تغيرت تقنيات الصورة ووسائلها وبقيت الورقية اصدق توثيقا

وداد ابراهيم
بسبب التغيير الذي طال كل مفاصل الحياة خاصة بعد دخول التكنلوجيا الى كل جزء منها، كان لابد ان تتغير تقنيات الصورة ووسائلها، وبعد ان كانت حصرا على الكاميرا الفوتوغرافية والافلام التي يقوم المصور بتحميضها داخل غرفة خاصة، صارت الكاميرا جزءا من الهواتف المحمولة وصار التقاط الصورة ايسر واسرع، وبعد ان كان منظر المصور في الشارع الباحث عن زبائن يبتغون توثيق رحلتهم، صار المنظر غريبا بعض الشيء خاصة بالنسبة للاجيال الجديدة.
المصور كريم علي المعروف بـ ابو بهاء” احد المصورين الجوالين الذين كانوا يجوبون شوارع بغداد بحثا عمن يرغب بالتقاط صورة للذكرى. تحدث عن رحلته مع التصوير الفوتوغرافي: “في بداية حياتي كنت رساماً، إلا أنني لم أحقق النجاح الذي كنت اطمح اليه، فاستبدلته بكاميرا صغيرة كانت تعود لشقيقي الأكبر، وأخذتها متجولاً في شوارع بغداد وأزقتها لأكون امام الدرس الأول في التصوير الفوتوغرافي الذي تعلمته من المشاهد والشوارع، ألتقط صوراً لأشخاص وأماكن وأزقة ومحال، وأتجول في الأسواق الكبيرة مثل الشورجة والسوق العربي، والأماكن التراثية، فأحصد الكثير من اللقطات والزبائن، وما أن ينتهي يومي حتى أذهب بالصور إلى المختبر الخاص بي، وفي اليوم الثاني آخذ الصور لأوزعها على أصحابها، أما إذا كان احترق الفيلم فتكون الخسارة كبيرة ولا يمكن إعادة أي لقطة، ليصبح التصوير عملي ومهنتي وهوايتي التي بدأت تأخذ حيزا كبيرا في حياتي، فأصبحت جاهزا للعمل في محال التصوير الكبيرة والمعروفة في بغداد مثل (الجنائن المعلقة وذكريات)”.
وتابع: “كان ذلك بداية عام 1980، كنت أذهب إلى المدارس وأطلب أن أرافقهم في السفرات المدرسية التي تعد فرصة كبيرة لالتقاط أجمل اللقطات، وأذهب بها بعد أيام الى المدرسة بعد أن أضع خلف الصورة رقماً خاصاً باللقطة، حتى أجد أن علي أن أطبع عشرات اللقطات، وهذه هي الفرصة الكبيرة لبيع عشرات الصور مرة واحدة”.
وأضاف: كان أصحاب المحال في الشورجة والسوق العربي والباب الشرقي يعلقون صوراً على الجدران توثق لحظات عملهم أو علاقاتهم أو زيارة أصدقائهم أو أقاربهم لمكان عملهم وحتى أصحاب المركبات الكبيرة والصغيرة يعلقون صورهم داخل العجلة، لكن هذا التقليد انتهى ولن يعود بعد تراجع أهمية الصورة الورقية التي اجدها اصدق وثيقة”.
عمل كريم علي مع كبار المصورين في بغداد وتعلم الكثير من أسرار اللقطة، ويقول: “كان الكثيرون يتوقفون أمام محال التصوير في الباب الشرقي وشارع الرشيد للاطلاع على اللقطات الفنية التي تزين الواجهات، وظهرت أسماء كبيرة في مهنة التصوير مثل (ارشاك ومراد الداغستاني) وغيرهم، وكان للصور الورقية وقعها وتأثيرها الكبير، فكانت بعض الصحف ترتاد محال المصورين لشراء صور أماكن أو صور تراثية أو دينية أو سياحية أو صور شخصيات أدبية أو علمية وغيرها، حتى أصبحت مهنة التصوير تمثل جزءًا مهما في حياتي وأشعر ان يومي يبدأ حين أخرج وترافقني كامرتي وكأني أمثل تقليداً بغدادياً تراجع مع مرور الزمن، ومع هذا أجد خلال تجوالي اليومي من يقف أمامي لألتقط له صورة وأعود في اليوم الثاني ومعي الصورة، وأكثر الزبائن أحصل عليهم في حديقة الأمة والباب الشرقي”.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة