الصباح الجديد – متابعة:
مع ان احدى غايات الصوم في شهر رمضان، الاحساس بمعاناة الجياع والفقراء، ليكون وسيلة مشجعة لمساعدتهم، لكن هناك من يجد ان نشر موائد الافطار المتنوعة تناقض هذه الغاية لانها تستفز الفقراء والمحتاجين، ما مدى صحة هذا الرأي؟
هناك بعض الدعوات على مواقع التواصل الاجتماعي بشتى مسمياتها للابتعاد عن نشر صور موائد الافطار المليئة بكل ما لذ وطاب، وان نتشارك مع الفقراء والمحتاجين بعض ما نطبخه من اكل كي يبارك الله ببيوتنا ورزقنا.
البعض يجد ان نشر هذه الصور طريقة لتوثيق حياتهم اليومية في شهر رمضان، والبعض الاخر يجد انها طريقة للتباهي. وترى خريجة التسويق والتجارة الدولية، سلمى أوملال، أن نشر صور الأكل فعل تشاركي وواحد من الأسس التي تبنى عليها وسائل التواصل الاجتماعي.
وتوضح: «من يعد هذا التصرف أذية للفقراء يشبه كثيرا من يقول إن من يضع صورته في كامل عافيته يؤذي من يعانون من إعاقة، أو من ينشر صورة في أثناء تخرجه الجامعي يؤثر في نفسية من لا يحمل شهادات أكاديمية، أو أن صور الأمهات مع أبناءهن تحزن النساء العقيمات».
واضافت: «من لا يمتلك قوت يومه لا أظن أنه يملك هواتف ذكية ومالا ينفقه على فاتورة الإنترنت ووقتا يمضيه على مواقع التواصل الاجتماعي ليشاهد موائد الآخرين».
من جانبها تصف طبيبة الأسنان، وفاء شفيرة الفعل بـ»المرض النفسي»، وتقول: «أرفض الأمر كليا، صحيح أننا في عصر الصورة الجميلة، لكن بالنسبة لي أصبح الأمر مرضا نفسيا وتباهيا أكثر من أي دافع آخر».
وتؤكد شفيرة أنه في حال كان الدافع تقاسم طبق شهي معين فليس في ذلك عيب، لكن «نشر صورة مائدة بكاملها للتباهي بفخامة الأواني والزينة وتنوع الأطباق المطبوخة يصبح سلوكا مرفوضا أخلاقيا، خصوصا خلال هذه الأيام العصيبة».
غزلان بوطيب فتبرر نشرها لصور المأكولات بكونها شغوفة بالطبخ. «أملك صفحة على إنستغرام، أنشر من خلالها الأطباق التي أعدها بكل حب وأقدم الوصفات لمن يريد ذلك. لا أرى في ذلك عيبا، بل وسيلة إلهام وتبادل أفكار وتبقى الأعمال بالنيات التي لا يعلمها إلا الله».
تكتفي سكينة بوعلام بنشر صور مائدة الإفطار الخاصة بها على تطبيق «واتساب» في مجموعة تضم العائلة فقط. وقالت: «لا أمانع النشر بشكل محدود مع العائلة أو في مجموعات الطبخ على فيس بوك لأنه أمر محفز ويقدم أفكارا ونصائح».
وتتفق كوثر محمدي خريجة الدراسات القيادية في رأيها مع سكينة معدة أن نشر الصور في سياق مجموعات هدفها الأساس تقديم وصفات الأطباق «أمر اعتيادي» لكن خارجها فهو «عيب بحق المحتاجين».
يؤكد الأخصائي بعلم النفس، رضا أمحاسني أن نشر المائدة الرمضانية على مواقع التواصل الاجتماعي لا يصبح اضطرابا نفسيا إلا عندما تكون وتيرة النشر كبيرة خلال اليوم.
ويعد المعالج النفسي أنه «يمكن أن تكون العملية مجرد فعل مسل للبعض، أو للتباهي وإظهار المستوى المادي ومدى النجاح الديني في إقامة الفريضة والإنفاق للبعض الآخر، فيما يعد تعبيرا عن الفرحة لبعض النساء بما يهيئنه من أطباق شهية».
في المقابل، يلفت أمحاسني إلى أن «الأمر لا يصبح اضطرابا نفسيا ويخرج عن إطار السلوك الاعتيادي إلا عندما تزداد حدة ووتيرة النشر بشكل متسارع. ويمكن أن إسقاط هذا الفعل على ما جاءت به الجمعية الأميركية لعلم النفس بخصوص صور (السيلفي). إذ أنها تعد أن كل من ينشر ثلاث صور من ذلك النوع في اليوم فهو على حافة اضطراب نرجسي، يبحث عن اعتراف الآخر بشكل مرضي وقد يدخل في نوبات إحباط وقلق وتوتر إذا لم يتمكن من النشر».
ويتابع: «انه الهوس عندما يقوم الشخص بطبخ الطعام فقط لتصويره ومشاركته إرضاء لعين الآخرين وليس اشتهاء من طرف أهل البيت».
ويختم أمحاسني حديثه بالإشارة إلى أن العملية في المجمل لا تمثل مشكلا معينا بالنسبة للمتلقي، مضيفا: «قد توقظ فيه الشهوة أو الأفكار، لكنها لن تؤذيه نفسيا، ويبقى القول بأن كل متلق يعيشها انطلاقا من واقعه الخاص».