سليم ملاخ يروي رحلة نجوميته الحافلة :
حاوره ـ سمير خليل:
حاله حال نجوم الكرة العراقية في ايامها الذهبية، حيث الموهبة والالتزام والخلق الرفيع، نجوم كان زادها وزوادها كرة القدم حياة وتاريخا وطريقا نحو المستقبل بقلوب مفعمة بحب العراق واهله ورياضته وكرته الجميلة، نجوم صالت وجالت وارتكنت في زوايا الذكريات بهدوء ومن دون جلبة، وسط اهمال يحز في النفس لمن قدم الكثير ولم يطلب القليل، سعداء اليوم وفي ملحقنا الرياضي اليوم ان نستضيف نجما كرويا تميز بتلك الخصال الرائعة بل هو تميز بها فكانت الموهبة والخلق العالي والهدوء المتزن ابرز صفاته، سليم ملاخ ذلك الفتى الهاديء، الخجول، الموهوب الذي انطلق من منطقة شعبية عرفت بطيبتها وطيبة اهلها، الكسرة، تلك الروضة الحانية الغافية على ضفاف دجلة الخالد، عاهد نفسه منذ نعومة اظفاره ان يكون في المقدمة على الصعيد الكروي وبدأ يرسم خطواته بهدوء حتى وصل الى مايصبو اليه كل الشباب، ارتداء قميص المنتخب الوطني وترديد نشيده الوطني تحت راية العراق العظيم.
نعيش في ازمة
رحلة جميلة اصطحبنا ضيفنا لنستشرف ثناياها فانساب الحديث جميلا رقراقا مع هذا النجم الكروي اللامع وبادرناه بسؤالنا التقليدي عن حال الكرة العراقية اليوم فاجاب: الكرة العراقية جزء لايتجزأ من منظومة الدولة، كل ماكان الوضع العام غير جيد كان وضع الكرة اسوأ، نحن جزء من الدولة وما يحدث في الساحة السياسية يحدث في الساحة الرياضية أيضا، نحن نمر بأزمة كرة القدم، ازمة حقيقية، التخبط والفساد الإداري والفساد المالي، وكل مايرتبط بكرة القدم غير موجود على ارض الواقع لأننا نعيش في ازمة «.ويضيف» ولكن مادام نحن بعيدين عن العلم والتخطيط السليم لسنوات مقبلة او لسنة او لاشهر فبالتأكيد نحن في حال صعب مثلما ترى على مستوى منتخباتنا الوطنية، كل الذي حدث وصفقنا له وخرجنا بتظاهرات مفرحة بفوز منتخباتنا العمرية اتضح انه خطأ في اعداد منتخب وطني قادر على التأهل الى نهائيات كأس العالم وانت والجمهور تعرفان السبب، والحمد لله بدأت اليوم خطط محاربة هذه الآفة الخطيرة التي كانت سببا من أسباب تدهور كرة القدم العراقية».
ويتابع « كرة القدم سهلة ويمكن تطويرها في العراق خاصة بوجود مقومات النجاح لتطور الكرة العراقية من جميع النواحي واهم شيء المواهب الموجودة في العراق، الموارد المادية الضخمة ، وجود لاعبين قدامى يمتلكون شهادات وخبرات تدريبية عالية ، وجود أرضية خصبة وخاصة بعد بناء ملاعب جميلة وضخمة على مستوى عال في اكثر من محافظة لخوض مباريات الدوري الممتازوكذلك مباريات المنتخبات الوطنية، الآن اذا اردنا ان نبحث في تطور كرة القدم في العراق فنحن نحتاج لثورة وهذه الثورة تحتاج رجالا مؤمنين بتغيير واقع كرة القدم وان شاء الله وتضامنا مع الوضع الحالي الذي يمر به البلد فمن الممكن مع حدوث التغيير ان يحدث تغيير في واقع كرة القدم .
*ماذا يقول سليم ملاخ عن التطورات التي عصفت باتحاد الكرة؟ الى اي جهة تنحاز في الصراع بين الطرفين؟
«كلنا كرياضيين لانرغب ان تحدث المشكلات في الاتحاد العراقي لكرة القدم او اللجنة الأولمبية العراقية وفي جميع الألعاب، لكن الذي حدث باصرار او بخطأ او بامور أخرى كان يجب ان لاتحدث لكي لاتذهب كرة القدم الى المجهول، انا مع الحق واينما يكون هذا الحق فانا معه والحقيقة انا مع عدنان درجال لانه اسم رياضي وصاحب شخصية رياضية مرموقة ولاعب دولي كبير وصديق عزيز، انا اعرفه جيدا، ليس تملقا ولاارغب منه شيئا لكن شخصيته الرياضية القوية يمكن ان تقود كرة القدم العراقية الى النجاح بوجود بعض اللاعبين ذوي الخبرة وليس كل اللاعبين ولا يمكن ان تتوقف إدارة الاتحاد على الرياضيين فقط لأننا لانريد ان نشكل فريقا لكرة القدم»، ويضيف « نريد ان نؤسس نظاما جديدا يخدم كرة القدم بالعراق واللاعب القديم قد لايفقه بالامور الإدارية لذلك نحتاج لاناس ذوي خبرة إدارية يديرون شؤون الاتحاد وبالوقت نفسه نحتاج الى اللاعبين كأن يكونو مدراء فنيين او عونا للمنتخبات الوطنية إضافة للآخرين الذين يحملون شهادات عليا في التخطيط السليم لكرة القدم، تقول لي لمن انحاز؟ انحاز طبعا لاخي وزميلي الكابتن عدنان درجال لانه مع الحق والدليل ان أعضاء اتحاد كرة القدم قدمو استقالاتهم الجماعية وهذا دليل مع الأسف وانا ليس لي خلاف معهم فخطأهم هو من ارغمهم على الاستقالة فليس من المعقول ان يستقيل أي شخص من منصبه اذا لم يكن قد اخطأ، كما ان أعضاء الاتحاد مشكورون قدموا اسنقالاتهم لانهم ارادوا الا يدخلوا الكرة العراقية في نفق مظلم «.
- الكرة العالمية ، انت متابع لها بالتاكيد، كيف تراها وكيف ترى الفوارق بينها وبين الكرة العراقية؟
نتحدث بلغة كان
«انا متابع للدوري الاسباني والانجليزي ، مستويات ممتازة فالدوري الانجليزي يمتلك خصائص رائعة وجميلة جدا، الامكانات البدنية والمادية والجمهور الراقي، تشعر وانك جالس في مسرح،كأنك تشهد دائما شيئا جديدا لايخطر على بال احد بكرة القدم، وكذلك الدوري الاسباني بوجود ميسي ورونالدو قبل مغادرته اسبانيا وهو دوري جميلايضا، اذا اردنا المقارنة بين هذه المستويات ومستوى الكرة العراقية اليوم فاننا نظلم المقارنة ونظلم الكرة العالمية، الفرق شاسع جدا، ولكن كان مستوى منتخبنا الوطني (وللاسف فنحن نتحدث اليوم بلغة كان ) لايقل شيئا عن مستوى منتخبات عالمية وعربية وخليجية، استذكر الراحل الكبير الرائد عمو بابا قال مرة «نحن الآن يجب ان نغادر آسيا لاننا فزنا على كل منتخبات آسيا ويجب ان نذهب الى اوروبا» آنذاك لاعبنا فرقا اوروبية قوية حتى تولد لدينا طموح وحماس ان نلاعب فرقا من اميركا اللاتينية بوجود لاعبين عراقيين اكفاء حققو نتائج جيدة وفازوا على فرق قوية و هذا لن يحدث اليوم مع الاسف».
- ثنائية ريال مدريد وبرشلونة، هل هي من متابعاتك؟لمن تنحاز ولماذا؟
«انا جزء من هذا العالم الذي يهتم بكرة القدم وهذه الثنائية تشغل العالم اليوم ولقاءات الفريقين التي تعرف بالكلاسيكو الاسباني والذي يسمونه كلاسيكو العالم واكثر سكان العالم يتابعون هذا الدوري واكيد انا منهم واكون احد الذين يتابعون هذه اللوحات الجميلة والصورة الجيدة عن كرة القدم الحديثة وانا احرص على متابعتها وبرغم انني من مشجعي ريال مدريد لكني لااستغني عن حب واعجاب ومتابعة اللاعب الظاهرة صاحب الخلق الرفيع نجم برشلونة ميسي». - لو طلبنا منك العودة الى الوراء ، اي المباريات التي لعبتها مازالت راسخة في الذاكرة؟
«على مستوى المنتخب الوطني كانت مباراتنا الاخيرة في بطولة مرديكا حيث كنت احد المهاجمين مع المنتخب الوطني المشارك في البطولة ولكني للاسف لم اقدم المستوى الذي كنت اطمح اليه وتأسفت كثيرا على هذه المباراة، بينما في مباريات اخرى قدمت مستوى جيدا واستطعت ان اسجل اهدافا ساعدت المنتخب بالفوز، اما على صعيد الاندية فاجمل ماقدمت كانت مباراتين، الاولى عندما كنت احد لاعبي نادي الامانة وكانت المباراة امام فريق الشرطة، يومها استطعت ان اسجل هدف الفوز الوحيد في مرمى الشرطة، المباراة الثانية وكنت ضمن فريق القوة الجوية في مباراتنا امام الزوراء ولغاية آخر ثلاثين ثانية من عمر المباراة كنا متخلفين بهدف وحيد لكني استطعت ان اسجل هدف التعادل وسط فرحة كبيرة لجمهور الجوية بهذا الهدف واتذكر ان الجمهور حملني على الاكتاف عند خروجي من الملعب بعد المباراة وانا اظل مدينا بالشكر لهذا الجمهور الوفي». - لو عاد بك الزمن، ايهما تفضل، سليم ملاخ المدرب ام اللاعب؟
«حقيقة، لو يعود العمر الى الخلف لفضلت ان اكون لاعبا افضل من ان اكون مدربا لان فرص التدريب عندنا اليوم صعبة جدا وتتطلب الكثير لانك والجميع تعلمون كيف هي الامور بعد العام 2003 وانا بطبعي لااحب الاختلاط وقليل العلاقات الاجتماعية، اعتمد على شهاداتي التدريبية وخبرتي الكروية وخلقي والكثير من الامور التي تجعلني مدربا ناجحا ولكن هذا لاينفع في هذا الزمن، انا اتمنى ان اكون لاعبا لاصحح الاخطاء ولن اكررها، اتدرب كثيرا، وعندما كنا لاعبين كنا ملتزمين وبرغم عدم وجود الحوافز المالية كنا نتدرب كثيرا كي نصل الى مستويات ترضي الجمهور وترضي مسؤولي الفريق خاصة انني كنت العب في فريق جماهيري وعند الفوز كان الجمهور يحملنا على الاكتاف وعند الخسارة لايشتموك مثل اليوم بل يطمئنوك ويتضامنون معك ويقولون حظ اوفر في المباراة المقبلة ان شاء الله تعوض». - لنرحل معا في قطارمسيرتك الكروية، حدثنا عن ابرز محطاتك كلاعب وكمدرب؟
«الحمد لله، محطاتي الرياضية عامرة، بدأت مسيرتي الكروية في منطقة الكسرة وساحاتها الشعبية وساعدني سكني فيها ان اتدرب في ملعب الكشافة الثاني بوجود مدربين اكفاء مثل الاستاذ خالد والحكم الدولي طارق احمد، ثم انتقلت الى مركز شباب الطليعة باشراف المدرب الخلوق اكرم العكيلي الذي لااعرف اخباره اليوم واوجه له التحية، تعلمنا منه الكثير في كرة القدم، بعدها التحقت بمنتخب الناشئين وتدربنا تحت يد كريمة وراقية هي يد المدرب الخبير الاستاذ داود العزاوي الذي اضاف الشيء الكثير الى ماتعلمناه فتطورت امكاناتنا وافكارنا الكروية وكان تشجيعه لنا كبيرا جدا وكان اخا كبيرا لنا وعمل كثيرا من اجل رفع مستوى الناشئين والبرنامج الذي ساعدنا ان منتخب الناشئين آنذاك كان مقسما على مجموعتين تخوض مباريات قبيل مباريات منتخبنا الوطني واذكر في مباراة منتخبنا الوطني امام نظيره المغربي في ملعب الشعب ان الجمهور كان يملأ المدرجات بالكامل حتى ان البعض من الجمهور افترش ارضية مضمار الركض الخاص بالعاب القوى والمحيط بساحة اللعب».
بين الأندية
ويضيف» خضنا مباراة بين المجموعتين تركت اثرا فينا بحيث تلاشت الرهبة من مواجهة الجمهور الغفير فيما بعد وعندما لعبنا في الدوري الممتاز كنا نشعر ان الجمهوريساندنا وهذه الحالة ساعدتنا على الاسترخاء وعدم الانشغال والتفكير بالجمهور، حتى انني اتذكر عندما انتهت المباراة بين مجموعتي منتخب الناشئين صعدنا الى المدرجات لنجلس مع الجمهور قال لي احدهم « انت لاعب جيد وستكون احد افراد المنتخب الوطني» وكان بجانبي الكابتن واثق اسود الذي بادرني بالقول»شتريد بعد!!»، بعدها حلت فترة منتخب الشباب وانا من اللاعبين القلائل الذين لعبوا ضمن منتخب الشباب وهم لايلعبون في ناد او فريق، بعدها قدم لي المدرب الكبير الكابتن اكرم سلمان عرضا للانضمام لنادي الامانة وكان ذلك عام 1975 وبعد منتخب الشباب ونادي الامانة الذي امضيت بين صفوفه ثلاث سنوات رائعة جدا مثلت خلالها منتخب الشباب والمنتخـب الوطني (ب) الذي شارك فـي بطولـة مرديكـا الدوليـة»، ويتابـع» انتقلت بعدها لفريق القوة الجوية الذي لعبت له اكثر من عشرة مواسم ولي ذكريات جيدة مع الفريق الجوي، الفريق الجماهيري الذي يمتلك جمهورا احبني جدا وانا احببته كثيرا، الجمهور الراقي الذي مازال يتذكرني برغم انني ودعت كرة القدم منذ اكثر من ثلاثين سنة، بعدها اعتزلت كرة القدم موسم عام 1986- 1987 وكانت المباراة الاخيرة لي في تونس ضمن بطولة نادي صفاقس التونسي حيـث اضطـررت للاعتزال بسبـب كثـرة الاصابات لكنه كان قرارا اتخذتـه وانتهـى الامـر».
وعن مرحلة التدريب يقول» بعد الاعتزال اتجهت للتدريب في نادي الامانة وبدأت مع الفئات العمرية ثم الفريق الاول، وفي موسم 1995- 1996 بدأت مسيرتي مع فريق القوة الجوية حيث كنت مساعدا للكابتن عدنان درجال انا والمرحوم سعدي يونس وحصلنا على نتائج جيدة، ثم رحلت الى زاخو واشرفت على تدريب نادي زاخو الذي ساعدته بالارتقاء لمصاف الدرجة الاولى، ثم دربت نادي الكرخ وبعدها مساعدا للمدرب ناظـم شاكـر فـي اربيل وحققنـا نتائـج طيبـة ايضا، وفـي عـام 2004 كنـت مدربـا لمنتخـب اشبال العراق ضمن مشـروع الرؤيـا الآسيويـة الـذي فشـل ولــم يستمر،بعدهـا صـرت مساعـدا لمدربـي الشبـاب والاولمبـي ثـم الوطني الذي احرز المركز الاول في بطولة العين الكروية التي اقيمت في الامارات وكان مدرب منتخبنا الوطني هو الكابتن ناظم شاكر، ثم عدت لنادي زاخو وحصلنا على لقب كأس اقليم كردستان واخيرا عدت الى نادي الامانة حيث اعمل مشرفا على فرق الفئات العمرية».