سلام مكي
عشرة أشهر مضت على شغور منصب رئيس مجلس النواب العراقي، بعد قرار المحكمة الاتحادية العليا القاضي بإنهاء عضوية الرئيس السابق للمجلس محمد الحلبوسي. هذه الـ 10 أشهر، شهدت الكثير من المحاولات لانتخاب رئيس جديد للمجلس، من خلال إجراء انتخابات داخل المجلس، ولعل الجميع يتذكر ما حصل فيها من أحداث، وما رافقها من تبعات سياسية وقضائية. عشرة أشهر، بقي فيه منصب أعلى سلطة تشريعية شاغرا، يدار من قبل النائب الأول لرئيس المجلس، الذي استطاع الى حد كبير، إدارة الجلسات.
إن بقاء المنصب شاغرا طوال هذه المدة، أمر لا يمكن أن يحدث في باقي دول العالم، فأي منصب في الدولة، يحتاج الى آليات قانونية لإشغاله، فهنالك منصب يحتاج الى شروط معنية، منها الشهادة والخبرة وعدم المحكومية، وهنالك مناصب تحتاج الى موافقة مجلس النواب وفقا للدستور، الذي اشترط التصويت على الدرجات الخاصة داخل مجلس النواب. أما المناصب العليا في الدولة، كرئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية، فهي تحتاج الى الشروط التي نص عليها الدستور، إضافة الى ذلك تحتاج الى توافق سياسي بين جميع الكتل، والمدة التي تستغرقها الكتل للتوافق على منصب تمتد الى شهور عدة. وفي حال شغور ذلك المنصب، فإن المهمة تبدو أكثر صعوبة، حيث تتضاعف المدة التي تحتاجها الكتل لإيجاد بديل، وهناك مناصب تبقى شاغرة لحين انتهاء الدورة الانتخابية، ليتم البدء من جديد في مارثون المباحثات بين الكتل. اللافت في بقاء كل هذه المدة دون انتخاب شخصية بديلة، هو موافقة أصحاب الاستحقاق الذين يرون أن منصب رئيس مجلس النواب من استحقاقهم، ولا يجوز أن يكون لغيرهم، لكنهم ارتضوا أن يبقى استحقاقهم بيد غيرهم، طوال تلك المدة، وهي سابقة لم تحدث من قبل.
المشكلة التي نجدها في العراق فقط، أن أي منصب في الدولة العراقية، يحتاج الى ولادة عسيرة، لا مثيل لها في كل العالم! فلابد للحصول على منصب وزير في الحكومة العراقية وجود توافق سياسي بين جميع الأحزاب، عدا الأمور المخفية، ولابد أن تقبل به جميع الكتل السياسية. أما المناصب العليا، فربما نحتاج الى موافقة دول!