وداد ابراهيم
التقدم الحضاري والتكنولوجي الذي أدخل إلينا أنواعًا متنوعة من السجائر الإلكترونية والأركيلة ومنكهات التبغ، إضافة إلى الانفتاح على العالم، كانت جميعها أسبابًا وراء تزايد حالات الإصابة بالأمراض التنفسية. فلم يعد البرد هو المتهم الرئيسي، لا سيما في هذه الأيام التي شهدت موجات برد، بل هناك أسباب ومسببات أخرى، أهمها التلوث البيئي والملوثات المختلفة، فضلًا عن العواصف الترابية التي اجتاحت أجواء العراق في السنوات الأخيرة، والتي يُعزى أهم أسبابها إلى التصحر. ولعل من أغرب الظواهر حدوث العواصف الترابية في فصلي الصيف والشتاء، حيث شهد هذا الموسم عواصف ترابية متكررة، كما أننا نلاحظ بين الحين والآخر تراكم الأتربة صباحًا على الأثاث والعجلات، ما يؤكد أن هبوب العواصف الترابية أصبح أمرًا واقعًا.
لذا فلا تصدق عبارة “انت النفس” التي يقولها المطربون في اغانيهم بعد ان اشارت الإحصائيات الرسمية إلى ارتفاع ملحوظ في حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي في العراق. ووفقًا للتقرير الإحصائي السنوي الصادر عن وزارة الصحة العراقية لعام 2020، بلغ عدد المصابين بأمراض الجهاز التنفسي 334,010 مراجعين في مستشفيات بغداد والمحافظات الأخرى، بمعدل 13.05% مقارنة بالأمراض الأخرى.
ومن المؤكد أن هذه الأرقام، التي تم رصدها قبل أربع سنوات ولم تصدر بعدها أي إحصائية جديدة، قد شهدت زيادة ملحوظة في الإصابات التنفسية لأسباب عديدة، من أبرزها الوافدون من دول الجوار خلال المناسبات الرياضية والدينية والوطنية.
إلى جانب تصنيف بغداد مؤخرًا ضمن المدن الأكثر تأثرًا بالتغيرات المناخية، تزيد من مشكلة التلوث. ولمواجهة هذه الظاهرة، يتطلب الأمر جهودًا مشتركة من وزارة الصحة والبيئة، إضافة إلى الجهات غير الحكومية، مثل منظمات المجتمع المدني، فضلًا عن تعزيز التوعية الصحية، بدءًا من المدارس والجامعات للوقاية من أمراض الجهاز التنفسي التي قد تكون لها عواقب وخيمة إن تفاقمت. ومن الممكن أن تُخصص بعض الفضائيات لقطات توعوية حول الأمراض التنفسية، مثل أضرار الأنواع الجديدة من السجائر التي تدخل الأسواق، إضافة إلى الأضرار الكبيرة للأركيلة والمواد السامة التي يستنشقها عشاق التدخين، وطرق الحفاظ على صحة الجهاز التنفسي.