في النهرِ الدافئ صار القاربُ كفّاً

حسين بهيّش*

العبور إلى البرزخ

الموتُ مفتاحُ الأقفال
التي طَالما بَحثتُ عنها
مقهوراً بفكرة الموتِ
إلى أن حُمِلتُ فجأةً فوقَ الأكتاف
مثلَ تلّ
حُجّ بي في الأضرحةِ
ثم أنزلتني يدُ الدفّانِ الخشنةِ
إلى الحفرةِ الوعرة
يا للوحشةِ
وهم ينثرونَ التُرابَ فوقَ التُراب.


الكفن

سلاحُ الموتى الوحيد.


صافٍ

صافٍ مثل جلد شمعةٍ أُشارك تلويحاتِ الشموع
التي كانت يوماً:
لأعياد الميلاد
للعب
للذكرى
للموت
أُشاركها حتى الاحتراق والانطفاء.

لقد نجوت حين أغلقتُ عيني غير فاهٍ لأحد
استمعتُ فقط:
وجدتني مذموماً منهوباً
من غرفتي إلى آخر الشارع
لقد تخلّصت من اجترارٍ شرهِ
عندما رميت صندوق النيّات فـي النهر…
صافٍ أيّها النهر
مثلَ لُعاب طفل
مثلَ صندوقي
مثلَ غضبي الذي كان شرارة بريئة.

منذُ ذلك الوقت تعلّمت كيفَ تنتحر الأسرار العابرة
حدود النافدة.

الذين سرقوني
اشتريتُهم نكتةَ ضاحكة
أُدغدغ بها أصابعي الثكلى.


طيف العطش

تحملُ النساء الجِرار
معصوباتِ الرأس بشالاتٍ ملطَّخة بالطين
أثر الماء باقٍ في جيوبهن
محاولة لمناغاة طيف العطش
الذي يروي البساتين بالأسرار والعشب
أقفُ تحتَ فيءِ نخلةٍ ثم أستظلُّ وأنتظرُ هذا الشروق
أشمّ الزهور عن قرب
مثلَ حقول نعناع تعجّ الرائحة بالجو
حيث يهمس الظلّ للنهر
كأنه يدغدغ ساق النخل
ليهبط على العشب
على أثر زقزقة العصافير، يطير الصباح، على جنح سعفة ليضربَ موعداً مع الغيم، هكذا نتداخل مثلَ خيط يلفُّ حزمة من الزهور.

  • شاعر عراقي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة