الشارقة الثقافية.. غرف مضيئة.. في كل بيت

حجاج سلامة

صدر أخيراً العدد (56) لشهر يونيو من مجلة (الشارقة الثقافية) التي تصدر عن دائرة الثقافة بالشارقة، حيث جاءت الافتتاحية بعنوان (الصفحات الثقافية ودورها التنويري)، مشيرة إلى أن هذه الصفحات مازالت حاضنة للإبداعات والثقافات والعطاءات، ومنبراً خلاقاً في تطوير الفكر وتنمية الذائقة وتجديد الإحساس بالجمال والإبداع، واعتبرت أنه لا وجود للصحيفة من دونها، ولا تأثير أو إسهام في أي مجتمع من دون دورها الفاعل وفضائها الخصب ونتاجها الثري، وأضافت: ففي هذه الصفحات تجلت قيمة المبدع وانطلق صوته وارتسم حلمه، وبين دفتيها ينعت الخطوات الأولى نحو التغيير والتنوير، فكانت انعطافة مهمة في تطور المشهد الثقافي والأدبي والارتقاء به، أعطت الفكر العربي تميزه وعمقه وبلاغته، كما أعطت الثقافة بشكل عام والأدب بشكل خاص بعداً جديداً دفع به إلى الازدهار والتألق والتواصل.  

أمّا مدير التحرير نواف يونس، فأكد في مقالته التي حملت عنوان (غرف مضيئة.. في كل بيت) أنّ المكتبات عبر التاريخ أثرت الحضارة الإنسانية جمعاء، وأن العرب والمسلمين، قد أسهموا بنصيب وافر في تطور وتقدم المعرفة والعلوم في العالم أجمع، وأوضح أنه منذ أن حُفظت الكلمة مكتوبة على العظام والطين والمعادن والخشب والبردي والحرير، إلى عصر الورق والأقلام، ومنذ أيام الفراعنة والبابليين والسومريين، كانت مكتباتنا وباستمرار إلى جوار المكتبات العظيمة في اليونان وروما، ممثلة في مكتبة الإسكندرية، والمكتبات الفينيقية التي سادت سوريا ولبنان وفلسطين وتونس، إلى جانب أشهر المكتبات وما تلاها، ومنها (دار الحكمة) في بغداد، ومكتبات الأندلس الشهيرة، التي أشاعت النور في العالم، وأهمها مكتبة قرطبة، وغيرها من المكتبات التي تأسست على امتداد الوطن العربي والعالم الإسلامي.

من جهته، واصل يقظان مصطفى إلقاء الضوء على إنجازات الحضارة العربية، وتناول في هذا العدد علم الأنواء والأزمنة عند العرب، فيما أجرى ضياء حامد حواراً خاصاً مع أول المكرمين في (ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي) سيد إمام الذي أكد أنّ الترجمة توازي الكتابة الإبداعية.

وفي باب (أمكنة وشواهد) كتب محمد العيساوي عن مدينة (طليطلة) التي لاتزال تحنّ لتاريخها العربي الإسلامي، وجال حجاج سلامة في ربوع عروس الصعيد (المنيا) التي تعد ملتقى الثقافات والحضارات منذ فجر التاريخ، فيما قرأ محمد الإدريسي سيرة مدينة (أبركان) التي تعتبر من عواصم الأدب المغربي المعاصر. 

أمّا في باب (أدب وأدباء)؛ فكتب عبده وازن عن الشاعر العراقي بلند الحيدري الذي يعدّ في طليعة الشعراء المجددين، وتناولت هبة محمد شاعر الفكاهة والظرف حسين شفيق المصري الذي رحل بعد أن ترك ثروة شعرية أدبية، واستعرض وليد رمضان سيرة الأديبة لبيبة هاشم التي تعد من رائدات الأدب والصحافة العربية، ورصد د. ميداني بن عمر معضلة التجنيس بين القصة القصيرة جداً وقصيدة النثر، وتوقف هاني الشويكاني عند الكاتب المسرحي جورج برناردشو الذي بدأ مغموراً قبل أن يصبح كاتباً عالمياً، فيما قدم أحمد أبوزيد إضاءة على شعراء العربية وعهود الصبا، وكيف تعددت إبداعاتهم في التحسر على الشباب والتضجر من المشيب، وحاور وفيق صفوت مختار الشاعر أحمد سويلم الذي اعتبر أن الحلم يبدأ من ثقافة الطفل، وتناول د. صالح هويدي الأسلوب الشعري عند ساجدة الموسوي ورأى أن رسوم الطفلة في مخيلتها صارت وروداً في شعرها، كما أجرى أحمد اللاوندي حواراً مع القاص والروائي محمود الرحبي الذي رأى أن الرواية هي الوعاء السحري الذي يمكنه استيعاب كل شيء، وحاور خليل الجيزاوي الكاتب محمد خليل الذي أكد أن جذور القصة القصيرة رسخها قدماء المصريين، بينما تناول عزت عمر ظاهرة شوقي برأي العقاد ملقياً الضوء على مدرسة الديوان والقيم الجمالية الحديثة، كما تضمن العدد مقابلة مع الروائي عزت القمحاوي الذي استلهم من الريف ولم يقع في أسره واعتبر أنه كاتب قبل أن يكون صحافياً، كما حاوره محمد زين العابدين، إضافة إلى حوار مع الروائي والناقد عمار علي حسن الذي أكد أن الأدب يبني رؤية حقيقية للذات والعالم، كما حاوره الأمير كمال فرج، وإطلالة على سيرة الشاعر هلال العامري الذي اعتبر أن الشعر رؤيا وأسماء، وشمس جذلى، وخبز يومي، ورغيف وهواء، بقلم عبدالرزاق الربيعي، وإضاءة على المستشرق رينولد ألين نيكلسون الذي درس الفكر الإسلامي وترجمه عالمياً بقلم عبدالله بن محمد، كذلك تضمن العدد إطلالة على تجربة الأديب غائب طعمة فرمان الذي سجل أحلامه بين أزقة بغداد القديمة بقلم عبدالعليم حريص.

وفي باب (فن. وتر. ريشة) نقرأ الموضوعات الآتية: محمد خَدّة.. لوحاته تنبض بروح الخط العربي – بقلم د. محمد الهدوي، أسعد عرابي.. حبرّ دمشق بسردية بصرية جمالية – بقلم محمد العامري، زكي ناصيف من مؤسسي مدرسة بيروت الموسيقية – بقلم أديب مخزوم، أنتوني هوبكنز أداء عبقري في فيلم (الأب) – بقلم أسامة عسل، بديع خيري.. من رواد السينما والمسرح في مصر – بقلم مصطفى محرم، أبجدية الشعر والموسيقا في فضاء الغناء – بقلم غنوة عباس.

من جهة ثانية؛ تضمّن العدد مجموعة من المقالات الثابتة، وهي: متى نكتب تاريخ العرب – بقلم د. محمد صابر عرب، تجليات الترف في بنية القصيدة الأندلسية – بقلم د. مصطفى حكماوي، الإسبان يحتفون سنوياً بقراءة رواية (دون كيخوتي) – بقلم خوسيه ميغيل بويرتا، خطاب الهامش ووظيفة الراوي وأفق جبرا إبراهيم جبرا – بقلم نوال يتيم، أدباء يكتبون الواقع – بقلم أنيسة عبود، الإيقاع والإبداع في الطبيعة والأدب والفن والعلم – بقلم نبيل سليمان، الذكاء الاصطناعي والأعمال الأدبية – بقلم سوسن محمد كامل، تطور المعلوماتية والمنتج الثقافي – بقلم أحمد يوسف داوود، تجليات الخيال الجديد في الفن والأدب المصري – بقلم اعتدال عثمان،  دفاتر الفنان غسان غائب الشعرية – بقلم د. حاتم الصكر، لماذا الرومانسية.. وهل مازال في الكون متسع لها – بقلم د. حاتم الفطناسي، النقاد.. حراس حقيقيون للإبداع – بقلم سلوى عباس، النقد الأدبي بين الابتكار والمزاولة من منظور حداثوي – بقلم ميثم الخزرجي، آمال الميرغني وسحر الحكي وغموضه – بقلم محمد رفاعي، النقد.. والتخصص – بقلم حسن الربيح، إبداع الأمهات.. وأمهات المبدعين – بقلم مفيد أحمد ديوب، بلاغة الامتداد وجماليات الانتظار في حكايات (ألف ليلة وليلة) – بقلم د. سعيد بكور، مركزية التشكيل البوهيمي بين مزج الضوء وقضايا المنتصف – بقلم نجوى المغربي، البشرية.. تاريخ متفائل – بقلم نجوى بركات، سفير المقام العراقي.. حسين إسماعيل الأعظمي – بقلم عبد الرحمن الهلوش، للصورة قوة أخلاقية مدنية – بقلم أنور محمد، من خصائص التأليف المسرحي العربي – بقلم فرحان بلبل.

وفي باب (تحت دائرة الضوء) قراءات وإصدارات: مسرح توفيق الحكيم برؤية محمد مندور – بقلم نجلاء، زاهرة عبد الوهاب تبحث عن الأمل في روايتها (شبابيك أوروك) – بقلم أديب حسن، ديوان (أحلام ومدى) للشاعر طلال سالم – بقلم انتصار عباس، يصوغ تسلسل الحكي.. هانز كريستيان أندرسون – بقلم مصطفى غنايم، المسرح الملحمي.. د. عبد الغفار مكاوي – بقلم ناديا عمر، غادة محمد تبحث عن الجذور في روايتها (المخالف) – بقلم زمزم السيد، رواية علمية لمرحلة اليافعين.. فداء الزمر في روايتها (ثايلاكويد) – بقلم عمر أبو الهيجاء، محمد رمصيص يتأمل جدل العلاقة بين القلق والكتابة – بقلم يوسف رجب.

وأفرد العدد مساحة للقصص القصيرة والترجمات لكوكبة من الأدباء والمبدعين العرب، وهي: د. علياء الداية (شاحنة الأمنيات) قصة قصيرة، تلاشي الأماني في قصة (شحنة الأمنيات) لـ د. علياء الداية / نقد- بقلم عدنان كزارة، نادية أحمد محمد (القرار) قصة قصيرة، د. عبدو زغبور (من الشعر الياباني) شعر مترجم، سالي علي (ثلاث قصص قصيرة جداً).

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة