الصباح الجديد ـ متابعة:
افادت لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في سوريا، في تقريرها الـ 24، الذي تعتزم أن تقدمه اللجنة إلى مجلس حقوق الإنسان في 23 سبتمبر الحالي، إن سوريا “غير صالحة لعودة اللاجئين الآمنة والكريمة”، وإن “تصاعد القتال والعودة إلى العنف” يثيران القلق.
وحذر التقرير الجديد الذي صدر أمس الأول الثلاثاء، من الأوضاع في درعا البلد، حيث فرضت القوات الموالية للنظام حصارا على المنطقة، تخلله قصف مدفعي كثيف.
كما شدد التقرير على “أهمية عدم تجريم الأطفال على ما اقترفه آباؤهم”، مشيرا إلى الأوضاع المزرية في مخيم الهول الذي يستضيف أعدادا هائلة من اللاجئين.
وبعد سنوات من الهزيمة الإقليمية لداعش، لا يزال الآلاف من النساء والأطفال محتجزين بشكل غير قانوني في مخيمات شمال شرق سوريا.
وقال رئيس اللجنة، باولو بينيرو، في مؤتمر صحفي في جنيف، “بعد عقد من الزمان، استمرت أطراف النزاع في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وانتهاكات ضد حقوق الإنسان الأساسية للسوريين”.
وأضاف أن “الحرب على المدنيين السوريين مستمرة، ومن الصعب عليهم إيجاد الأمن أو الملاذ الآمن في هذا البلد الذي مزقته الحرب”.
وتقول اللجنة إنه “لا توجد تحركات لتحقيق المصالحة” من قبل النظام السوري، بل على العكس تماما، “تتواصل بلا هوادة عمليات الاعتقال” من قبل قوات النظام.
وتواصل اللجنة توثيق “التعذيب والعنف الجنسي أثناء الاحتجاز، وحالات الوفاة أثناء الاحتجاز، والاختفاء القسري”.
وخلال الفترة الماضية، شهد الاقتصاد السوري تدهورا سريعا، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الخبز وزيادة ملحوظة في انعدام الأمن الغذائي بنسبة تزيد عن 50 في المئة مقارنة بالعام الماضي، وفقا للجنة.
وقالت المفوضة كارين كونينغ أبو زيد، وهي عضوة في اللجنة، “يبدو الوضع العام في سوريا قاتما بشكل متزايد. بالإضافة إلى العنف المتصاعد، فإن الاقتصاد يتدهور. وقد أصبحت مجاري الأنهار الشهيرة في بلاد ما بين النهرين في أكثر حالاتها جفافا منذ عقود”.
وأضافت “يبدو أن انتقال فيروس كورونا على نطاق واسع في المجتمع لا يمكن إيقافه، بسبب نظام الرعاية الصحية الذي أهلكته الحرب ونقص الأكسجين واللقاحات، وهذا ليس وقتا لكي يعتقد أحد أن سوريا بلد مناسب لعودة لاجئيها”.
وقد شهدت الأشهر الأخيرة تزايدا في أعمال القتال والعنف، خاصة في مناطق الشمال الغربي والشمال الشرقي والجنوب، وفقا للتقرير الذي يغطي الفترة من 1 يوليو 2020 إلى 30 يونيو 2021.
وتشير اللجنة إلى انهيار اتفاق خفض التصعيد في إدلب ومحيطها، وتقول إن “اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في مارس 2020 بين الاتحاد الروسي وتركيا، بدأ في الانهيار”، بسبب القصف الجوي والمدفعي والاشتباكات التي تحصل بين مختلف الأطراف.
وتعرضت المرافق الطبية، مثل مستشفى الأتارب غرب حلب، والأسواق والمناطق السكنية، لقصف جوي وبري، غالبا ما يكون عشوائيا، مما تسبب في سقوط العديد من الضحايا بين المدنيين.
وفي الوقت نفسه، شهد الجنوب الغربي قتالا لم يشهده منذ ما قبل الاتفاق الذي تم بوساطة روسية عام 2018، بين النظام والمعارضة.
وتوضح اللجنة أنه “في درعا البلد، مسقط رأس انتفاضة عام 2011، فرضت القوات الموالية للحكومة حصارا، تزامن مع قصف مدفعي كثيف”.
وأشارت إلى أن “عشرات الآلاف من المدنيين كانوا محاصرين بالداخل، دون الحصول على ما يكفي من الطعام أو الرعاية الصحية، مما أجبر الآلاف على الفرار”.
وقال المفوض هاني مجلي، عضو اللجنة، “مما يثير الصدمة أن الأشهر الماضية شهدت عودة الحصار والتكتيكات الشبيهة بالحصار في محافظات درعا والقنيطرة وريف دمشق، وبعد ثلاث سنوات من المعاناة التي وثقناها في الغوطة الشرقية، بدأت مأساة أخرى تتكشف أمام أعيننا في درعا البلد”.
في غضون ذلك، وعلى الرغم من التصريحات العلنية التي أشارت إلى رغبتها في الالتزام بمعايير حقوق الإنسان الأساسية، واصلت “هيئة تحرير الشام”، المصنفة على أنها إرهابية من قبل الأمم المتحدة، فرض قيود على وسائل الإعلام وحرية التعبير في منطقة سيطرتها شمال غرب سوريا، بما في ذلك الاحتجاز التعسفي لإعلاميين وصحفيين، بمن فيهم نساء. في منطقتي عفرين ورأس العين في حلب، يعيش المدنيون في خوف من العبوات الناسفة في السيارات، والتي يتم تفجيرها بشكل متكرر في مناطق مدنية مزدحمة، وتضرب الأسواق والشوارع المزدحمة وتودي بحياة الكثيرين.
ووثقت اللجنة مقتل وإصابة ما لا يقل عن 243 شخصا في سبع هجمات من هذا القبيل، لكن الخسائر في صفوف المدنيين أعلى بكثير. كما استمر القصف العشوائي، بما في ذلك في 12 يونيو الماضي، عندما قصفت مواقع متعددة في مدينة عفرين شمال غرب سوريا، مما أسفر عن مقتل وإصابة العديد من الأشخاص وتدمير أجزاء من مستشفى الشفاء. كما تدهور الوضع الأمني في بعض المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، حيث شهدت زيادة الهجمات من قبل فلول داعش، والاشتباكات مع القوات التركية، وتصاعد السخط والاحتجاجات بين السكان.
وتواصل قوات سوريا الديمقراطية احتجاز أكثر من 10 آلاف من مقاتلي داعش السابقين المشتبه بهم، في سجون بشرق سوريا منذ عام 2019، ومن بينهم حوالي 750 فتى محتجزين في أكثر من 10 سجون. اللافت للنظر أيضا، أنه بعد سنوات من الهزيمة الإقليمية لداعش، لا يزال الآلاف من النساء والأطفال محتجزين بشكل غير قانوني في مخيمات شمال شرق سوريا، في الأراضي التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية.
وتشتبه القوات في أن هناك علاقة بين سكان المخيمات وعناصر داعش، “لكنهم (السكان) ليس لديهم أي سبيل قانوني، ولا تاريخ لانتهاء محنتهم، وقد تركوا لتدبر أمورهم بأنفسهم، في ظروف قد ترقى إلى المعاملة القاسية أو اللاإنسانية”.
وفي مخيم الهول ومخيمات أخرى بالقرب من الحدود العراقية في شمال شرق سوريا، يقدر عدد الأطفال المحتجزين بـ 40 ألف طفل، ما يقرب من نصفهم عراقيون. وهناك 7800 شخص من حوالي 60 دولة.
ومنذ منتصف عام 2019، تم إطلاق سراح ما يقرب من 5000 طفل سوري من المخيمات، “إلى مجتمعات في الشمال الشرقي، بموجب ما يسمى باتفاقيات الرعاية العشائرية”. كما تم إطلاق سراح حوالي 1000 طفل أجنبي وإعادتهم إلى ديارهم.
ومع ذلك، لا يزال معظم الأطفال الأجانب محرومين من حريتهم، لأن بلدانهم الأصلية ترفض إعادتهم إلى أوطانهم. معظمهم تحت سن 12 سنة. لا أحد يتهمهم بارتكاب جرائم، ومع ذلك، لأكثر من ثلاث سنوات، تم احتجازهم في ظروف مروعة، وحرموا من حقهم في التعليم واللعب والرعاية الصحية المناسبة، وفقا للجنة.