قضية رهف كشفت ان هناك من يمارس جريمته بالتقسيط..
قانون العنف الاسري معلق في مجلس النواب منذ 2015 وتشريعه بات اكثر من ضرورة
بغداد ـ زينب الحسني:
رهف لم تكن الطفلة الوحيدة التي كانت ضحيّة العنف الأسري، بل هناك أطفال كثر في عمر الزهور تعرّضوا للتعذيب من ذويهم.
لكن حادثة الطفلة رهف اعادت إلى الأذهان جرائم مماثلة بدت متكررة ومتشابهة في عدد من المدن العراقية وخاصة بغداد، أبرزها اغتصاب طفل في منطقة القاهرة وقتله، وبعدها ايضاً تم اغتصاب وقتل طفل في كركوك وقبلها قتل طفلة من قبل ثلاثة مراهقين.
واذن الجريمة ضد الطفلة رهف لم تكن الأولى من نوعها وقد لا تكون الأخيرة، ما لم يسن قانون رادع ضد منفذي جرائم القتل
تعالت اليوم الصيحات لتشديد العقوبات على الجناة ووضع حد لهذه الجرائم التي لا بد للمجتمع من وقوف عندها، ممثلاً بمؤسسات الدولة التربوية والدينية والاجتماعية، فضلاً عن رجال الدين ومنظمات المجتمع المدني، إضافة للجهتين الأساسيتين، وهما السلطتان التشريعية والقضائية”.
“الصباح الجديد ” تقف مع قضية هذه الملاك التي راحت ضحية مرأة مجرمة ليس لديها أي رادع أخلاقي.
نسق عنيف
القانوني سلام مكي قال في حديث لـ ” الصباح الجديد “: ان حالة الطفلة رهف، ليست الوحيدة ولا الأخيرة، كانت مجرد حالة كاشفة لواقع اجتماعي معين او ظاهرة اجتماعية، كانت تمارس في الخفاء، خلال المدة الماضية، ولكن اكتشاف حالة رهف، التي تعرضت لأقسى معاملة من ذويها، كشفت عن وجود نسق اجتماعي ربما ممنهج، يمارس من قبل الأهل ضد الأطفال او القصّر، بعيداً عن أعين الرقابة والسلطات.
وأضاف مكي: الطفل أمانة أودعها الله لدى الأهل، وفرض عليهم رعايته والحفاظ عليه وتعليمه وتربيته.
فالقوانين الوضعية والشرائع السماوية، كلها تشدد على ضرورة ان يتولى الأهل رعاية أبنائهم، وفرضت عقوبات قاسية، ضد من يمتنع او يقصّر في تلك المسؤولية الأخلاقية والشرعية والقانونية.
وتابع: قضية الطفلة رهف، التي تحولت الى قضية رأي عام، لابد ان تكون قضية فاصلة بين عهدين: الأول يتمثل بإفلات الأهل الذين لا يتعاملون بإنسانية مع أبنائهم من العقاب، والثاني: كشف تلك الممارسات غير القانونية ولا الأخلاقية، ومحاولة وضع حد لها، من خلال اخذ كل جهة دورها الحقيقي في تطبيق القانون بحق المسيئين.
وأشار مكي الى ان الطفلة رهف، تعرضت لتعذيب شديد من قبل ذويها، حرق وصعق كهربائي، ثم تم احضارها الى المستشفى بعد ان نالت من العذاب ما نالته لتفارق الحياة بعد مدة قصيرة. وهنا نسأل: ما هو التوصيف القانوني لحالة رهف؟ ماهي العقوبة المناسبة التي يستحقها ذوو رهف؟ قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل، وضع فصلا كاملا للجرائم المتعلقة بالبنوة ورعاية القصّر.
كما أوضح: ان المادة 383 اولا تنص على عقوبة الحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات او بغرامة لا تزيد على مليون دينار كل من عرض للخطر سواء بنفسه او بواسطة غيره شخصا لم يبلغ الخامسة عشرة من عمره…. ولكون حالة رهف تطورت الى الوفاة، فإن القانون هنا، يعد ان فعل ذويها ظرف مشدد يستوجب عقوبة اشد من الحبس والغرامة. جهات كثيرة، تتحمل مسؤولية التردي الحاصل في المجتمع، ومن أول تلك الجهات هي المسؤولة عن حماية الأسرة والطفولة، والتي تنص قوانينها على دورها في حماية الطفولة من كل المخاطر، وللأسف أصبح الأهل اول المخاطر التي يجب تفاديها.
حادثة بشعة
في حين وصف المتحدث باسم وزارة الصحة سيف البدر الحادثة بـ “البشعة”.
وقال: كدمات أخرى قديمة وجدت على جسم الطفلة، وهذا يعني أن حادثة الضرب ليست الأولى، لكن فقدانها الوعي بسبب الضرب على رأسها دفع بأهلها إلى جلبها للمستشفى قبل وفاتها .
وان كل محاولات الفرق الطبية المختصة بالعلوم العصبية وجراحة الرأس والعظام لم تجدِ نفعاً في إعادة الوعي إليها.
وكانت الطفلة وعمرها سبعة أعوام قد وصلت إلى مستشفى الشهيد الصدر العام شرقي بغداد مع زوجة أبيها، فاقدة للوعي.
بعد الكشف عليها من قبل الأطباء، تبين أنها تعرضت للضرب العنيف والحرق والكهرباء في أجزاء مختلفة من جسدها، فضلًا عن ضربها بآلة حادة على رأسها.
وقد ادّعت زوجة والدها أن الطفلة رهف فقدت الوعي بسبب ارتفاع درجة حرارة جسمها.
وقررت مفرزة الشرطة المتواجدة في المستشفى الاتصال بقاضي التحقيق الذي أصدر قراراً بتوقيف زوجة الأب على ذمة التحقيق.
وبالرغم من الاهتمام الطبي بالطفلة، لكن حجم التعنيف الذي تعرضت له أودى بحياتها.
الإساءة القسرية
أستاذ علم النفس والفلسفة التربوية الدكتور صلاح كمال قال لـ ” الصباح الجديد” : ان العنف الأسري هو الإساءة القسرية تجاه فرد او مجموعة أفراد من الأسرة الواحدة كأن يكون اضطهاد الزوج لزوجته بالسلوك العدائي ما بين الضرب المبرح والاهانات اللفظية والتجاهل وما الى ذلك .. او التعرض للأذى من قبل الاب لأبناء وعلى شتى انواع الأذى من الضرب والاهانات والتقصير والحرمان وتعرض الأبناء الى ظواهر الاختلاف بين الزوجين كأن يكون الاب مطلقاً او أرملاً فينشأ الاولاد تحت وطأة زوجة الأب وهنا تكمن الطامة الكبرى فمجرد ان يكون الاولاد من امرأة ثانية فهذا يعني بالنسبة لها اولاد العدو اللدود فتصب عليهم جم غضبها وتنزل بهم شتى انواع العذاب ابتدأً من التعذيب الجسدي الى اللفظي حتى يصل الامر بها انها من الممكن ان تجرم بحق الاولاد.
وهذا الامر والتصرف المشين والسلوك الاجرامي لم يأتِ اعتباطاً فمجتمع مثل مجتمعنا مر بسنوات حرمان وسنين حروب افرزت عنه تلكم السلوكيات. وقد رأيناها بصورة واضحة جلية عند الطفلة رهف يرحمها الله.
الاسرة هي الأساس
الباحث النفسي والاكاديمي د. أحمد مهودر قال : يٌعد العنف ضد الأطفال احد اهم المشكلات التي تواجه المجتمع كون هذه الشريحة في طور البناء والتشكيل من الناحية النفسية والاجتماعية والعقلية ويحتاج الناشئ في هذه المرحلة إلى جميع المستلزمات الأساسية التي تجعل النمو سواء كان نفسياً ام اجتماعيًا او اخلاقياً او جسمياً… الخ، يسير بالشكل الصحيح، وإذا ما تعرض الطفل إلى العنف سواء كان جسدياً او لفظياً فإن لذلك اثاراً سلبية كثيرة وخطيرة تجعل الطفل يعاني من القلق او التوتر او الانعزال والانطواء على الذات ويفقد الطفل حيوته التي هي المحرك الأساس لنموه وتطوير قدراته وقابلياته العقلية والمعرفة.
وأضاف المهودر : تعنيف الأطفال جسدياً او لفظياً من الممكن أن يكون الشرارة الأولى لجنوح الأحداث وانحرافهم عن قيم المجتمع وعاداته وتقاليده، كما يؤدي إلى ضعف ثقة الطفل بنفسه ويجعله يعيش في حالة من الاغتراب عن أسرته وعن مجتمعه ،وهذه الآثار تزداد وخصوصاً اذا ما كانت الأسرة هي من تعنف الطفل وتعاقبه جسدياً او لفظياً او الاثنين معاً، كون الأسرة من المفترض أن تكون الملجأ والحصن الذي يحتمي فيه الطفل ويوفر له الأمن والطمأنينة والاستقرار.
وأوضح ان علاقة الطفل اللاحقة بالعالم الخارجي والمجتمع تتحقق عن طريق علاقته بالوالدين او الأشخاص القائمين على رعايته، فكيف نستطيع أن نتصور ان اول من يسيء للطفل ويعنفه هي الأسرة التي هي الرحم الثاني الذي ينشأ فيه الطفل بعد رحم الام، بالتالي قد ينعكس هذا الأمر إلى ضعف ثقة الطفل بأسرته وبالمجتمع الذي يعيش فيه والذي ينعكس بدوره بالكثير من السلوكيات السلبية التي قد تأخذ أشكالاً عدة منها الانسحاب الاجتماعي او الاغتراب النفسي او الانعزال والانطواء على الذات وضعف الثقة بالنفس وبالأخرين او ان تكون شخصيته في المستقبل سايكوباثيه (مضادة للمجتمع) والانحراف والشذوذ عن القيم والاعراف والتقاليد الاجتماعية التي حددها المجتمع لأفراد.
مجلس النواب
وكان قدّم مجلس البرلمان العراقي مسودة لقانون العنف الأسري في عام 2015، إلا أن بعض الكتل السياسية العراقية اعترضت على عدد من فقرات القانون فأجلت التصويت عليه وطالبت بإدخال تعديلات جوهرية قبل تبني القانون وتمريره.
وفي تصريحات سابقة أكّدت النائبة السابقة ومقررة لجنة المرأة والأسرة والطفولة في مجلس النواب بدورته السابقة، ريزان الشيخ، ضعف الجانب التشريعي في موضوع حماية الأسرة من العنف.
وقالت إنّ المسؤول الأول عن واقع ملف العنف الأسري هي السلطة التشريعية وخاصة لجنة المرأة والأسرة والطفولة. “لدينا محكمة العنف الأسري وجهاز الشرطة المجتمعية لكنها لا تمتلك قوانين تعمل على أساسها”.
واتهمت “كتلا سياسية دينية بعرقلة مسودة القانون لتشريعه”.
جريمة قتل طفلة في الانبار
وفي السياق، دان عضو مفوضية حقوق الانسان زيدان العطوان تكرار حوادث العنف الاسري ضد الاطفال من دون أي رحمة او وازع ديني.
وقال العطوان في بيان تابعته ” الصباح الجديد ” ، ان تكرار مثل هذه الحالات المقلقة وخلال فترة قصيرة في الانبار كما هي الحال بجريمة قتل الطفلة فردوس عمر حميد العيثاوي البالغة من العمر 11 عاماً على يد زوجة ابيها وما سبقها من جريمة اخرى قبل ايام في المحافظة نفسها ، والتي راحت ضحيتها طفلة رضيعة بعمر سنة ونصف السنة و كذلك في بغداد حيث جريمة الطفلة رهف يدعونا كجهات رقابية ومجتمع مدني تهتم بموضوعة حقوق الطفل العراقي لزيادة الضغط على الجهات التشريعية والتنفيذية بضرورة الاسراع بتشريع واقرار القوانين التي توفر الحماية الكافية للطفل في العراق من الخطر المحدق به على ايدي ضعاف النفوس وفاقدي الضمير”.
ويذكر ان فريقا لتقصي الحقائق في مكتب مفوضية حقوق الانسان في الانبار قام بزيارة ذوي المجنى عليه “فردوس ” لغرض متابعة الحالة ووثق تعرض ثلاثة اطفال للتعذيب النفسي والجسدي على يد زوجة ابيهم المجرمة ( ع ، خ ، ن ) والتي تبلغ من العمر (٢٧) سنة حيث اوضح شقيق المجنى عليها ويدعى ‘صالح (١٠سنوات)’ انه زوجة ابيه قامت بالاعتداء على شقيقته بمطرقة حديد ومن ثم رميها بابريق الشاي الحار وخنقها وانها كانت غالباً ما تعتدي عليه وعلى اختيه المجنى عليها فردوس ذات الـ 11 عاما ورهف ذات الثمانية اعوام واجبارهم على عدم ابلاغ ابيهم.
قيادة شرطة الانبار اكدت بدورها انها تمكنت من إلقاء القبض على المجرمة والتي اعترفت بقيامها بما جاء في الاقوال ومطابقة تقرير الطب العدلي وفريق التحقيق والذين أكدوا ان اسباب الوفاة هو الخنق والضرب بمطرقة حديدية على منطقة النخاع الشوكي وتم ايداع المتهمة في مديرية الموقف والتسفيرات لمدينة الرمادي.
الجزاء القانوني
على وفق قانون العقوبات العراقي رقم 111 لعام 1969 ساري المفعول، فإن عقوبة الجاني في قضية الطفلة رهف تتراوح بين الإعدام أو السجن 20 عاماً.
أن الوصف القانوني لهذه الحادثة يحمل صورتين.
الصورة الأولى: إذا اتضح من خلال التحقيق توفر النية والإرادة والرسم للقتل من قبل الجاني، فيعاقب على وفق المادة 406.
وتنص المادة 406:
– يعاقب بالإعدام من قتل نفساً عمداً في احدى الحالات التالية:
أ – إذا كان القتل مع سبق الإصرار أو الترصد.
ب – إذا حصل القتل باستعمال مادة سامة، أو مفرقعة أو متفجرة.
ج – إذا كان القتل لدافع دنيء أو مقابل أجر، أو إذا استعمل الجاني طرقا وحشية في ارتكاب الفعل.
د – إذا كان المقتول من أصول القاتل.
2 – وتكون العقوبة الإعدام أو السجن المؤبد في الأحوال التالية:
أ – إذا قصد الجاني قتل شخص واحد فأدى فعله إلى قتل شخص فأكثر.
الصورة الثانية: إذا اتضح أن نية الجاني لا تتجه إلى القتل، بل الضرب من دون قصد القتل، فتحاكم على وفق المادة 410 من قانون العقوبات.
وتنص المادة 410:
من اعتدى عمدا على آخر بالضرب أو بالجرح أو بالعنف أو بإعطاء مادة ضارة أو بارتكاب أي فعل آخر مخالف للقانون ولم يقصد من ذلك قتله ولكنه أفضى إلى موته، يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 15 سنة.
وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على عشرين سنة إذا ارتكبت الجريمة مع سبق الإصرار أو كان المجني عليه من أصول الجاني.
أخطر جرائم التاريخ
المخرج التلفزيوني سمير فراك قال: من اخطر الجرائم التي من الممكن أن يسجلها التاريخ، التعنيف الأسري للأطفال.
الاهل لايدركون نتائج أفعالهم وتأثيرها على نفسية الطفل، ويتعاملون معهم وكأنهم واعون ويدركون نتيجة أفعالهم .
وها نحن نشهد ونعيش من جديد قضية تعنيف أسرية جديدة ومؤلمة، وهي قضية الطفلة رهف البالغة من العمر سبع سنوات التي راحت ضحية العنف الأسري، وما تعرضت له هذه الطفلة من قبل ذويها من تعنيف شديد، اذ أشعلت قضيتها الرأي العام لا بل حتى المشفى الذي رقدت فيه حيث قال الدكتور الذي قام بالإشراف على حالتها, بأنها وصلت لهم وهي على حالة
يرثى لها، ولم ير في حياته مخلوقا بشريا تعرض للتعنيف مثل ما تعرضت له الطفلة رهف. وقال أيضاً أنها تعاني من إصابات نتيجة ما تعرضت له من الضرب عدة مرات قبل هذه المرة، وهنالك اثار وخير دليل أنهم سجلوا اثار الضرب المبرح في جميع زوايا جسدها بل حتى في ملامحها الواضحة، الصعق بالكهرباء، والحروق، وكدمات الضرب، ونزيف بالشبكة العنكبوتية للعين, وقد عانت ما عانت هذه الوردة من قبل ذويها, وان جميع الملاك الطبي حاول إنقاذها لكنه فشل بسبب صعوبة حالتها جراء ما اصابها … لابد أن نربي الأطفال على المحبة والتعاون, وان نصادقهم ولا نتعامل معهم بالعنف ولا نخلط بين مشكلاتنا العائلية وبين التربية, فلا ذنب لهم إن لم يكن بينكم مودة لأنهم ثمرة لهذه الحياة … يجب تشريع قانون حماية الأطفال.
دور المجتمع
الدكتور احمد الرديني قال: ان قضية تربية الاطفال والاهتمام بهم قضية مهمة وتحمل عدة محاور منها إعداد اب وأم قادرين وعلى اطلاع واسع في معنى الطفولة وكيفية التعامل معهم وكيفية تربيتهم بالصورة الأمثل، والمحور الآخر هو مساعدة المجتمع للأسرة بالوصول إلى هذه النتيجة ولربما محور مهم هو واجبات الدولة تجاه الطفولة بما يخدمهم وتكون النتيجة جيل متعلم متحضر عاش حياة الطفولة بكل استحقاقاتها.
وتابع الرديني: في مجتمعنا مع الأسف نفتقد إلى أغلب المحاور فمحور كيفية التعامل مع الطفل مفقود وكل شخص تجده يتعامل على وفق معايير عديدة كمزاج الشخص وحالته النفسية ومدى ثقافته وانعكاس تعامل الاهل معه وغيرها وتجد المجتمع لا يساعد على ذلك فظروف المعيشة وكثرة الأولاد والمشكلات الأسرية والمجتمعية وغياب العنصر الرادع سواء كان أخلاقياً ودينياً وقانونياً له أثر كبير في زيادة الحالات وانتشارها ، وحقيقة لدينا العنف ضد الأطفال هو ظاهرة متفشية تبدأ من التجاوز وعدم توفير الحقوق إلى الضرب القاسي ليصل إلى القتل وعلاج هذه الظاهرة هو بالعمل على المحاور التي ذكرتها وانشاء جيل متعلم مثقف له القدرة على التعامل الأمثل مع الأطفال.
مكافحة الجريمة
الناشط المدني شمخي جبر بين رأيه بشأن ذلك قائلاً: ان الامم المتحضرة ترى ان ثروتها البشرية لا تقل أهمية عن ثروتها المادية، وحتى تستطيع ان تحقق اهدافها، تضع على رأس اولوياتها رعاية الاطفال وابعادهم عن جو المشكلات التي تهدد نموهم وتكيفهم مع البيئة.
ولكن للأسف فأن اوسع شريحة تعرضت للإهمال هي شريحة الاطفال وهو ما يشكل كارثة على مستقبل اي مجتمع. وقد عرف الفصل الاول من مشروع قانون العنف الاسري بأنه كل فعل او قول او تهديد او امتناع عن فعل يرتكب على اساس النوع الاجتماعي من أحد افراد الاسرة ضد اي فرد منها ويترتب عليه اذى وضرر جسدي او نفسي او جنسي او اقتصادي، ولكن للأسف فان هذا المشروع بقى لدى مجلس النواب وفي ادراجه منذ 2012 بالرغم من تأكيد الناشطين والمنظمات المدنية على أهميته، فضلًا عن الحاجة الماسة لقانون كهذا.
وزارد الناشط المدني: ان مشروع القانون هذا أتخذ شرعيته استناداً الى المادة 29 من الدستور التي ركزت على اهمية ايجاد قانون محدد لمواجهة العنف الاسري، مشيراً الى الاتفاقيات الدولية التي وقع عليها العراق كاتفاقية سيداو، اضافة الى القوانين المحلية التي تركز على هذا الجانب.
وأضاف جبر : ان مكافحة جريمة العنف الاسري والوقاية منها والحد من انتشارها ومعاقبة مرتكبيها ووضع آلية لمساعدة الضحايا الذين تقع عليهم جريمة العنف الاسري وتأهيلهم والرعاية اللاحقة لهم، تعد خطوة مهمة تلك التي قامت بها وزارة الداخلية بالتعاون مع لجنة مكافحة العنف الاسري في وزارة الدولة لشؤون المرأة في العام 2012، باستحداثها خطاً ساخناً لتلقي الشكاوى التي تخص العنف الاسري والقضايا التي تدخل ضمن العنف الاسري هي اعتداء الزوج على زوجته بالضرب والاعتداء الجنسي على الاطفال من داخل الاسرة او خارجها والاعتداء على الاطفال بالضرب من قبل الاب والام. لكن للأسف بقت هذه الخطوة المهمة بعيدة عن التداول الإعلامي.
اذ ان خطوة كهذه لا يمكن ان تأتي ثمارها الا من خلال حملة اعلامية ثقافية تقوم بها الجهات المعنية، فضلاً عن منظمات المجتمع المدني، خاصة المنظمات النسوية بصفتها الجهة المستفيدة والمستهدفة في ان معاً.
كما يحتاج تنفيذ هذه الخطوة الى ملاك من الشرطة متدرب على حقوق الانسان.
يبقى من المهم التأكيد على انتاج اطر قانونية تحمي الاطفال وتوفير بيئة ملائمة لحياتهم وتربيتهم وتنشئتهم، وهنا يجب التأكيد على السلطة التشريعية في التصدي لمسؤوليتها في تشريع هذا القانون. واقصد به قانون العنف الاسري الذي مضى عليه أكثر من 7 سنوات في ادراج مجلس النواب.
في العراق يتعرض الطفل للإهمال وعدم الاهتمام، يتعرض للعنف في الأسرة والمدرسة والمجتمع. اهمال الطفل يعني ضياع مستقبل أية أمة لا تهتم بأطفالها لأنهم مستقبل هذه الأمة .وقد يكون هذا المستقبل مشرقاً او مظلماً .. مستقبل الأمة يتعلق بمدى الاهتمام بالطفل بتربيته وتعليمه واستقراره النفسي حتى يكون انسانا سويا. فماذا قدمنا لأطفالنا؟ ما هو الواقع الذي يعيشه الطفل في ظل أوضاع سياسية واقتصادية مرتدية؟
أطفال معنفون . أطفال محرومون من التعليم ..أطفال مشردون ونازحون وايتام وفقراء وأطفال ضائعون في تقاطعات الشوارع. في ظل هذا المشهد المرعب ماذا سيكون مستقبلنا؟ أنه التسارع وحث الخطى نحو الانهيار. إننا نضع لبنة على طريق الخراب وليس البناء.
وأشار الناشط المدني الى أني اردت ان أقرع أجراس التحذير من مستقبل خطير لعل مؤسسات الدولة ومنها المؤسسة التربوية تتصدى لمسؤوليتها. لعل منظمات المجتمع المدني المعنية بالطفل تنتبه للكارثة التي تنتظرنا…جهات كثيرة عليها ان تلتفت للواقع المرير لأطفال العراق.