-1-
لا يستطيع احد أنْ يُنكر دور الاخلاق في مضمار توفير المناخ الملائم للحياة السعيدة الحافلة بالوان من التعايش السلمي، والمحبة الغامرة التي تدفع باصحابها الى واحات التصافي والتعاون والتكاتف والوفاق بعيداً عن المشاحنات والمشاكسات والاصطدامات المريرة …
-2-
وحيث تزدهر الاخلاق تعبقُ الاجواء بأشذاءُ الانسانية والمروءة والايثار والرغبة في اداء دور فاعل في ميدان النفع الانساني والخدمة الاجتماعي.
-3-
انّ الأمراض الاخلاقية من غش وكذب واحتمال خديعة وابتزاز وخيانة وغيبة ونميمة بمثابة الجراثيم التي تفتك بالفرد والمجتمع والامة،
بينما الصدق والأمانة والورع والعفة والوطنية والتمسك بأهداب المكارم والفصائل الاخلاقية … هي من أنبل السمات وأعظمها وقعاً وتأثيرا في إضفاء السكينة والاستقرار النفسي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي فضلاً عن السلام الأسري والعائلي .
-4-
ومن هنا قال الشاعر :
وانما الامم الاخلاق ما بقيتْ
فانْ هُمُ ذهبتْ أخلاقُهم ذهبوا
ومن هنا ايضا قيل :
واذا أُصيب القوم في أَخْلاقِهم
فأقِمْ عليهم مأتماً وعويلا
-5-
ان شخصية الرسول (ص) انطوت على أروع ما يمكن ان تنطوي عليه شخصية بشرية من صفات، ولكنَّ البعد الاخلاقي امتاز بمديح قرآني خاص حيث خاطبه الباري عز اسمه بقوله ( وإنّك لعلى خُلُقٍ عظيم )
لقد كان عظيما في ايمانه ،
عظيماً في كرمه وتضحياته،
وكان عظيما في شجاعته ،
عظيما في تواضعه،
وكان عظيما بصبره على المصاعب ،
عظيما في عفوه وتسامحه،
وكان عظيما بحبه للفقراء والبائسين ،
كان عظيما بصدقه ،
عظيما بعدله ،
عظيما بفتوحاته …
وكل تلك العظمات ما هي الا انعكاس صريح لِخُلِقِهُ العظيم .
وسبق لكاتب السطور أنْ قال :
امتدح اللهُ نبيّ الهدُى
وخَصَّ بالذِكرْ عظيمَ خُلْقِهِ
وانما الاخلاقُ ميزانُه
فَقِسْ بها مَنْ شئتَ مِنْ خَلْقِهِ
-6-
لقد اقتدى بالرسول (ص) أوصياؤه الميامين وأهل بيته صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فكانوا القممَ الاخلاقيةَ الشاهقة .
ووُفق للسير على نهجهم العلماء الربانيون والمؤمنون الصالحون جيلا بعد جيل .
والسمو الاخلاقي هو الفيصل في ترجيح كفة الميزان .
-7-
لقد اعتاد كبار المراجع في النجف الاشرف على فتح الرسائل بأنفسهم ، حرصاً منهم على ايصال الأجوبة عن الاسئلة الشرعية المرسلة اليهم ،
واتخاذ الاجراءات المناسبة ازاء ما يُطلب منهم مِنْ قِبَل المؤمنين في شتى البلدان ….
واتفق أنْ فتح المرجع الاعلى رسالةً من تلك الرسائل ، ثم سارع الى ارجاعها واعتذر من ابنه حيث كانت الرسالة مرسلةً اليه وقد فتحها دون الالتفات الى ذلك ..
انظر الى الخلق العالي كيف يكون ؟
ان الأب العظيم لا يتردد في الاعتذار من ابنه مِنْ خطأٍ غير مقصود فما بالك في تعاملاته مع الاخرين ؟
انّ حُسن الأخلاق هو الكنز الثمين ،
وهو الطريق الى حَفْر الذِكر الحسن في أذهان الناس ، والذكر الحسن هو العمر الثاني .
حسين الصدر