-1-
منذ أيام الصبا الأولى ، ومنذ أن وعيتُ كنت أسمع ( سمفونية التبرم والشكوى ) يعزفها معظم العراقيين ..!!
وهذه حالة نادرة في تاريخ الشعوب والامم ، ذلك أنَّ العراق بلدٌ غنيٌّ بموارده وثرواته ومياهه ، ولكنه مع ذلك كله منهوب الخيرات قال (حبزبوز) يصف حال الشعب العراقي :
بَلَدٌ يعيشٌ به الدخيل مُنّعَمَاً
ويموتُ جوعاً مَنْ اليه ينتمي
والمقصود بالدخيل : القوى الاستعمارية التي سيطرت على مقاليد الحكم في العراق ، وابتزت الشعب حقوقه واستغلته أبشع استغلال …
-2-
ولقد أورد الدكتور ابراهيم العاتي في دراسته الفريدة لحياة الشاعر العراقي الكبير المرحوم السيد احمد الصافي النجفي الموسومة بـ (أحمد الصافي النجفي غربة الروح ووهج الابداع ) ص 136
مقطعا من قصيدة للصافي عنوانها ( شكوى العراق ) جاء فيها :
ما للفراتِ يسيلُ عَذْباً سائِغَاً
عجبَاً وَوِردُ بني الفرات أُجاجُ
الفقرُ أحدقَ في بنيه وانما
ماءُ الفرات العَسْجَدُ الوّهاجُ
جاءَتْهُ حُوتُ البحر ظامئةً له
أَوما كفاها بَحْرُها العَجّاجُ
قد شُبَّ فيها نفطُنا ناراً فهل
يُطفي لظاها ماؤنا الثَجّاجُ
والنفط يجري في العراق ومالنا
ليلاً سوى ضوءِ النجومِ سِرَاجُ
واذا كان الصافي قد كتب قصيدته عام 1927 فنحن اليوم في الألفية الثالثة وفي عام 2021 تحديداً ،وأبناء الفرات في الوسط والجنوب يعانون من شدة وطأة الفقر والحرمان حتى أنْ الملايين منهم أصبحوا تحت خط الفقر .
في عام 1967 أنشد المرحوم العلاّمة الشيخ عبد المنعم الفرطوسي احدى روائعه فقال مُخاطِباً الحكّام :
الشعبُ والنفطُ والنهران مِلْكُكُمُ
وأنتمُ تَشْتَكَونَ الفقرَ والمَلَقا
والفاصل الزمني بين ما قاله الصافي والفرطوسي كان أربعين عاماً في حين أنّ الاوضاع الصعبة والشكوى المرّة كانت تُسمع حتى من الحكّام فضلاً عن المواطنين ..!!
انقطاع الكهرباء ولفترات طويلة يجعل ضوء النجوم هو السراج .
وهكذا تتماثل الليالي كما تماثلت الايام .
يقول كاتب السطور في رباعيه كتبها في 27 /1 /2021 :
وطني غدا بلدَ المصائِبْ
ما بَيْنَ ناهبةٍ وناهِبْ
يتصارعون على المغانم
والمكاسِب والمناصِبْ
خانوا العراق وأفسدوا
واستعذبوا طَعمَ المثالِبْ
والأحمقُ المغرورُ يُهملُ
شرّ هاتِيكَ العواقِبْ
-3 –
لسنا بصدد البكاء على الأطلال بل بصدد استنهاض الهمم، وتحفيز الوطنيين الصادقين للعمل الدائب الحثيث من أجل ازاحة كوابيس الفقر والتخلف، والتخلص من المنغمسين في بحور الأنانية والفئوية والمصلحية ممن عاثوا فساداً في البلاد والعباد ، عبر التصميم على اختيار العناصر الوطنية المخلصة الكفوءة في الانتخابات النيابية المزمع اجراؤها في 10 /10 /2021، بعيداً عن حسابات الانحياز للمذهب أو القومية او المصالح الشخصية ، ومؤازرة الرموز العراقية الوطنية موازرة حقيقية وعندها تطرد العملة الجيّدة العملة الرديئة .
والله المستعان على كل حال .
حسين الصدر