بعد نحو 10 سنوات من الحرب
متابعة ــ الصباح الجديد
تستعد شخصيات سياسية سورية لعقد مؤتمر “للقوى والشخصيات الديمقراطية السورية” بعد مرور نحو 10 سنوات من الحرب وعدم تسجيل “حضور فاعل لها” على الصعيدين السياسي والعسكري وما يجري في الساحة من صراع بين ما أسموهما السلطة الحاكمة وقوى الإسلام السياسي
وتهدف هذه القوى “التي تؤمن بالمسار الديمقراطي”، من خلال هذه الخطوة، “لإعادة تصويب البوصلة السورية”، من خلال تسجيل حضورها في مواجهة طرفي الصراع في الأزمة السورية من النظام والمعارضة.
ويقول أعضاء في اللجنة التحضيرية للمؤتمر إن الهدف أيضاً هو إيجاد إطار للقوى الديمقراطية لخلق توازن في تمثيل الأطراف السياسية إلى جانب قوتي الصراع، وذلك بعد أن تعمقت “الأزمة السورية” بشكل كبير
إعادة الإحياء
وقال جوان يوسف، وهو عضو في اللجنة التحضيرية للمؤتمر، إن “فكرة السعي لإطار للمعارضة الديمقراطية ليست بجديدة، فتاريخ سوريا مليء بمحاولات كإعلان دمشق والتجمّع الوطني الديمقراطي، رغم أنها لم تصل لمستوى إنجاز إطار لتلك القوى”.
وأضاف: “تبلورت الفكرة من خلال سلسلة مؤتمرات لقوى المعارضة السورية بمختلف توجهاتها، بعد أن فشلت كل المحاولات السابقة بسبب زج الأجندات الخاصة في المسائل التي تم النقاش حولها”.
وقالت زوزان علوش، وهي عضو في اللجنة التحضيرية أيضاً، إن ما حدث في السنوات السابقة هو ” تهميش الديمقراطيين وإبعادهم عن الساحة السياسية، لدرجة أننا نسينا ونسي العالم لماذا بدأت الثورة”.
وأضافت: “لذا وجدنا أنه من الضروري تنظيم صفوف الديمقراطيين في تيار أو تحالف واقعي حيال المجتمع السوري. نحن بحاجة إلى مؤتمرات وطنية جامعة تؤكد استقلالية القرار السوري لإعادة تصويب البوصلة السورية”.
واعتبر عيسى إبراهيم، وهو عضو في اللجنة التحضيرية، أن انعقاد المؤتمر ” هو أول محاولة جدية مسؤولة”، من أجل بلورة تصور ورؤية الديمقراطيين السوريين قوى وأفراداً، وليكون لهم وزن في إدارة الوضع السوري الحالي وفي المستقبل”.
من هم “الديمقراطيون”؟
حتى الآن ينحصر التفاوض “العقيم” في سوريا بين طرفين هما الحكومة السورية والمعارضة السورية، ومن ورائهما حلفاء وداعمون دوليون وإقليميون، “ويرفض هذان الطرفان أي حل من شأنه أن ينهي الحرب”.
ويعتبر “الديمقراطيون” أن حصر الصراع بين قوتين متضادتين إجحاف بحق “الثورة السورية” وحقوق الشعب السوري، حيث غاب عن المشهد السياسي السوري الكتل الديمقراطية و”المؤمنون بدولة سوريا العلمانية”، في وقت طغى طابع الإسلام السياسي على المعارضة السورية.
وقال جوان يوسف إن القوى الديمقراطية “ترفض الاستبداد والعنف المسلح، كما تطالب بأن تكون المرجعية المنشودة مدنية وسياسية وفق العهود المواثيق الدولية، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، أعتقد أن هذه هي النقطة الفارقة بين القوى الديمقراطية والمعارضة الدينية”.
وأشار يوسف إلى أن القوى الديمقراطية كانت “مشتتة”، لذلك سيطرت على المشهد السياسي قوتان أساسيتان “قوة الاستبداد المتمثلة بالسلطة وقوة المعارضة المتمثلة بالفصائل المسلحة وانعكاساتها ومرآتها السياسية المتواجدة في الائتلاف أو الهيئة العليا ومجموعة قوى المعارضة”.
وأضاف أن الهدف هو إيجاد إطار للقوى الديمقراطية “المهمشة” التي تستطيع أن “توازن” بين القوتيين الموجودتين “السلطة الحاكمة والإسلام السياسي”.
بينما يعتقد عيسى إبراهيم أن تعبيريّ “المعارضة والموالاة” ليسا تعبيرين ملائمين للوضع السوري وذلك بسبب انعدام الحياة السياسية الحقيقية في سوريا.
لماذا التهميش؟
وقال عيسى إبراهيم إنه تم استبعاد القوى الديمقراطية في الحراك السوري وفتح المجال “لسيطرة” الإسلام السياسي على تيار المعارضة.
ويعتقد أن حركات الإسلام السياسي من “الأدوات الملائمة” في إعادة ترتيب المنطقة دائماً سواء من قبل القوى الدولية أو الإقليمية، خصوصاً وأن هذه الحركات تعمل بتنسيق مع أنظمة المنطقة، وبناءً على ذلك تحصل على دعم كبير، وهو ما ساهم في غياب دور “الديمقراطيين”.
وقال إبراهيم: “لا مصلحة لأحد من الدول الإقليمية والدولية في وجود تيار ديمقراطي. نحن نعتقد أنه لا تغيير في سوريا والمنطقة دون حماية التنوع الموجود في البلاد وحماية هذا التنوع يأتي من خلال نظام علماني يحترم التعدد الديني”.
ولكن جوان يوسف يعتقد أن السبب في “تهميش” القوى الديمقراطية هو افتقار القوى الديمقراطية لـ “تجربة كافية في العمل التنظيمي”، بالإضافة إلى غياب الدعم الحقيقي الذي تلقته قوى أخرى.
وقال: “بالنسبة للقوى الأخرى كانت لديها مساحة واسعة للتحرك باعتبارها خرجت مبكراً من سوريا وبنت شبكة علاقات واسعة وأصبحت تملك أيضاً دعماً من دول إقليمية كتركيا وقطر وحتى من دول أوروبية”.
وأضاف: “التهميش جاء لأن القوى الديمقراطية كانت تعتقد أن الأمور ستسير بطريقة سريعة وأن النظام سيسقط وبالتالي سيتم فيما بعد ترتيب الأمور الأخرى المتعلقة بمستقبل سوريا، ولكن تبين لاحقاً أن الأمر طال لسنوات وانصهرت بعض هذه القوى داخل تنظيمات الإسلام السياسي ولم تستطع أن تجد لنفسها إطاراً مستقلاً”.
“مؤتمر سيد نفسه”
وفي هذا الإطار، دعا “مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد)، القوى والشخصيات الديمقراطية السورية الـ “مهمشة” للتحضير لمؤتمر خاص وترك مخرجاته لنقاشات المشاركين فيه.
ولم يتم، حتى الآن، تصور أي هيكلية أو شكل تنظيمي يمكن أن يتبلور عن المؤتمر، إلا أن المبادئ العامة للمؤتمر تم تحديدها من قبل اللجنة التحضيرية وهم من “غير المنضوين في مجلس سوريا الديمقراطية”.
وبحسب جوان يوسف فإن مسودة المؤتمر هي “عبارة عن مبادئ عامة يتفق عليها السوريون بشكل عام دون الدخول في الأمور التفصيلية. نرغب في أن نناقشها في المؤتمر مع المشاركين”.
وأضاف يوسف: “التصورات غير واضحة، لأننا لم نضع بعد تصوراً لنتائج نقاشاتنا مع الشخصيات والقوى المشاركة، قد ينبثق عن المؤتمر تيار سياسي أو تحالف سياسي، هذا المؤتمر مختلف كلياً عن الدعوات والمؤتمرات السابقة التي أعلنتها المعارضة”.