مقايضة القوانين

سلام مكي

في كل برلمانات العالم، يتم تشريع القوانين بناءً على الحاجة الاجتماعية والسياسية لها، فيكون تشريعها حسب الأولوية والحاجة الملحة لكل قانون، ولأن البرلمان يمارس السلطة نيابة عن الشعب، ومن صور تلك السلطة تشريع القوانين، التي يفترض أنها نابعة من الحاجة الفعلية للشعب، بوصفه المصدر الأساس للسلطات، وصاحبها الشرعي. أما لدينا في العراق، فإن تشريع القوانين، يكون من منطلقات سياسية، تنبع من حاجة الأحزاب السياسية والكتل التي تدير الدولة، فلكل كتلة متطلبات، لا تتحقق إلا بموجب قانون نافذ. ولكي يشرع قانون في مجلس النواب، لابد من رضى الطرف الآخر، وهذا الطرف، لابد وأن له أيضا متطلبات لا تتحقق إلا بقانون آخر. وهكذا يتم مقايضة قانون بآخر! وإذا لم تكن هنالك حاجة الى قانون ما، نجد فتورا غير مبرر في عمل مجلس النواب، بل تكاد عجلة التشريع أن تتوقف عن الدوران! لكن ما إن تبرز الحاجة السياسية لا الشعبية لقانون ما، حتى يستنفر مجلس النواب أعضاءه، فتراه يعقد جلسات مكثفة، حتى أكثر من تلك التي ينص عليها النظام الداخلي، لغرض الانتهاء من القوانين التي تلبي حاجة الكتل السياسية. ورغم أن تلك القوانين تمس شرائح واسعة من المجتمع، ونصوصه لا تتضمن أنها تطبق على طائفة معينة دون أخرى، لأن القانون لا يسمى قانونا إلا إذا طبق على الجميع دون استثناء، لكن يبقى الباعث الدافع على تشريعه هو الحاجة السياسية لا الاجتماعية. نلاحظ مثلا، جدول أعمال مجلس النواب، يتضمن قانون العفو العام، وقانون الأحوال الشخصية، وقانون إعادة العقارات الى أصحابها. ولو دققنا النظر في تلك القوانين، نجد أن هنالك تلازما بينها، فلا يتم الحديث عن أحدهما، إلا وتم الحديث عن الآخر، رغم عدم وجود ترابط عضوي بين العفو العام والأحوال الشخصية! فلكل قانون ميدان مختلف عن الآخر، لكن التلازم بينهما هو أن هذا القانون مطلب لسياسيي لهذه الطائفة، والقانون الآخر مطلب لسياسيي الطائفة الأخرى! فلكل طائفة قانونها! ورغم استفادة شرائح كبيرة من تلك القوانين، لكن يبقى الباعث لتشريعها هو مصلحة تلك الكتل، خصوصا في موسم الانتخابات.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة