“لم الشمل” مع زملاء الدراسة يجدد الحيوية

احلام يوسف
كلنا او اغلبنا في الادق، يجد في الماضي سعادة يفتقر اليها اليوم، برغم انه لم يكن سعيدا فعلا في الماضي، لكن يبقى الامر مرهونا بالمقارنة، فالماضي يعني اللا مسؤولية، وتلك النقطة الأهم بالموضوع.
مؤخرا صار طلاب الجامعات يتبعون نهجا قد يكون مستحدثا، يتعلق بلقاءات يطلقون عليها وصف “لم الشمل” يتمثل بلقاءات سنوية للزملاء والاصدقاء في القسم نفسه او الكلية نفسها، يستعيدون خلالها الذكريات والمواقف الطريفة والمحرجة التي مر بها كل منهم.
فكرة “لم الشمل” توسعت وصار العديد من طلاب الجامعات الذين تخرجوا في الثمانينيات او التسعينيات من القرن الماضي يبحثون عن زملائهم بالدراسة عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي ليُنضموا لقـاء يجمعهـم كلهـم.
عدد من النساء والرجال التقيناهم قاموا بالتواصل مع زملائهم بالجامعة بعد مرور ثلاثين عام او اكثر من ضمنهم:
سعيـد سالـم، تقاعـد عـن مهنـة التدريس “خريج جامعة صلاح الدين” يقول: “بفضل موقع فيس بوك استطعت ان اعثر على عـدد مـن زملائـي فـي الجامعـة، ومنهـم عرفـت اخبار اصدقاء وزملاء اخرين بعضهم للأسف توفته المنية بعد معاناة مع مرض ومنهم من قتل في احداث الطائفية ومنهم من هاجر ولم يعد احد يعرف خبرا عنه، ومع الألم الذي اعتصر قلوبنا جميعا بهذه الاخبار، لكن المهم اننا استطعنا الوصول الى عدد كبير منهم وتواصلنا مع بعض واستطعنا معرفة اخبار بعض اخواتنا من الزميلات.
واتفقنا بالفعل على لقاء في محافظة اربيل لان اغلبهم يسكنون هناك او حولها، فسافرنا انا ومعي مجموعة من الاصدقاء من سكنة بغداد وديالى والموصل وكان لم الشمل، يوما سعيدا بمعنى الكلمة، اعدنا ذكرياتنا في الجامعة، واحاديثنا كانت مقتصرة على الاحداث الطريفة والمحرجة التي مر بها كل منا. هذه اللقاءات ضرورية لنا لنشعر بالحياة ومتعتها اكثر، ونعرف انه ما زال هناك ما يستحق بها”.
بثينة عزيز خريجة جامعة بغداد ظلت متواصلة مع بعض صديقاتها في الجامعة، حتى بعد ان تزوجن وانشأن عائلات. اتفقت مع زميلاتها التي تزوجت احداهن من طالب درس معهن بالجامعة، ان يبحثن عن طلاب قسم التربية وبالفعل استطعن العثور على اغلبهم.
تقول: “التقينا مع بعض بعد مرور حوالي 40 عاما على تخرجنا من الجامعة، عرفنا للأسف موت عدد من زملائنا، وكان الحديث عنهم منغصا لفرحتنا باللقاء. لكن بنحو عام كنا سعيدين جدا باللقاء وانشأنا مجموعة، (كروب) على الواتساب كي نظل على تواصل مع بعضنا البعض، وقرر احد الزملاء “الادمن” ان نحصر احاديثنا على الذكريات ونتبادل الصور والاخبار الخاصة ونبتعد تماما عن السياسة والدين وتبعاتهما، كي يظل مساحة صافية خالية من اي اختلاف وخلاف، وبالفعل استطعنا بهذا الكروب ان نتفق على لقاء اخر وكل منا حضر مع شريك حياته من النساء والرجال. وكان لقاء حميميا. اضاف على حياتنا بهجة وفرحة كنا افتقدناها منذ زمن”.
ايهاب الزبيدي الباحث بعلم الاجتماع قال في هذا الشأن: “مثل هذه اللقاءات تجدد الحياة بالنسبة للكبار في السن، فالعودة الى مرحلة الشباب تتجسد بلقاء من رافقوهم المرحلة، الذكريات في هذه الحالة غالبا تتغربل بمرور الزمن ويظل منها الجيد والسعيد، لا يتذكر الطالب فشله في المواد او خيباته بنتائج الامتحان وحتى ان تذكرها فتأثيرها يكون مختلفا وقد يضحك منها”.
وتابع: “المشكلة هنا في التغيير الذي طرأ على حياتنا، فمن تخرج من الجامعة في الثمانينيات، او التسعينيات غالبا يصدم بأخبار بعض زملائه، قد تكون صدمة محزنة وربما صدمة تحمل مفاجأة سارة، المهم ان عليه التركيز على التفاصيل الجميلة وعلى من استطاع العثور عليهم ليستعيد حياته معهم، لتبقى حلاوة مثل هذه اللقاءات هي الطاغية.
الطلاب الحاليون عرفوا اهمية هذا الأمر لذا فقد بدأوا بما يسمونه لم الشمل في السنة الاولى التي تلي تخرجهم من الجامعة، واتفق الكثير من طلاب الجامعات على لم الشمل سنويا، وبالتالي ستظل اخبار بعضهم معروفة للبعض الاخر لذا اظن ان هذه الاجيال ستكون بحال افضل ممن سبقهم بأكثر من زاوية”.
الحنين الى الماضي يفسره البعض بأن سببه، ان كل ما فيه ولى ولم يعد موجودا وخف تأثيره علينا، ومنهم من يجد في الماضي ذكريات خالية من الشعور بالمسؤولية، اذ غالبا ما نحنّ الى مرحلة الطفولة والشباب حيث كانت المسؤولية حصرا على الاهل.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة