السينما العراقية تودع شيخها وعرابها محمد شكري جميل

بغداد – سمير خليل
مات شيخ المخرجين، مات عراب السينما العراقية وأحد فرسانها، مات الاستاذ الجليل محمد شكري جميل، أمس عن عمر ناهز 88 عاما.
لم يكن محمد شكري جميل مخرجا للسينما فقط، فقد كان معلما لفن السينما، نهل من خبرته ومعرفته الكثير من فنانينا ومخرجينا، كان صارما وحازما في عمله، ولأنه فرض شخصيته كمخرج متمرس استطاع أن ينتج أفلاما بميزانيات ضخمة وبأعداد كبيرة من الممثلين والفنيين، وهذا ما أكسبه تلك الشخصية المميزة.
كبار ممثلينا وبمختلف أعمارهم كانوا يقفون أمامه باحترام، ويلتزمون بتوجيهاته التي ينهلون منها دروسا في حياتهم الفنية والعملية، ويعود له الفضل في اكتشاف وجوه فنية عديدة.
حتى في فترة دراسته الأولى في انكلترا وما بعدها حقق حضورا فنيا من خلال مشاركته في أفلام بريطانية، كشف من خلالها عن موهبة واعدة، وعندما عاد الى الوطن تصدى لتجارب سينمائية مهمة ونجح فيها لتصبح ايقونات في سفر السينما العراقية.
محمد شكري جميل ولد في بغداد عام 1937، درس السينما في المعهد العالي للسينما في المملكة المتحدة، بدأ تجربته سنة 1953 بإنتاج أفلام وثائقية لوحدة الإنتاج السينمائي في شركة نفط العراق وعمل في الافلام السينمائية العالمية “اصطياد الفأر” لبول روثا، وفيلم “عين الثعلب في الصحراء”، وفيلم الرعب ” التعويذة” الذي صور في مدينة الموصل شمال العراق.
عاد إلى العراق وشارك في الاخراج مع المخرج جرجيس يوسف حمد في إخراج فيلم ” أبو هيلة” عام 1963، وعمل في المونتاج في الفيلم التاريخي ” نبوخذ نصر” الذي أخرجه كامل العزاوي، والذي يعد أول فيلم عراقي ملون، ثم أخرج فيلم “شايف خير” عام 1968، وأخرج فيلم “الظامئون” عام 1973 والمأخوذ عن رواية الكاتب العراقي عبد الرزاق المطلبي، ثم أخرج فيلمه الكبير “الأسوار” عام 1979، والذي يتحدث عن المرحلة النضالية للشعب العراقي ووقوفه إلى جانب الشعب المصري في مواجهة العدوان الثلاثي بعد تأميم قناة السويس عام 1956، واندلاع انتفاضة 1956م بالعراق.
في عام 1982 أخرج فيلم “المسألة الكبرى” حيث شارك بجانب الفنانين العراقيين ممثلون أجانب من ضمنهم الممثل العالمي أوليفر ريد وفيلم “المسألة الكبرى” الذي يعد من أضخم إنتاجات السينما العراقية، ويتحدث عن نضال الشعب العراقي ضد المحتل الإنكليزي وثورة العشرين. وله أفلام عدة منها، فيلم “المهمة مستمرة” و”الفارس والجبل” و”عرس عراقي” و “اللعبة” و”الملك غازي”.
أما آخر أفلامه فكان فيلم ” المسرات والأوجاع” سيناريو وحوار ثامر مهدي، والفيلم أنتجته دائرة السينما والمسرح في بغداد ضمن الأفلام الروائية والقصيرة والوثائقية التي أنجزتها الدائرة ضمن مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية عام 2013 وبقي حبيس الأدراج طوال أكثر خمسة أعوام لأسباب مجهولة وغير معلومة، حتى أصدر وزير الثقافة والسياحة والآثار الدكتور أحمد فكاك البدراني قرارا بالسماح بعرض هذا الفيلم.
وحال ورود الخبر الحزين، قدم وزير الثقافة والسياحة والآثار الدكتور أحمد فكاك البدراني تعازيه للأوساط الفنية بوفاة المخرج العراقي الكبير محمد شكري جميل.
وقال الوزير في التعزية: تلقينا ببالغ الحزن والأسى نبأ رحيل المخرج العراقي محمد شكري جميل الذي يعد واحدا من رواد السينما العراقية العظماء ولكن روحه ستظل حاضرة في كل مشهد ولقطة رسمها بحب وشغف، ويبقى خالدا في تأريخ الفن والابداع بما تركه من إرث فني جسد عبقريته وموهبته المميزة.
خسارة هذا المخرج الكبير تأتي تزامنا مع أزمة السينما العراقية وافتقارها للأفلام الروائية الطويلة التي غابت عن شاشاتنا منذ تسعينيات القرن الماضي ولغاية اليوم، مع استثناءات نادرة لمخرجين أنتجوا أفلاما روائية طويلة تعد على أصابع اليد الواحدة.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة