بسبب لوائح تنظيمية حكومية جديدة
الصباح الجديد ـ متابعة:
تميز النصف الثاني من تموز الماضي بمبيعات قوية للأسهم الصينية بسبب لوائح تنظيمية حكومية جديدة في قطاعات معينة، استهدفت استحواذ الحكومة على قطاعات معينة بما في ذلك التقنية والتعليم، في حين تلوح في الأفق أنظمة جديدة تشمل قطاعات أخرى.
نتيجة لذلك، أخذت أسواق الأسهم الصينية “الخارجية” تعاني بشكل أساسي في الوقت الحالي. وشهدت بعض المجالات في قطاع التعليم انخفاضا في قيمة أسهمها بأكثر من 70 في المائة، بينما تراجعت بعض الأسماء في قطاع التقنية بأكثر من 50 في المائة. عموما بلغ مدى التراجع في الأسهم الصينية الخارجية منذ شباط 40 في المائة.
في الواقع، منذ تشرين الثاني 2020، أخذت السلطات الصينية تطرح أجندة تنظيمية مشددة حول موضوعات مكافحة الاحتكار والتمويل والبيانات الرقمية وعدم المساواة، بعد الاحتكارات الرقمية (علي بابا، تينسينت، ميتوان، بيدو، وفينتيك/آنت جروب)، جاء دور المدارس الخاصة وشركات الدورات التدريبية عبر الإنترنت لتتلقى الأنظمة المشددة الجديدة.
نظرا إلى أن الصين تمثل نحو 40 في المائة من مؤشر “إم إس سي آي MSCI” للأسواق الناشئة، فهل هذا يعني أن المستثمرين بحاجة إلى مراجعة مخصصاتهم الاستثمارية للأسواق الناشئة؟ تجيب على ذلك، مؤسسة “بي إم أو جلوبال أست مانجمنت” المتخصصة في الاستثمار.
وتقول إن “وتيرة النمو الاقتصادي في الصين اجتذبت خلال العقد الماضي تدفقات المستثمرين إلى أسواق الأسهم الناشئة، بحثا عن عوائد غير موجودة في الأسواق الأخرى. على الرغم من الجدل الصعب أو الناعم حول الهبوط في الأعوام الأخيرة، وظل نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين أعلى من مثيله في معظم البلدان الأخرى. مع ذلك، كان للتغييرات التنظيمية الأخيرة تأثير كبير في قدرة بعض الصناعات على جني الأرباح، ومس التأثير بعض الأسماء الكبيرة بشدة”.
وتضيف المؤسسة أن “بعض الإجراءات الصارمة، مثل تنظيم الإنترنت، كانت جارية من بعض الوقت، ويمكن القول إنها ضرورية، لأن وتيرة الابتكار التقني قد تجاوزت التشريعات بكثير. ودخلت إصلاحات أخرى، تتعلق بالتعليم أيضا حيز التنفيذ بسرعة فائقة، حتى دون إخطار مسبق للمؤسسات التعليمية”.
وتتوقع وقوع إجراءات تنظيمية جديدة مستقبلا تشمل قطاعات مثل الرعاية الصحية، لكن في المقابل، ستبقى القطاعات الرئيسة في سوق الأوراق المالية الصينية، بما في ذلك أشباه الموصلات، البرمجيات، والسيارات، بمنأى عن “الهجوم التنظيمي”، وبطبيعة الحال الشركات، التي تسيطر عليها الدولة.
ويقدر بنك جولدمان ساكس أن 75 في المائة من القيمة السوقية للصين تقع خارج نطاق الطموحات الجديدة للمنظمين. من المحتمل أيضا أن تحاول السلطات الصينية، كما بدأت بالفعل، تهدئة الأمور على المدى القصير على الأقل لتجنب خطر انتقال العدوى إلى السوق بأكملها.
وتعزو “بي إم أو جلوبال أست مانجمنت” الإجراءات التنظيمية إلى فلسفة “الاستعادة takeover” أو “تولي زمام الأمور reprise en main”، التي تتبعها حكومة الرئيس شي، مدفوعة بسياسات محلية ودولية للسيطرة على من يتحكم في البيانات ويستخدمها، ومن يوفر رأس المال، ومن يحقق الأرباح. وتضيف “تعمل القوة الصينية على تحديد توازن جديد بين الرأسمالية المالية والأهداف السياسية والاجتماعية، ولأن هذه العملية تتم على خلفية التوترات السياسية المتزايدة بين الصين والغرب، وبالتالي عدم الثقة، يبحث مديرو الأصول عن إجراءات لتخفيف حجم المخاطر، التي تواجه الأسهم الصينية”.
وتقول المؤسسة الاستثمارية إنه على الرغم من أن الصين أصبحت القوة الاقتصادية الأولى في الأعوام الأخيرة، إلا أنها لطالما طرحت مشكلات للمستثمرين، ولا سيما بسبب التدخل القوي للدولة. ويمكن أن يؤدي هذا إلى اضطراب أولئك الذين يستثمرون بكثافة في السوق الصينية، على المستوى الإقليمي وعلى مستوى الشركات. وتضيف “هذا الطريق الوعر يعني أن المستثمرين سيرغبون في زيادة أو تقليل انكشافهم الإقليمي من أجل الاستفادة من الأداء الاستثنائي للأسهم. في الوقت نفسه، يتمتع المستثمرون بفرصة تحديد الشركات، التي تتمتع بإمكانات نمو هائلة وتجنب الشركات، التي تتأثر سلبا باللوائح التنظيمية”.
وعن آفاق المستقبل، تشير المؤسسة إلى أنه على المدى المتوسط، ستستمر الصين في مواجهة التحديات، التي تفرضها علاقاتها مع الولايات المتحدة، ومع ذلك، على المدى الطويل، فإن الخطة الخمسية الـ14، التي تفضل جودة النمو على الحجم، تؤكد الاستهلاك المحلي والاستقلال التقني والإصلاحات. وستدعم هذه العناصر، إلى جانب هدف الصين المتمثل في تحقيق حياد الكربون بحلول 2060، شركات الجودة، التي تركز على هذه المجالات.
وتقول: تظل الصين جذابة للغاية على المدى الطويل، بينما تسلط بعض التوترات الجغرافية- السياسية الأخيرة الضوء على المخاطر المرتبطة بالاستثمار في هذه السوق، لكن على الرغم من ذلك، يظل المسار إيجابيا بشكل عام، ويمكن أن يوفر انتقاء الأسهم النشط فرصا استثمارية جذابة، وتقدم الصين عالما مثيرا من الفرص، لكن من الضروري اتباع نهج استراتيجي وتكتيكي خاضع للدولة. في حين أن الحجج المؤيدة للاستثمار النشط في الصين لا تزال صحيحة، تظل حماية المحافظ مصدر قلق كبيرا. وبالتالي، فإن الأمر يتعلق بتعديل الوضع في الأسواق الناشئة، حيث يتم تحديد المشكلات وإحساس تأثير الإصلاحات الحكومية. وعانت الأسهم الصينية بالفعل على المدى القصير، ومن المرجح أن تواجه صعوبات مماثلة في الأعوام المقبلة، لكن يمكن للمستثمر النشط الفطن تحقيق مكاسب كبيرة على المدى الطويل، إذا كان مستعدا لإجراء تعديلات تكتيكية.