سامي حسن
الزميل المرحوم إسماعيل زاير رئيس تحرير صحيفة الصباح الجديد كان أول من تولى رئاسة تحرير صحيفة الصباح عند إنشائها عام 2003 بعد أسابيع من سقوط النظام السابق لتكون جريدة الدولة وليس لسان حال الحكومة.
وقد واجه رئيس التحرير صعوبات جمة وكبيرة في أثناء عمله في إدارة تلك الصحيفة ما اضطره إلى الاستقالة وإنشاء صحيفة خاصة به اطلق عليها اسم “الصباح الجديد” وأراد لها أن تكون بديلا موضوعيا مستقلا عن صحيفة الصباح بكل ما متاح له للنجاح من أدوات النشر من توفير الموقع والمطبعة وبشكل خاص العاملين من الصحفيين والفنيين والاداريين وغيرهم .
لرحلة العدد (0) صفر قصة طريفة حدثت في حينها في صباح ذلك اليوم من أواخر شهر اذار عام 2004 كنت منهمكا في عملي بتحرير الاخبار واذا بأحد الزملاء يحمل ورقة وقلما توقف عند عدد من الزملاء في قسم التحرير طالبا كتابة اسمه الثلاثي وتوقيعه ، لا اعرف بالضبط لماذا انتابتني الغبطة ولمع قلبي بشكل غير عادي فابتسمت للزميل واثق وقلت له يا الله صباحك مبارك قد تكون المكافأة جيدة .. فما كان منه الا ان ابتسم وانتقل الى الزميل الاخر .. وانتهى اليوم على خير مثلما يقول المثل ..
في صباح اليوم التالي عاد رئيس التحرير إسماعيل زاير من مشوار له من هيئة الاعلام وبدأت الاجتماعات بدءا من هيئة التحرير ثم رؤساء الأقسام والشعب وبدأت الأمور تتطور الى شبه ( الفوضى ) بعد ان تم نقل ( اضابير ) المنتسبين وبعض المعدات والأجهزة المهمة الأخرى الى الموقع الجديد الذي تم اختياره لاصدار العدد صفر من جريدة الصباح الجديد ، في الوزيرية أيضا في الشارع المحاذي لشربت الطارق ، وهو الشاهد الوحيد الدال على موقع الجريدة حتى كانت شبه مسيرة من الموقع الحالي لجريدة الصباح في المطبعة رقم 3 التي كانت تصدر منها جريدة بابل والملاعب .. الى ذاك الموقع .
كان العمل شبه مستحيل لاصدار العدد صفر من جريدة الصباح الجديدة لعدم اكتمال خطوط الانترنيت ونصب الحاسبات وأجهزة الكومبيوتر ونقاط الكهرباء ، بالرغم ان موقع الجريدة كان خلية نحل الجميع يعمل بلا كلل ولا ملل بل كانت الفرحة في القلوب والابتسامة مرتسمة على الوجوه حتى جاء صوت رئيس التحرير الهادر .. ( غدا يكون العدد صفر ) لدى القراء ومن لا يجد في نفسه المقدرة على المتابعة لانجاز العمل فليترك المكان ، لأننا قمنا باختياركم وانتقاءكم زميلا زميلا وواحدا واحدا .. أي انكم النخبة التي جئنا بها من جريدة الصباح الى هذا المكان .. وهنا اتضحت لي الصورة المثلى لتلك الورقة التي حملها الزميل (واثق ) وسجل فيها أسماء العديد من الزملاء مع توقيعهم ، فكانت خير مكافأة .. يا الله .. قلت لنفسي انها لم تكن مكافأة مادية بل كانت مكافأة مهنية بكل المقاييس والقيم فالف رحمة على روحك أيها الصديق العزيز والزميل القدير إسماعيل زاير ..
والشئ بالشئ يذكر ان المرحوم إسماعيل زاير قال إن المؤسسات التي كانت تدير جريدة “الصباح ” في حينها لا تريد لها أن تكون مؤسسة مستقلة مهنية، وحين أقمنا الجريدة كان المخطط شيء وما صارت إليه الأمور شيء آخر، وقد كرس جميع من تعاقبوا على الأشراف على مشروع الجريدة مفهوم أنها صحيفة السلطة والحكومة، في حين كان ينتظر منها أن تكون صحيفة الدولة، وكانت المشكلة الكبرى أن أي متخصص في الإعلام لم يكن ضمن الجهات المشرفة على العمل لنتحاور معه، فمع الأمريكيين جاءت “شركة أس سي آي سي”، ثم تبعتها شركة “هاريس ” ولم يكن أحد بين منتسبي هاتين الشركتين من المختصين بالإعلام، وهم من تولوا تعيين الصحفيين، وقد نقلوا موظفين من صحيفة الرياض وشركة الفوراس إلى ملاك الجريدة، ثم عينوا رئيسا للتحرير مجردا من الصلاحيات ولا يحق له كتابة افتتاحية الجريدة، ثم تعاقب رؤساء التحرير وفقا لأهواء الحكومات المتعاقبة، من هنا فقد تغير مسار خطاب الجريدة وأسلوب عملها. أما هيئة الأمناء التي تشرف نظريا على عمل شبكة الإعلام العراقي فقد كانت هيئة مجردة من الصلاحيات وذهبت جهودها للإصلاح هواء في شبك”. ، ولذلك كان لابد لنا من الانتقال من جريدة الصباح الى مصاف جريدة الصباح الجديد بكل ما تعني من قيم ومقاييس في تلك الفترة .. بعد ان نجحنا في نقل ” الصباح الجديد” الى مصاف الصحف العربية الممتازة بل أيضا الى مصاف الصحف العالمية كونها جريدة مستقلة بمعناها الحقيقي ، وبقيت تسير ثابتة الخطى حتى عام 2014 عندما بدأ التدهور الاقتصادي يضرب باطنابه فاصاب الجريدة ما أصابها من الوهن الاقتصادي ومع ذلك بقيت تكافح بكل قوة وصلابة من اجل ديمومة إصدارها من خلال قلة من الزملاء العاملين وبرواتب لا تصل أحيانا الى الاكتفاء الذاتي لاجور النقل او تناول الطعام ..
فلتنم قرير العين ولك رحمة الله ومغفرته في مثواك الأخير ..
إسماعيل زاير.. ورحلة متاعب العدد صفر لجريدة الصباح الجديد
التعليقات مغلقة