واقع معذب واحلام يقظة غائبة.. في اللوحات الرقمية لـ «محسن كاظم»

فاضل ضامد

لا شيء يوقف الإبداع، فكل ما هو جديد وغير مألوف ينتمي الى فصيلة متطورة ومتحضرة من الفنانين والعباقرة. في كل السنوات الغابرة عبر تاريخ الفن، نجد هناك سلالة جديدة مختلفة، وهذا الاختلاف ربما تعرض لضغوطات رفضت برنامجه الابداعي الجديد، كما حصل مع بعض المدارس الفنية مثل الرومانسية والدادائية والانطباعية واخيرا الانستليشن. وكثير من الموجات او الصرعات الفنية التي ملأت الساحة الفنية وحتى السوشل ميديا، وكل هذه الأعمال كانت تنفذ من المواد الخام» الزيت الاكرليك والاقلام والباستيل والمواد المختلفة بكل حرية وجرأة». الا أن الفن الرقمي أو اللوحة الرقمية تحتاج الى فعل متطور ومجسات ذهنية عالية القدرة توصلك الى ما تصبو اليه عبر تنفيذك اللوحة من خلال الحاسوب ..
وللحاسوب مشاكل أخرى فعليك أن تختار البرنامج المناسب لذائقتك وقدرتك التشكيلية، فالجهد لا يختلف بين اللوحة الزيتية واللوحة الرقمية وكلاهما يصبحان رقميين على السوشل ميديا. وكذلك بإمكانك أن تطبع اللوحة الرقمية على قماش الكانفص ثم العرض.
وبرع الكثير من الفنانين التشكيليين العالمين والعرب والعراقيين حصرا في تنفيذ لوحات مذهلة، ربما ستواجه بعض المشاكل مع المتزمتين من الفنانين والنقاد لكونها تدخل بمفهومهم خارج منطقة تشكيل المادة، من اصباغ أو مواد أخرى. ومن الفنانين المهمين العراقيين المحدثين هو الفنان محسن كاظم. عمل الفنان محسن كاظم مشرفاً تربوياً كذلك هو عضوا في نقابة المعلمين العراقيين وعضوا مؤسسا لجماعة هواجس للثقافة والفنون وأيضاً عضوا مؤسسا في جماعة الفن الرقمي.
لو تحسسننا ذهنية الفنان لوجدناها شخصية بارعة ذات قدرات خلاّقة، وتعامل فذ مع برامج الحاسوب لإنتاج لوحاته المذهلة. كما أنه يشكل مرحلة مهمة بين اللوحة الرقمية واللوحة الخام لتقارب عمله واسلوبه بين الخطين المتوازيين. .
استطاع الفنان محسن كاظم تخطي مرحلة الحذر والخوف من النقاد، حتى توصل جاهداً الى اسلوب مميز وتشكيل متفرد لصناعة شخصية فنية غنية بالمبتكرات، فهو يتعامل مع الاشكال الطبيعية على أنها المصدر الرئيس اليومي والمغذي الوحيد لأعماله. كما أننا نجد في أعماله، الانسان بصفته المركز للموضوع. وأما الباقي فهي تتمات مثل الطيور والاشجار والنار والتراب والبحر وغيرها من ادوات، لتكوّن له أفقاً غنياً بالمادة، كموضوعاتٍ وايقونات لأعماله .. أما نسب أعماله بشكل عام فهو يستطيل بين المدرسة التعبيرية ويتقلص أخرى بين الرمزية والتجريد كل من المدارس هي مدارس حديثة لها محطاتها في البراعة والتشكيل العالمي.
في لوحاته تجد حزمة كبيرة من الأشكال تأخذنا الى المسرح وتشكيلاته فهو يضع مسرحا ضوئيا رائعا وسينوغرافيا ممتلئة، ثم يحرك ممثليه على هذه المساحة المفتوحة الشاسعة باللون والضوء يتحكم ببراعة في موضوعاته ينتقل بين الهاجس الشعبي تراجيدياً وبين الحس الدرامي الملحمي ففي لوحة ( تاريخ شعب ) كانت اشكاله قريبة بين موضوعين شائعين بين السبايا في اللوحات التي رسمت في فاجعة الامام الحسين عليه السلام وبين لوحات الواسطي الرائعة لكنه ابتعد عن اشكالية التناص بين المكانين كان اشكاله غائبة بلا اقدام ولا رؤوس ولا أجساد لكنك تشعر أن هناك أجساد تتحرك تحت مظلاته البيضاء وهو الشعب الذي ضيعه واقعه المرير أما في لوحة (حياة فراشة) فكان هناك تكسر بنائي درامي بين الحدث والنمو بين الوجه والجناحين يشكل الفنان محسن براعته لتسجيل لحظات توهج المشاعر وتدفق الروح الشفافة المهشمة اما في لوحة (سقوط ) فكان السقوط مختلفاً فليس بالضرورة أن نسقط من الأعلى تحايل الفنان على سقوط كائنه في اللوحة فكان سقوطاً عرضياً من باب التأويل والرؤيا البصرية بمعنى أن السقوط له أذرع كثيرة.
وفي لوحة (تعب موروث) حمل الفنان ذلك العجوز وطنا بموروثاته الكبيرة على ظهره ليدور به أينما حلت به الآفاق والمديات وطن بتاريخه الحضاري الكبير بين وعلى نهرين كبيرين كان المعاناة الكبيرة من احتلالات وتهشم وضياع هكذا عبر الفنان محسن كاظم عن بلاده ..
وفي كثير من اللوحات مواضيع حيه ، اللوحات التي ذكرت هي عينة صغيرة كانت عين الفنان الثاقبة المتمرسة اجادت وابدعت .
واللوحة الرقمية عند الفنان ليس لوحة عابرة لكنها تحتاج الى مزيد من التأمل لما لها من قوة التأثير على المتلقي، رسم لوحاته بإحساس بصري مجسدا عوالم الأنسان ومعانته.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة