متابعة الصباح الجديد :
بين فترةٍ وأخرى، يعاني العالم من أوبئة وجائحات على شتى الأصعدة من الكوليرا والطاعون، مروراً بالأنفلونزا الاسبانية، حتى انتهى المطاف بفيروس مُهمل وموجود فقط على أوراق كلية الطب ولا يقرأه الطلاب نظراً لكونهِ “ما يجي بالامتحان” على حد تعبيرهم.
الشعوب تختلف في كيفية أتخاذ الاحترازات من هذه الاوبئة الطارئة، فمثلاً في قرى اسبانيا قد فرض حظر التجوال من قبل المواطنين ثم بعدها اصدرت الدولة القرار نفسه، لكن أطرف المواجهات تحدث مع العراقيين، حيث أن التكافل الاجتماعي الذي يعيشه العراقيون منذ القدم يُمثل أعلى تجلٍّ للإنسانية التي فقدتها مجتمعات أوروبا وأميريكا بعد هذه الأزمة.
كما وأظهرت هذه الأزمة حقيقة زيف الطبقات الاجتماعية، فالغني والفقير كلاهما يعاني من الحظر والحجر المنزلي مما يدفع الناس لإيجاد الحلول البديلة لهذه العزلة المفاجئة كمشاهدة المسلسلات التلفزيونية والأفلام أو قراءة الكتب، أو لعب البوبجي، وتعلم طرائق جديدة للطبخ وغيرها من الأشياء التي قد تخفف من وطأة هذا الوضع.
وفي السياق ذاته ، تصدر موضوع ” الكرش” على منصات التواصل الاجتماعي حيث أن المكوث في المنزل والمهرب الوحيد من هذه العزلة هو المطبخ، أدى الى ان نقع في أزمة ” كرشية” لتضاف الى قائمة الازمات التي يمر بها العراق، من تشكيل الحكومة، حتى انخفاض سعر النفط وارتفاع سعر الكحول الطبي.
وفي حديثٍ مع بعض الشبّان جرى في احدى المناطق الشعبية في بغداد، يقول محمد كريم: لم يكن عندي كرشاً او وزناً اضافياً في اي فترة من فترات حياتي، ولكن الحجر المنزلي، والخوف من كورونا يجعل الانسان أكثر شهيةً للأكل ولإعمال اخرى لكي “يُلهي” بها نفسه ويشغل تفكيره كذلك.
أما عن صاحب اسواق غذائية، يقول مصطفى أحمد: إن الاقبال على شراء المواد الغذائية لم نشهد مثله حتى في الأيام الاولى للمظاهرات، والناس لا يتبضعون الأشياء الضرورية فحسب، بل وحتى أشياء قد تبدو غير مهمة في ظل هكذا أزمة مما يدل على أن الناس يحاولون إظهار مهاراتهم في الطبخ أو تعلم بعض الطبخات الجديدة.
كل هذا يدل على نهجٍ يتبعه العراقيون للحد من الخوف والقلق الذي أصاب العالم جرّاء هذا الفيروس، لأنها وفي دراسات أخيرة قالت: إن الخوف الزائد يكون سبباً في تضعيف المناعة، ولهذا السبب واجه العراقيون هذا الفيروس بعبارات مثل ” يكبر الكرش، ولا يزيد الخوف”.