رجاء موليو
إن مسألة بدء العالم والحياة والإنسان من أول الأشياء التي طرحت على العقل البشري، وذلك باعتبارها من أهم القضايا الفلسفية التي طرحت في ذلك الوقت.
وكل شعب من الشعوب نجد لديه أسطورة أو مجموعة من الأساطير في الخلق والتكوين؛ وحتى العصر الحديث شغلت جزءاً كبيراً من العلوم الحديثة، فحلت النظريات العلمية محل الأسطورة ومحل التأمل الفلسفي المجرد.
إن الحالة التي كان عليها العالم في مرحلة البدء، هي حالة من العماء المائي لا متمايز ولا متشكل في زمن سرمدي متماثل، وفي لحظة معينة انبثق الكون من قلب الفوضى في لحظة قرر الالهة خلق العالم ووضع أسس الحياة والكون.
كما أن ساعة الخلق هي بمثابة صراع كوني شامل؛ فالقوى الإلهية هي قوى فعالة ودينامية والكون والحياة والإنسان ليس سوى تعبير عن حركيتها وفاعليتها الخلاقة، وتحقيق مرادها لابد أن يمر عبر الثورة والتمرد على الالهة: العماء والسكون والفوضى واللا تشكل. وهذا كان لابد من إراقة الدماء للتغلب والانتصار.
وفعل الخلق لا يكون دفعة واحدة بل لابد من التجدد كل عام وذلك ليعود نظراً كما خلق أول مرة، وهي عملية تتم بمعونة البشر عن طريق الطقوس، وهذا سر القيام باحتفالات رأس السنة والتي كانت بدايتها في بابل.
حيث كانت تجري تلاوة أسطورة التكوين على الملأ وتمثيلها درامياً بواسطة مجموعة من الأشخاص الذين يتخذون أدوار الالهة المتصارعة، أما البقية فتقوم بالطقوس من صلوات وابتهالات. وهو دور إيجابي فعال يساهم في استمرار الوجود وسير الأكوان ومساندة الالهة في تكرار فعل الخلق. وانتاج زمن وعالم جديد وبتجديد العالم يتجدد الإنسان ويشعر أنه تطهر ودفن خطاياه وهكذا كانت أيام رأس السنة مناسبة للتطهير والتكفير والتوبة.