التحرك الأميركي مطلوب..
الصباح الجديد ـ وكالات:
لفت مقال في مجلة “فورين آفيرز” للتقارب الصيني الروسي غير المسبوق، وتحركات كل منهما عسكريا، على جبهات مختلفة.
ومن خلال عرض معالم هذا التقارب “الخطير”، أبرز تقرير المجلة ضرورة مواجهة الولايات المتحدة للصين وروسيا باعتبار الأمر أولوية لإدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن.
تحركات عسكرية مريبة
في 23 مارس، جلس وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، ونظيره الروسي، سيرغي لافروف، في مشهد جسد هذا التقارب، وعبرا معا عن رفضهما للانتقادات الغربية لسجلاتهم في مجال حقوق الإنسان، وأصدرا بيانا مشتركا يقدم رؤية بديلة للنظام العالمي.
وزعم لافروف أن النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة “لا يمثل إرادة المجتمع الدولي”.
في غضون أيام، بدأت روسيا في حشد القوات على طول الحدود الأوكرانية، وهو أكبر عدد منذ ضم موسكو لشبه جزيرة القرم في عام 2014.
وفي الوقت نفسه، بدأت الصين في إجراء تدريبات هجومية برمائية وحظيت بتوغلات جوية فيما يسمى بمنطقة تحديد الدفاع الجوي في تايوان.
وأعادت هذه التحركات العسكرية إثارة المخاوف في واشنطن بشأن العمق المحتمل للتنسيق الصيني الروسي.
تقارب المصالح وأولوية واشنطن
يقول التقرير إنه بالنسبة للولايات المتحدة، فإن مواجهة هذان الخصمان بالتأكيد سيكون “مهمة صعبة”، وأن أحداث الأسابيع العديدة الماضية توضح أن إدارة الرئيس جو بايدن ستواجه “صعوبة” في إدارة السلوك الصيني والروسي.
وكان وزيرا الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، ونظيره البريطاني دومينيك راب، قد أكدا في مؤتمر صحفي، الاثنين الماضي، على العمل الوثيق ما بين واشنطن ولندن، وتلاقي وجهات النظر حول عدد من القضايا الدولية الهامة.
وقال بلينكن على هامش عرضه لمجموعة السبع سياسة الرئيس الأميركي، جو بايدن، إنه “لا حليف أوثق للولايات المتحدة من بريطانيا” وأنهما ملتزمتان بميثاق حلف الناتو، معربا عن شكره لهم لدعمها محاسبة روسيا.
وأضاف بلينكن أن “واشنطن لا تتطلع للتصعيد مع موسكو”، ولكن سيتم التركيز على أفعال “روسيا والمسار الذي ستختاره”.
وتستخدم الصين علاقتها مع روسيا لسد الثغرات في قدراتها العسكرية، وتسريع ابتكاراتها التكنولوجية، واستكمال جهودها لتقويض القيادة الأميركية العالمية، بحسب التقرير.
وقد وصف بايدن بكين بأنها “المنافس الأكثر خطورة” وأكد أن انتهاكات الصين الاقتصادية وانتهاكات حقوق الإنسان والقدرات العسكرية تشكل تهديدا لمصالح الولايات المتحدة وقيمها.
ورغم أن الإدارة الأميركية “خفضت” مرتبة روسيا إلى الدرجة الثانية، إلا أنه “لا ينبغي لواشنطن أن تقلل من شأن موسكو” وفق التقرير.
ويُشرف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على جيش يتمتع بقدرات عالية وقد أظهر أنه على استعداد لاستخدامه.
ويبحث بوتين الآن، عن طرق لإجبار الولايات المتحدة على التعامل مع موسكو، ومن المحتمل أن ينظر إلى علاقته مع بكين على أنها وسيلة لتقوية موقفه، وفق التقرير.
وقد سعت روسيا إلى تعزيز هذه العلاقات عن طريق بيع أسلحة متطورة للجيش الصين.
وتعمل أنظمة روسيا الدفاعية على تعزيز قدرات الصين في الدفاع الجوي ومكافحة السفن والغواصات، بقصد العمل على تعزيز موقف الصين ضد الولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
وتجري روسيا والصين تدريبات عسكرية مشتركة بما في ذلك دوريات القاذفات الاستراتيجية في المحيطين الهندي والهادئ والتدريبات البحرية مع إيران في المحيط الهندي.
تعلم متبادل وتشير مثل هذه الأنشطة، إلى أن بكين وموسكو على استعداد لتهديد واشنطن.
وعلاوة على ذلك طورت الدولتان تعاونا تقنيا قد يسمح لهما في النهاية بالابتكار معا بشكل أسرع مما تستطيع الولايات المتحدة بمفردها.
ويى التقرير أن العلاقة بين البلدين أكثر من استراتيجية، حيث تتعلم الصين وروسيا من بعضهما البعض عندما يتعلق الأمر بالتكتيكات الاستبدادية.
على سبيل المثال، يُظهر إطلاق بكين العدواني لحملات التضليل حول فيروس كورونا المستجد أن قادتها بدأوا في تبني أساليب الكرملين القديمة.
وبدلا من مجرد تعزيز وتضخيم الروايات الإيجابية عن الحزب الشيوعي، تسعى حملات بكين الآن إلى زرع الارتباك والخلاف والشك بشأن الديمقراطية نفسها.
بينما تتعلم موسكو بدورها، كيفية دحر الحرية النسبية لمجال الإنترنت الروسي وهي مهمة أصبحت أكثر إلحاحا منذ عودة، أليكسي نافالني، في يناير واجتاحت الاحتجاجات الجماهيرية البلاد.
ومن خلال هذه الوسائل المشتركة، تقوم الصين وروسيا بتعميم الحكم الاستبدادي، وتقليل حماية حقوق الإنسان، وإنشاء معايير خطيرة حول السيادة على الإنترنت.
طرق المواجهة
صاغت الإدارة الأميركية الجديدة المنافسة مع الصين وروسيا من منظور أيديولوجي، وأثارت نقاشا أساسيا حول مستقبل العالم في ظل هذا التهديد، وفق التقرير.
حيث يقول إن “هذا النهج سليم”، إذ أن الصين وروسيا تعملان فعليا على تقويض الديمقراطية الليبرالية، وهو مفهوم يعتبره كلا النظامين تهديدا مباشرا لتطلعاتهما ولقبضتهما على السلطة.
لهذا السبب من بين أمور أخرى، يسعى البلدان إلى إضعاف مكانة الولايات المتحدة في مناطق مهمة ومؤسسات دولية.
ويضيف التقرير أن “إعادة التزام إدارة بايدن تجاه الحلفاء والتعددية سيعيق مثل هذه الجهود”.
وبالمثل، فإن جهود بايدن لتعزيز الأنظمة السياسية الديمقراطية في الدول، ستضر بالمحاولات الصينية والروسية لبث الشكوك حول في العالم، بحسب التقرير.
ومع ذلك، يسير التقرير إلى أنه لا يمكن للولايات المتحدة أن تبني استراتيجيتها على إعادة تأكيد قيادتها وحماية الديمقراطية فقط، لأن الصين وروسيا مرتبطان ليس فقط بمواءمة وجهات نظرهما العالمية، ولكن أيضا من خلال تكامل مواردهما وقدراتهما.
الكرملين ، على سبيل المثال، لا يعتقد أن له مستقبل اقتصادي في الغرب، خصوصا مع تصاعد الركود المالي وخطر عدم الاستقرار المحلي، لذلك أصبح ينظر للصين كشريك أكثر أهمية من أي وقت مضى.
“إن ضرب أساس تلك العلاقة”، يقول التقرير، سيتطلب من واشنطن أن تُظهر لموسكو أن درجة معينة من التعاون مع الولايات المتحدة أفضل من الخضوع لبكين، حيث أن تشكيل حسابات موسكو بهذه الطريقة لن يمنع التعاون الصيني الروسي تماما، لكنه يمكن أن يحد من “الآثار الخبيثة” لانحيازهما لبعضهما البعض.