها سكرتيرة رابطة المرأة العراقية فرع محافظة بابل لمدة خمسة أعوام، قائلة: لقد قدمت الكثير للمرأة التي تعاني من التهميش والظلم.
ساهمت الناشطة في إقامة العديد من الفعاليات التي تبرز وجود المرأة ومكانتها مثل الاحتفال باليوم العالمي للمرأة, وتوزيع الهدايا على النساء العاملات في المعامل لأنهم الطبقة الكادحة, فضلا عن الاحتفاء بعيد الأم حيث الندوات والورش المعنية بتوثيق العنف ضد المرأة ومناهضته، ونشر الثقافة بالقرى والأرياف عبر توزيع القصص للأطفال البعيدين عن المدينة، كما توضح “أهتم كثيرا بتعليم الأطفال وأركز على توعيته, لقد كنت وما زلت أحمل معي جميع الأوراق والألوان عندما أزور القرى لعدم قدرة هذه الشريحة من الأطفال على الوصول للمدينة”.
كما وتمكنت من توفير ماكينة الخياطة وقطع القماش لمهجرات من “تلعفر” الذي يحوي على عدد كبير من النساء، وشرعت بتدريبهن على التفصيل وخياطة الثياب كي يتمكنن من العمل وتوفير لقمة العيش.
لم يقتصر الأمر على ذلك فقط، إذ عمدت الخضري إلى الاستماع لكثير من النساء ومحاولة ايجاد الحلول الناجعة لمشكلاتهم وخاصة الأسرية منها، فضلا عن زيارة مرضى الثلاسيميا والسرطان على مستوى المحافظات القريبة كالنجف وكربلاء.
ودأب فريق الخضري التطوعي على زيارة الايتام ومساندتهم وتشجيعهم على النجاح والمثابرة والاستمرار بعيداً عن شعورهم بالعزلة من خلال أقامت الرحلات الترفيهية لأيتام محافظة بابل وأسرهم إلى أربيل أبان فترة هطول الثلوج، وكذلك زيارة دار رعاية الايتام وخاصة خلال المناسبات وتوفير الهدايا وغيرها.
ولم يغب عن بال الخضري وفريقها التطوعي زيارة دار المسنين وتجمع التبرعات من الخيريين وميسوري الحال لتلبية احتياجات وأدوية وثياب وتغطية بعض النفقات التي يعجز الكثير منهم عن توفيرها مساهمة في إيجاد بعض الحلول لهم.
وتسعى الناشطة إلى أن تنقل رسالتها في الحياة لكل ما استسقته من علم وثقافة وتجارب أمومة وسفر وندوات ومؤتمرات إلى الأجيال الجديدة كي يبنون الوطن بكل حب وجدية وتفانٍ.