سوريا والمثقف المأزوم

سلام مكي

كشفت أحداث سوريا الأخيرة، عن أزمة كبيرة وعميقة، تشهدها الساحة السياسية والاجتماعية العراقية، وعندما نقول كشفت، فإننا نعني وجود تلك الأزمة أصلا، لكن الأحداث السورية، قد كشفتها للعلن. فبمجرد أن تهاوى نظام الأسد، واعتلاء الجولاني، السلطة، انقسم العراقيون، خصوصا النخبة التي يفترض أنها مثقفة، الى تيارات مختلفة، ففئة معينة، أخذت تنشر أخبارا عن اغتيال عالم ذرة سوري، وآخر نووي. مثقفو الفئة الأخرى، تمثلت واجباتهم بنفي تلك الأخبار، وتكذيب أي خبر يختص اغتيال تلك الشخصيات. جهات أخرى، تسعى لأسطرة سجن صيديانا سيء الصيت، عبر نشر أخبار عن مكبس بشري، والتعذيب الممنهج الذي يمارسه جلادو النظام. بالمقابل، يتولى الفريق الآخر، تقليل من أهمية السجن، وما جرى فيه.

كل هذا وغيره، قد يكون مجرد منشورات، لشخصيات ليست بذات تأثير قوي وفاعل، على الجمهور، لكن الأغرب أن ينبري مثقفون لهم تأثيرهم الواضح، عبر العدد الكبير من متابعيهم، وظهورهم الدائم على شاشات الفضائيات، لتلميع صورة الجولاني الارهابي الذي ساهم بقتل عشرات العراقيين، أيام التفجيرات والمفخخات. الجولاني الذي يسعى العالم كله، لتلوين صورته السوداء، وجعلها بيضاء، نجد من يتماهى مع هذا التوجه غير الأخلاقي، للكثير من الدول المجاورة والبعيدة. الجولاني، قاتل، وإرهابي، مطلوب للقضاء العراقي، بتهمة الارهاب، يتم اليوم، وعبر منتمين لهذا البلد، وممن يطرحون أنفسهم على أنهم مثقفون، يقولون أن خطاب الشرع يتم بالاعتدال والوسطية، وروح المواطنة!! نعم، هكذا يقول بعض مثقفينا!! نفس المثقف هذا، يخرج لنا عبر الفضائيات، ليقول أن الجولاني، متواصل مع أمريكا منذ عام 2012 وأنه ساهم بالقضاء على البغدادي! وطبعا هذا التصريح الخالي من أي المصداقية، يسعى لتبرئة الجولاني من دماء العراقيين، وإخلاء مسؤوليته من حوادث التفجير والقتل بحق الأبرياء. رغم أن الجولاني نفسه، لم ينكر هذا الشيء، سوى أنه في ذلك الوقت، كان شابا، ومن قتلهم وساهم بقتلهم، قد يكونوا شهداء الطيش والشباب! بات من المؤكد جدا، أن هذا المثقف وغيره، يكتبون ويقولون نيابة عن جهات خارجية، أو دول، تملي عليهم ما يقولون وحتى ما يفكرون.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة