يوم المرأة العالمي: عام من الثورات والمكاسب للنساء في العالم العربي

متابعة الصباح الجديد:

شهدت الموجة الجديدة من احتجاجات الربيع العربي حضوراً قوياً للنساء اللواتي تقدمن الصفوف الأولى للتظاهرات والاعتصامات والحشود الشعبية ليخلقن بذلك فرصة لرفع سقف مطالبهن بحقوق متساوية ومتكافئة.
وبدأ ما وصف بأنه الموجة الثانية للربيع العربي، في السودان ثم انتقل إلى الجزائر والعراق ولبنان.
وأظهرت مشاهد الاحتجاجات المناهضة للحكومة في تلك الدول بروز النساء كجزء لا ينفصل عن الجموع، وهن يطالبن ليس فقط بالتغيير السياسي بل ويتحدين أيضاً العادات والتقاليد التي يرون انها تحد من أدوارهن في المجتمع.
هذا الحضور الطاغي والمركزي للمرأة في هذه الموجة من الثورات العربية جعل العام المنصرم عاماً مميزاً حصدت فيه المزيد من المكاسب المضافة لما حققته عام 2018.

«ولدت لأصبح ثائرة»
تعد مشاركة المرأة في تظاهرات العراق، التي انطلقت في الأول من أكتوبر / تشرين الأول الماضي، غير مسبوقة في هذا البلد العربي المحافظ الذي عاني عقوداً من الحرب، وتطرف الجماعات الإسلامية (السنية منها والشيعية) والعنف.
وسجلت العراقيات حضورهن بجسارة في ميدان التحرير ببغداد وفي ميادين الحراك الشعبي كافة، وهو ما وصفه العراقيون بثورة تشرين المناهضة للحكومة والفساد.
ولم تقتصر مشاركة المرأة في التظاهرات على الحضور فقط، بل تعددت أشكال مشاركتها كتوفير المواد الغذائية واحتياجات المتظاهرين.
كما تفاعلت النساء مع دعوات الخروج في مليونية للمرأة في العاصمة بغداد وفي محافظات البصرة والناصرية في الجنوب، وصفت بأنها «مليونية احتجاج نسوية للمرة الأولى في تاريخ العراق».
ودُعي لتظاهرات نسوية في الثامن من مارس / آذار الجاري في عيد المرأة العالمي فيما عُرِف ﺑ «يوم الثائرة العراقية».
ولقد حظيت هذه الخطوة غير المسبوقة باهتمام إعلامي، غير أنها ووجهت أيضاً بانتقادات واسعة كان من أبرزها انتقاد رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر ومؤيديه الذين وصفوا هذه الدعوات بأنها «تنشر الرذيلة» في المجتمع.
وتعرضت النساء أيضاً منذ بدء التظاهرات للمضايقات والتهديدات منها ما انتهى بالخطف والقتل كما حدث في حالة الشابة الكردية زهراء علي سلمان في ديسمبر / كانون الأول الماضي.

نساء الجزائر «يستعدن
الأماكن العامة»
منذ اندلعت احتجاجات الجزائر في فبراير /شباط 2019، برزت المرأة الجزائرية بوضوح جنباً إلى جنب مع الرجل، رافضة ترشح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة ومطالبة بالتغيير.
وفي الوقت الذي أشارت فيه بعض وسائل الإعلام الجزائرية إلى أن حضور المرأة كان ضعيفاً في الأيام الأولى للاحتجاجات، سرعان ما تغير ذلك.
وتصدرت نساء مثل جميلة بوحيرد و لويزة إغيل أحريز، «المناضلتين» إبان ثورة تحرير الجزائر من الاستعمار الفرنسي، الصفوف برغم أن عمرهما تخطى الثمانين.وعلى دربهن، أثبتت الناشطات الشابات جسارتهن وإقدامهن على التغيير.
ومن بين هؤلاء، الناشطة سميرة مسوسي وطالبة الحقوق نور الهدى ياسمين دحماني اللتان ألقي القبض عليهما، وصدرت أحكام ضدهما بتهمة «التعبير عن الرأي».

مسيرات وفعاليات حول العالم
ومن بين رموز الاحتجاجات الشعبية في الجزائر الخالة زاهية التي تحمل المكنسة في التظاهرات «لتنظيف البلاد من الفاسدين».
وحظيت المرأة الجزائرية باهتمام الصحف وأشار العديد من الكتاب إلى أن التظاهرات أعطتها منصة جديدة للتعبير عن ذاتها والمطالبة بحقوقها.
وعن ذلك كتبت الصحفية الجزائرية فرح سوامس في تغريدة على موقع تويتر قبل المباراة النهائية لبطولة الأمم الأفريقية لكرة القدم: «استردت النساء المجال العام منذ الثاني والعشرين من فبراير / شباط، واليوم تستردن مباني الاستاد. احدى جاراتي التي عاشت في المنطقة منذ 54 عاماً تطأ قدمها مبنى الاستاد للمرة الأولى. هناك الآلاف مثلها اليوم».
وتقول الصحفية أمل بليدي في جريدة الوطن: «استعادة مساحات التعبير أعطى نفساً جديداً لقضية المرأة بفضل حراك الثاني والعشرين من فبراير / شباط».
ولم تخل مشاركة المرأة في حراك الجزائر من تحديات ومخاطر أثبتت فيها قدرتها على تخطيها والتعامل معها.
ومن أبرز التهديدات التي تعرضت لها المرأة الجزائرية مطالبة أحد الجزائريين – قيل إنه مقيم في المملكة المتحدة – بإلقاء ماء النار على التظاهرات عبر فيديو على فيس بوك في الخامس من مارس / آذار من العام الماضي.
انفصال الأميرة هيا ومحاكمة قاتل إسراء وزواج الريسوني.. ما تتمة قصص نساء عربيات تصدرن عناوين الأخبار عام 2019؟

لبنان «ثائرات ولسن حسناوات»
تصدرت المرأة تظاهرات لبنان التي انطلقت في السابع عشر من أكتوبر / تشرين الأول الماضي بعد أيام بعد قرار الحكومة فرض ضرائب جديدة والمطالبة برحيل الطبقة الحاكمة، ووضع حد للحكم الطائفي والفساد، وكانت مشاركتها منقطعة النظير ومؤثرة بشكل كبير.إضافة للمطالب السياسية فيما عُرِف ﺑ «ثورة تشرين»، قامت المرأة بدفع مطالبها بالمساواة في هذا البلد الذي يحتل المرتبة 145 من إجمالي 153 دولة في تقرير الفجوة العالمية بين الجنسين 2020 الذي أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي.
وعلى الرغم من تعرض المرأة في بداية الحراك لحملات من التهكم تعاملت مع المرأة كموضوع جنسي على منصات التواصل الاجتماعي، إلا أن المتظاهرات في لبنان تحدين الأحكام النمطية عليهن وتحولن لانموذج ملهم للنساء في الشرق الأوسط.
وظهرت صور كثيرة لمشاركة المرأة اللبنانية، حتى بات بعضها أيقونة ﻟ»ثورة تشرين»، من أبرزها صورة ملك علوية وهي تركل أحد أفراد الأمن لمنعه من إطلاق النار على المتظاهرين.
وأثارت الصورة الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض غير أنها بالتأكيد كانت مصدر إلهام للكثيرين الذين رأوا فيها «الشجاعة» والثورة» و»لبنان الجديد».
كما ألهمت شجاعة ملك ومتظاهرات لبنان بشكل عام النساء في الشرق الأوسط كما فعلت من قبل «الكنداكة» (أي الملكة النوبية) آلاء صلاح التي ألهمت المتظاهرين في السودان وأصبحت أيقونة للحراك الذي تمكن بعد شهور من الاحتجاجات من إسقاط نظام عمر البشير.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة