قاسم عباس بلاش
الشعر الجديد أو المغاير لايبنى على أسس غير مخطط لها؛ لأنه حالة من حالات الذات التي تستجيب لانفعالاتها، بمعنى آخر أن الشعر يتمحور في حريته التي تفرضها قناعات الشاعر في صراعه مع الأشياء وفهمها. فالشاعر يرى الأشياء من زوايا قد لا تتاح لغيره ، فهو يسكبها بوصفها مادة أولية في مخيلته؛ ليبدع لنا نصا مغايرا يمكن أن نطلق عليه(الشبيه المختلف). والنص الشعري المغاير هو موقف أو رؤية أو رؤيا تشكلت في ذهن الشاعر ومخيلته وخضعت لعمليات ذهنية معقدة قبل أن يبزغ فجر النص بصورته النهائية.
« أعرف انه ابتعادك ما يسبب كل هذا الماء المالح في العينين حتى إني وبعد كل هذه الخبرة في الحزن لم أعد اسمي انسيابك متمنعة عن الانسكاب دمعا» .. والشعر ليس كائنا هامشيا خارجيا يهز حواسنا في لحظة عابرة، فهو بنيه تحتوي على مجسات متعددة تشير بشكل أو بآخر إلى وجود فكرة ما أو مجموعة أفكار تمتزج؛ لتصوغ بعد ذلك سؤالها المثمر …..مقطع من نص… ماداس بكل هذه الأفراس التي في حظائره كل هذه الطرقات المعبأة بالأخطار ويقتص مني حينما تصل رسائله التي يعبئ بها قمصاني حد الأكمام مفضوضة ومفضوحة بين يدي مريديه. من خلال السؤال باستطاعتنا أن نفرض شيئا من الحوار لتتلاقح الفكرة بالسؤال تبعا لمقومات الإجابه سعيا للحلول التي يروم إليها منتج ما وهنا يمكن أن نقول أن الشعر هو معرفة بدئية تظهر بعد تصادمها مع الحواس بوصفها خامة تتبع وعيا تلقائيا بوجودها الحتمي من خلال هذا الاعتقاد نستطيع نحلل نصا شعريا للشاعر عمار المسعودي في كتاب فقه النشوة كونه يحتوي على مجموعه من المجسات الراسخة أو القارة التي تمكن القارئ من التماس محمولاتها الدلالية وفضاءاتها الجمالية ….مقطع من نص… لم تكن بأي حال من أحوالك قسيما جيدا لنهار بمجاميع هذا السواد الذي يتطشر عن جانبيك مثل نهر يفيض. وهذا يقودنا للقول بأن الشاعر لم يدع نصه ينفلت أو ينزاح إلى قاع الترهل أو الزيادات الفائضة، إنه يفعل بشكل مستمر مكونات الصورة الشعرية بمدياتها المختلفة؛ لتعلن عن شكلها التام ،فهو ممسك بخيوط نصه الدلالية، وتشكيلاته الفنية الجمالية بما ينسجم مع رؤيا الشاعر المبثوثة في مفاصل النص.