مع تصاعد النعرات العرقية وغياب التوافق بين أطراف الصراع
الصباح الجديد ـ متابعة :
مع استمرار الصراع الليبي والتدخلات الخارجية الطامعة في ثروات البلاد، بات سيناريو يوغوسلافيا يخيم على ليبيا، مع تصاعد النعرات العرقية والثقافية في الداخل، وغياب التوافق بين أطراف الصراع، وإعلان المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا، رفض اتخاذ مسودة الدستور قاعدة دستورية للانتخابات المزمع عقدها في 24 ديسمبر المقبل، وبعد أن لوّح في يناير الماضي، باتخاذ خطوات عملية لاستحداث إقليم إداري رابع للأمازيغ.
وحذر المحلل السياسي الليبي محمد صالح اللافي، من التدخلات الخارجية خاصة التدخلات التركية، والتأثير على وحدة التراب الليبي، لافتا إلى أن الحديث عن إقليم رابع عرقي للأمازيغ يكشف المشاريع الخارجية للتقسيم ليبيا.
وأضاف اللافي في حديث صحفي أن الأهداف الخارجية في الملف الليبي واضحة، وهو وضع ليبيا تحت الوصاية الدولية وتقسيمها إلى 6 أو 7 دول كما حدث مع يوغسلافيا بعد سقوط الاتحاد السوفييتي.
وأوضح أن الأمازيغ لديهم ميليشيات مسلحة مدعومة من الكونغرس الدولي للأمازيغ وأطراف خارجية ، لم يسمها ، في جبل نفوسة والزاوية والمسيطرة على المعابر الحدودية، وأعلنت عن رفع العلم الأمازيغي، في خطوة مخالفة لوحدة التراب الليبي وسيادة الدولة الليبية، موضحا أن الإقليم الرابع قد يكون نواة لحكم ذاتي يذهب إلى تقرير المصير.
ونبّه إلى مخططات ومشاريع ضد وحدة التراب الليبي وأمن واستقرار البلاد، لافتا إلى أن الهدف هو وضع ليبيا تحت الوصاية الدولية ونهب ثروات الشعب الليبي، مضيفا أن الأهداف الدولية في الداخل الليبي، والتقسيم على طاولة الدول الطامعة في ليبيا.
إقليم أمازيغي
وكان المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا، قال خلال بيان في 16 يونيو الجاري، إنه “انطلاقا من حرصنا على ترسيخ مبدأ دولة المواطنة فإننا نعلن للرأي العام المحلي والدولي رفض مشروع الدستور والاستفاء عليه واعتماده كقاعدة دستورية لمرحلة واحدة”.
كما شدد المجلس على رفض أي قاعدة دستورية مالم يتم التوافق عليها من كل مكونات الشعب الليبي، مطالبا بالتمثيل العادل لليبيين كافة بما يتوافق مع التنوع الثقافي والعرقي والتوزيع الجغرافي، ومؤكدا على ضمان تمثيل عادل للمرأة الأمازيغية في حصة المرأة الليبية، وطالب البعثة الأممية باعتبارها الراعي الرسمي للتوافقات السياسية بين فرقاء التدخل وإقرار التوافق بما يحفظ حقوق كل مكونات الشعب الليبي.
وفي بيان مشترك للمجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا وممثلي “التبو” في هيئة صياغة الدستور (المقاطعين) والحراك الوطني لشباب الطوارق (أمازيغ الصحراء)، في 17 يونيو، طالبوا بعثة الأمم المتحدة في ليبيا العمل بكل الوسائل لضمان حقوق “التبو” الأمازيغ والطوارق.
يقدر المكون الأمازيغي من 10 إلى 20 في المئة من عدد سكان ليبيا البالغ نحو 6.7 مليون نسمة، فالمجتمع الليبي يتكون من أربع مكونات كبرى وهي: “العربية والأمازيغية والتباوية، إضافة إلى مكونات صغيرة كالهوسا والفولاني.
ويتركز الوجود الأمازيغي بمدينة زوارة غرب العاصمة طرابلس، إضافة إلى مدن يفرن ونالوت وغدامس وجادو وكاباو والقلعة والرحيبات والحرابة وغات، في الغرب والجنوب على الحدود مع الجزائر.
بعد سقوط نظام القذافي في 2011، تصاعد الحراك الأمازيغي من أجل الحصول على مطالبهم، فقد أعلنوا عن هويتهم في سبتمبر 2011، أثناء انعقاد المؤتمر الأمازيغي الأول في طرابلس، حيث رفع لأول مرة العلم الأمازيغي المكون من ثلاثة ألوان أفقية هي الأزرق والأخضر والأصفر، يتوسطه حرف “الزاي” باللغة الأمازيغية باللون الأحمر.
وكان المكون الأمازيغي حاضرا في السلطة الانتقالية، فتولى نوري أبو سهمين، رئاسة المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق) كأول أمازيغي يتولى منصب سياسي في الدولة الليبية.
كما تمثل الأمازيغ بتاريخ 17 يوليو 2013 في ثلاث هيئات بالبرلمان السابق، ومع رفض المؤتمر الوطني إدراج الأمازيغية في التعليم، انسحب ممثلو الأمازيغ من لجنة صياغة الدستور ومن المؤتمر الوطني العام في يوليو 2013، وأعلنوا تأسيس المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا، كما قاطعوا انتخابات 25 يونيو 2014، ومؤتمرات وجلسات بناء النظام السياسي، وأهمها حوار “الصخيرات” بالمغرب، الذي عقد في 2015.
وتم الإعلان في فبراير 2017عن ترسيم لغتهم كلغة رسمية في المدن والمناطق الأمازيغية بليبيا، كخطوة أولى تهدف إلى رعاية لغتهم والمحافظة على هويتهم وحماية تراثهم الثقافي.
كان رجل الطوارق موسى الكوني، القيادي في قبيلة الطوارق، له حصته في السلطة حيث اختير كأحد ممثلي الجنوب في المجلس الرئاسي برئاسة فائز السراج، ونائبا لرئيس المجلس، وبعد رحيل السراج ظل موسى الكوني عضوا في المجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي، ونائبا له أيضا.
وعلى الصعيد العسكري، شارك الأمازيغ في التحالفات العسكرية فقد انضموا إلى قوات “فجر ليبيا” وهي خليط من الجماعات المتطرفة والمتشددة بقيادة تنظيم الإخوان، وعملية “بركان الغضب”، وعملوا في مواجهة الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.
أدى تصاعد مقترح العودة إلى نظام فيدرالي، بعد 2012، لتقسيم ليبيا، لثلاثة أقاليم، هي برقة في الشرق، وطرابلس في الغرب، وفزان في الجنوب، وإعلان برقة إقليما فيدراليا من جانب واحد في 6 مارس 2012، كما لوح الأمازيغ بتأسيس إقليم رابع اعتراضا على مسودة الدستور.
ومع رفض المجلس الأعلى للأمازيغ مسودة الدستور، والتلويح بإقليم رابع، ومقاطعة الاستفتاء، وانتشار السلاح وتعدد ولاءات الميليشيات، حذر مراقبون من تأثير ذلك على وحدة ليبيا وتوجه المتشددين الأمازيغ إلى الحكم الذاتي ليكون مقدمة لتأسيس الدولة الأمازيغية في ليبيا وهو ما يهدد وحدة التراب الوطني في دول الجوار وخاصة الجزائر التي تعاني من حركات انفصالية في منطقة القبائل، حيث هناك معبري الحدود غدامس وغات.
وفي ظل فوضى السلاح بليبيا، وعدم ضبط الحدود خصوصا مع دول مالي والنيجر وتشاد، وتدفق الأسلحة إلى المدن الأمازيغية، وبروز شعارات إثنية مثل “أنا أمازيغي بدون دولة”، تلوح في الأفق بوادر الانفصال وإرهاصات دولة أمازيغية، وأصبح سيناريو تقسيم يوغوسلافيا يخيم على ليبيا.