إليزا كوك
ترجمة علي منصور
إنني أحبّهُ، أحبّهُ، ومن يجرُؤ
أن يحولَ بيني وبين حُبّه، ذلك الكرسيّ القديمِ ذي المسْندينْ.؟
لقد تعلقتُ به طويلا، كأنهُ هديّة من الله،
لقد بللتُه بالدمُوع وضمّختُه بالتنهيداتْ
إنه مشدود لقلبي بألفِ وشيجةٍ
لن تنفكّ ربطةٌ، ولن تبدأ صِلَة.
هل تعلمتَ تهَجّي الحُروف؟ أميّ جلسَتْ هُناكْ
والشئُ المنذورُ للسّماء، كانَ ذلك الكرسيّ القديمَ ذا المِسْندينْ.
على مَدار السّاعة، وأنا طفلة، كنتُ أتراخي قربَ
الكرسيّ المباركِ، في إنْصَاتْ
آيْ ، إرْ ..
والكلماتُ اللطيفة التي ستقولها لي أمّي
كي تثبتني عند الموتِ، وتعلمني كيفَ أعيش.
أخبرتني أمّي أن العار لا يلحقنا أبدا
مع الحقّ واليقينِ، وأن الله هو المرشدُ المبينْ.
علمتني، وأنا مازلتُ لثغاءَ، كيفَ أصلّي
هنا ركعتُ مبكرًا إلى جواره، ذلك الكرسيّ القديم ذي المِسْندينْ.
في أحد الأيام جلستُ وشاهدتُ أمّي كثيرا
كانت عينُها تزدادُ خُفوتا، ونظراتُها كانتْ رماديّة
وكدتُ أسجدُ لها حينما ابتسمتْ
واستدارتْ عن كتابها المقدسِ لتبارك طفلتها.
سنواتٌ كرّتْ، إلا أنّ السنة الأخيرة مضتْ أسْرعْ
تحطّم محبوبي، وتلاشي نجمي
وعرفتُ إلى أى مدي يمكن للقلب أن يتحملَ
عندما رأيتُ أمي تموتُ عليه، على الكرسيّ القديم ذي المِسْندينْ.
إنه الماضي، إنه الماضي، لكنني أحدقُ فيه الآنْ
أنفاسي مرتجفةٌ ورأسي يخفقْ
للتوّ هناك أرضعتني، للتوّ هناك ماتتْ
والذاكرة تتدفقُ مع مدّ وجذرٍ للحُمَمِ البركانية
قولوا إنها حماقة، قولوا إنني ضَعيفةٌ
بينما تتساقطُ الدموعُ ساخنةً على خدّي
لكنني أحبّه، أحبّه، ولا يمكن أبدا
أنْ تُنزعَ روحي منه، من كرسيّ أمّي القديمِ ذي المِسْندين.
*إليزا كوك Eliza-Cook ، إحدى شاعرات القرن التاسع عشر الإنجليزيات، ولدت في لندن في الرابع والعشرين من ديسمبر عام 1818، وتوفيت في الثالث والعشرين من سبتمبر عام 1889 في ويمبلدون. بدأت كتابة قصائدها في سن الخامسة عشر، وفي سن السابعة عشر نشرت أول مجموعة شعرية لها. ارتبطت إليزا كوك بحركة تناصر الحرية السياسية للمرأة، وتتبنى أيديولوجية (تحسين الذات) عبر رفع المستوى والتعليم الذاتي. إليزا كوك نفسها تعلمت ذاتيا بالكامل وقد اكتسبت شهرة بين الطبقات الشعبية حتى عرفت بشاعرة الطبقة العاملة، وكانت تنشر قصائدها في مجلات ميتروبوليتان ونيو مونتلي وويكلي ديسباتش.
عن موقع مجلة رسائل الشعر