صور المرشحين.. دلالة ورموز

أكرم العبيدي *

حديث عابر في الشارع بين رجلين مسنين جعلني أتوقف أمام صورة لمرشح وأقول فعلا هل الجميع سيفوز( اكلك خوي ذوله كلهم راح يفوزون .. لالا يفوز الي يريده الجبير) بمعنى ان كل هؤلاء الذين علقوا صورهم لايفوز منهم الا من يريده الكبير والسؤال من هو الكبير الذي يقرر من يفوز ومن لايفوز .. واذا كان الأمر بيد هذا الكبير لماذا كل هذه الصور التي انتشرت في شوارعنا وأمام بيوتنا وعلى سطوح البنايات العالية.

صور يرغب أصحابها بصوت رجل عابر أو امرأة لا تعرف أن تقرأ أو تكتب .. صور بلا مشاريع ولا برامج انتخابية مجرد صور لا توحي بشيء تحول بعضها لسخرية المارة وتعليقاتهم التي ربما لا تخدم المرشح بقدر ما تترك أثراً سلبياً داخل نفسية الناخب الذي علقت كل هذه الصور من اجله.

لو أخذنا أنموذجاً لمحافظة ما ولتكن بابل مثلا وحسب مانشر فأن عدد مقاعد تلك المحافظة 17 مقعداً من ضمنها 5 مقاعد للنساء وعدد المرشحين فيها 573 مرشحاً, هؤلاء جميعاً وضعوا صورهم في شوارع تلك المدينة وبحسبة بسيطة لو ان كل مرشح وضع 500 صورة وهذا الرقم بسيط قياساً ببعض المرشحين فأن لا مكان في المدينة سيكون فارغا فمن منهم يتأمل ان يفوز ولماذا يصر البعض على المشاركة علماً انه لا يملك جمهوراً كبيراً يقف خلفه .

كلمة الرجل المسن تقترب من واقع تلك الانتخابات ونعتقد نحن أن الإصرار على المشاركة هو مجرد البحث عن فرصة او ضربة حظ كما يقال لكن هل هذه الفرصة متوفرة في ظل المناخ السياسي والانتخابي ووجود الكتل التي يقودها الكبار هؤلاء المتصارعون على السلطة في ظل غياب الخيارات كما يبدو واعني هنا بالخيارات خيارات الناخب الذي يقع تحت هيمنة وظل هؤلاء الذين يعدهم الوعي الجمعي كباراً .. واذا كنا نؤمن بالكبار لماذا الصغار يرشحون أنفسهم.

يبدو من التجارب الانتخابية السابقة ان كتلاً بعينها هي المهيمنة على المشهد السياسي وقد اسست لنفسها مواطئ وجمهوراً تعتمد عليه وهي تتوقع ارقاماً لعدد مقاعدها في المحافظات اضافة لقيام بعضها بتجنيد كتل صغيرة للحصول على مقاعد اضافية او وجوه جديدة تستبدل فيها وجوهاً لم تعد مقبولة في الشارع العراقي .. انها لعبة الاذكياء كما يحب ان يسميها البعض .. اذن هؤلاء المرشحون الصغار امام لعبة انتخابية يدركون جيداً انهم خاسرون فيها.

قد لايعني الفشل للبعض شيئا المهم هو أن يضع نفسه في مواجهة أجندات وقوائم لها محمولاتها الفكرية والعقائدية والمناطقية والمذهبية عادّاً ذلك فرصة لتحقيق ذاته وهو يزاحم اسماء وصور مرشحين لهم الحظوة والمكانة في المشهد السياسي .. قد يعتقد البعض ان من حق الجميع ان يرشح و يشارك في المنافسة ونحن نقول نعم من حق الجميع المشاركة ولكن ليس في ظل هذه الفوضى.

الكل يحلم بالفوز لهذا علق صوره بشكل فوضوي وزاحم المارة على الأرصفة مما سبب إرباكا في حياة الناخب وربما جعل البعض يلعن الانتخابات وربما راح لحاسبته الشخصية ليحسب كلف ما صرف على تلك الدعاية وعدّ البعض ما يجري هدراً للمال العراقي نتيجة شراء البعض مواد الدعاية الانتخابية بالعملة الصعبة وهذه العملة تخرج خارج العراقي, انها محنة الانتخابات التي نرغب ان تسير بشكل طبيعي وتحقق رغبات الناس.

ماذا لو اخترنا مكانا مناسبا مثلا ملعبا لكرة القدم نعرض فيه صور المرشحين ونذهب نحن جميعا كمواطنين ونختار من نريد , لماذا لانجعل ساحة واحدة وسط المدينة اذا تعذر علينا إيجاد ملعب لكرة القدم هذه الساحة يتم تخصيصها للدعاية الانتخابية والمواطن يذهب لتلك الساحة للاختيار لكننا يبدو اننا لانعيش الا وسط الفوضى , الكل يعاني من تلك الفوضى .

الداعية فن والاعلان فن لكن مرشحينا بعيدون كل البعد عن هذا الفن وإلا لما رأينا هذه الفوضى في الاعلان .. صور المرشحين على الارصفة تدوسها اقدام المارة , لم يأخذ المرشحون العبرة والدرس من الانتخابات السابقة , الصورة لاتأتي بصوت العمل والفعل والحضور الفاعل بين الناس من خلال البرنامج الانتخابي للقائمة وليس للشخص لقد اثبتت تجربة البرلمان العراقي ان الاشخاص لاقرار لهم ونعود لكلام المسن ان القرارات كلها بيد الكبار والكبار هم من يقود البرلمان.

بلا وعود رجاءا لان الناس بدأت تعي ولن تدفعهم صورة في الشارع بل ما سيدفعهم للذهاب الى صناديق الاقتراع هو العراق وما لدينا اليوم خيار سوى العراق.

* كاتب عراقي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة