علوان السلمان
ما بين الشعر والسرد(قصة ورواية) يسبح الناقد الاستاذ الدكتور سمير الخليل في عوالم المنجز الثقافي العراقي الذي انتجته ذهنية ناضجة، واسهم الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق في نشره وانتشاره/2020..كونه يعتمد قراءة الفعالية الشعرية التي تنتج من تفاعل الذاتي والموضوعي المتصلين بنائيا من حيث اللغة التي تدور في اطار اجتماعي، تاريخي. بصفتها اداة يشكل منها المنتج (الشاعر)عالمه الجمالي الذي يحمل تطلعاته ورؤاه، وفيما يتعلق بالقراءات السردية فقد اتخذ الناقد سبيلها معتمدا على بنيتين اساسيتين: اولهما وحدات البناء السردي، اذ تتبع واستقراء بنى السرد من جهة وبناء الشخصيات ومستويات وعيها من جهة اخرى، اضافة الى الزمكانية والاحداث وترابطها، اما البنية الثانية فتمثلت بالمعنى المضموني، لذا كان تتبع المشكلات الاجتماعية التي تزج الشخصية في معترك الحياة من خلال الممارسة والصراع،مع مقدمة تعريفية منها:(موت المؤلف) مقولة نقدية اطلقها الناقد الفرنسي(رولان بارت) فتحولت الى مصطلح تبناه النقاد الغربيون ومن ثم العرب، وارادوا ان يكون الموت مجازا بمعنى ان يكون النص الابداعي منقطعا او منفصلا او مستقلا عن مؤلفه الذي ينتهي دوره بكتابته ونشره فيصبح ملكا للقراء..) ص9، اتبعها بمدخل عن(الادب النسوي في مواجهة النقد الذكوري(الجنوسة والانوثة والذكورة)،ثم يعرج على قراءة بعضا من الابداع الشعري وكانت (شعرية موفق محمد المحطة الاولى للقسم الاول/ الشعر، اذ وقوف الناقد على مجموعته الشعرية التي كانت دلالتها السيميائية (غزل حلي)،التي يرى الناقد انها تندرج ضمن دائرة الموت بشقيها: المعلن والمسكوت عنه، اضافة الى اعتمادها الجملة الشعرية التي تتوسل المفردة الشعبية لإغناء صبوتها وهي تتعامل بشكل غريزي مع ما هو لا مرئي الى جانب المرئي دون اي تنازل سواء على مستوى البراعة اللغوية او مستوى الابتعاد قدر الامكان عن الشعبوية..)ص51، فالوقوف على شعرية الشاعر مظفر النواب) عبر العنونة الدالة (الاستجابة الثقافية ومحو الذات)،اذ يرى الناقد ان شعرية النواب تلخص حياته،فكل قصيدة تعد محطة مكانية توقف عندها بعض الوقت وتملاها في كل ابعادها وافرغ شحنته الشعرية عند عتبتها،لذلك صار الزمان في عرفه هو(الوجود الذي لا يكون موجودا اثناء وجوده والذي يكون موجودا اثناء لا وجوده( حسب تخريج هيغل..) ص57..
فدع الريح تهدهد هذا المركب شيئا
واسترخ فما تلك نهاية هذا العالم /ص58
فالوقوف على المجموعة الشعرية(خلاصة السبعين) التي انتجتها ذهنية المنتج (الشاعر) كاظم الحجاج،وهي تحقق الهوية الثقافية بوصفها جوهرا شعريا وسياقا علائقيا..)،اذ اعتماد الشاعر الجملة الشعرية الواضحة التي تكشف ولا تضمر..وترسخ ثبات المعاني لا ان تستحلبها من الازمات اللغوية والتضادات المجازية..) ص71، فقراءة تحليلية للمجموعة الشعرية(انا اقرأ البرق احتطابا) للشاعر حسب الشيخ جعفر رائد القصيدة المدورة الستيني..الروائي،المترجم وصاحب المؤهلات النادرة،تعد مجموعته هذه حسب ما يراه الناقد (امتداد لدواوينه السابقة ولا سيما ديوان (كران البور) من حيث اهتمامه الذي وصل الى حد الهوس بكتابة المقاصير الشعرية الموزونة والتي لا تتعدى الجمل الشعرية الثلاث،ووضع شعره الحر على شكل حكم مقتضبة..وتجارب مضغوطة على لسان الانسان وايحاءات الحيوان والنبات والجماد على حد سواء..)ص82، ثم يقف على ثنائية الضوء والعتمة في(ما اراد ان يقوله الحجر) للشاعر ياسين طه حافظ الذي يستثمر فيه عددا من الثنائيات داخل منظومته الشعرية.. ثم ينتقل الى مجموعة عباس باني (دفتر جنون) وتداعياتها الشعرية،فـ (مشقة آدم) للشاعر ستار عبدالله الناصري، فالتشكيل الاسلوبي في(ثريات الرماد) للشاعر احمد عبد السادة، ورصد البنية الصياغية وسياقات انتاجها للدلالة.. فالوقوف على المجموعة الشعرية(وجه الى السماء، نافذة الى الارض) التي انتجتها ذهنية الشاعر عمر السراي، والتي يرى الناقد ان(المرارة طاغية على كل المزاج الشعري الذي امتد على مدى(176 قصيدة)/ص114….تلاها بقراءة المجموعة الشعري(للدرس فقط) وهي لنفس الشاعر والتي يرى الناقد ان لحظة النص في(تحقيق بنيتها الدرامية وانسكاب ايقاعيتها في ايصالها الماضي بالحاضر..) ص113،فالوقوف تحليلا على(حمى الاوقات الضائعة)جدلية الماء والهواء لحسن السلمان، فمغامرة جواد الحطاب الشعرية في محاورة (نصب الحرية)..تبعها بجدل التمثلات الذاتية والموضوعية في ديوان(احزان صائغ الطين)لجبار الكواز فشعرية المكان في(ورقة الحلة للكواز ايضا، فالوقوف على مجموعة عبد السادة البصري(اصفى من البياض) التي اطلق عليها الناقد نصوص لصور مائية، اضافة الى بروز الاسلوب السردي بمفردات قابلة لإعطاء مستوى تصويري مهم، ثم يعرج على مجموعته الثانية( غرقى ويقتلنا العطش) ويؤكد فيها على الوظيفة الاستشفائية للشعر، فـ (خسوف القمر)والتعالق النصي للشاعر رعد زامل، التي يحاول فيها الشاعر محاكاة التراث بشكل عصري متمرد على اشكاله وقوالبه التقليدية) على حد تعبير الناقد ص165..فقراءة تحليلية للمجموعة الشعرية (تجاعيد الماء) للشاعر مهدي القريشي، تلاها وقوف الناقد على المجموعة الشعرية(ليل سمين) للشاعر علي فرحان وكان مستهلها النقدي(حارس الحدود وتأثيث القصيدة)،ثم يتساءل هل الذات تسترق السمع الى نفسها؟، بعد ان تناول المجموعة الشعرية(استرق السمع لكي اسمعني) للشاعر رحيم الساعدي، فشعرية المراكز المتقابلة استعارات جيولوجية تزيد من سعير اللغة والوقوف على مجموعة الشاعر زعيم نصار(الحياة في غلطتها)،فشعرية المهمش والشعبوي في(بريد الفتى السومري) للشاعر عدنان الفضلي.. فسيبار غرام الربيعي وتموضعات القصيدة المؤنثة في الراهن العراقي عبر مجموعتها (رابسوديات)، ثم وقفة على شعرية الشاعرة ابتهال بليبل في مجموعتها(جسدها في الحمام) حيث مقصديات البوح الانثوي، فاللحظة الشعرية الملونة وشكل الشعر في(لعينيك اشد الرحال) للشاعرة فاطمة الزبيدي، فالكشف عن ملامح النسوية في(لك..تفاصيل المطر) للشاعرة ميادة المبارك،فالوقوف على المجموعة الشعرية(من فزز الرماد؟ للشاعرة سجال الركابي، فالوقوف على المجموعة الشعرية(حرف من ماء) لأديب كمال الدين، وحركة الشبح.. الحرف/حركة الظل، النقطة، وانتقال الناقد للتأمل وتحليل النص الوامض عند الشاعر علي عيدان عبدالله ومجموعته(لا رجاء لطائر الغيهب)،فقراءة في شعرية المكان والمجموعة الشعرية(فضاء الجنوب الشعري) اعداد الشاعر حامد حسن الياسري وهي تتضمن نصوصا لستة وسبعين شاعرا من ميسان ومن اجيال مختلفة تحظى بخصوصية الهوية، فقراءة في قصائد بلا هوية وانموذجها المجموعة الشعرية( نقوش فوق مسلة الروح) للشاعر مجبل المالكي، الذي انهارت صورة الحياة امامه وانكسر الزمن خلفه)على حد تعبير الناقد، تلته متابعة نقدية لنصوص الشاعر علي حنون العقابي عبر مجموعته الشعرية(وحدي ولم يكن معي سوى قلبي)،فالوقوف وازاحة الستار عن ظلال المجموعة الشعرية( وانت تلمعين اصابع الوقت) للشاعر عمران العبيدي..
أما القسم الثاني فانحصر في( السرد القصصي والروائي) واشتمل على قراءة نقدية لرواية سعد محمد رحيم تحت ايقونة عنوانية(الفجوات السردية وعلاقات الغياب في رواية(ترنيم امرأة..شفق البحر)..التي حملت انسيابية افعوانية شعرية تنطوي على مسكوتها وتحاول اضماره لسحب القارئ الى منطقة الجمال التي يصبو المنتج للوصول اليها، فالانتقال الى القص القصير و(ليلة المرقد) مفارقة السرد المحايث والمسكوت عنه) لشوقي كريم، فالانتقال الى العالم الروائي وتأمل وتحليل رواية هيثم بهنام بردى(ابراث) التي تنفتح على المكان الذي(يصنف الوحدات السردية تبعا لمعقولية منتظمة(تأخر/تقدم/ جوار/فراق) على حد تعبير الناقد الخليل،فالسرد والاحتكاك بالآخر في رواية(أخ) الثانية للروائي هيثم بهنام بردى، التي يتصدى فيها للحظة وجودية وتاريخية خطيرة مر بها العراق ابان اجتياح الجيش الامريكي ومن تحالف معه للدولة العراقية عام 2003.. حاملين معهم احدث تقاناتهم الحربية الاكثر تطورا)ص255..بعدها تناول نقديا المجموعة القصصية(كتاب الحياة) السرد الثاوي والتدافعات الحكائية لعبد الامير المجر،فقوة السرد في فضح بنية السلطة القائمة التي تكشف عنها رواية(جثث بلا اسماء) لاسماعيل سكران، فالرغبات المكبوتة بوصفها افعالا سردية في قصص(اعترافات صالح بن حمدان) للقاص صالح مطروح تلاها بالنسق الاجتماعي لموضوعة الاصطياد وقراءة في(مدونات على جسد القتيلة) للقاص ذاته،فالوقوف تحليلا وتفكيكا لما كتبه محمد علوان جبر في روايته(لماذا تكرهين ريمارك؟)،فالوقوف على(ايروتيكا السرد في رواية(متاهة آدم) لبرهان الشاوي، فمجموعة عبد علي اليوسفي(كهل بغداد) والمقصدية التأويلية والشروط الثقافية فيها،فالحديث الذي ليس له نهاية في(بحر ازرق.. قمر أبيض) لحسن البحار. واخيرا بنية التكرار والافعال الكلامية في رواية(نذير الدرويش)لناهي العامري، فالمصادر والسيرة الذاتية. وبهذا حقق الناقد اضافة خلاقة للمكتبة والحركة النقدية وهو يكشف القناع عن وجوه ابداعية…