المرأة الغجرية.. من كتاب «نحن الغجر»

ترجمها عن الاسبانية:
حسين نهابة

على عكس الاعتياد والسائد، تتمتع المرأة الغجرية بكل احترام وتقدير من لدن قبيلة «كالي» لما يفرضه عليهم دورها كأم على وجه الخصوص.
ومما يُؤسف له ان شعب «البايو» ادلى برأيه مُعتبراً ان المرأة الغجرية سلعة اقتصادية يتصرف بها الزوج الذي لا يرغب بالعمل كيفما يشاء.
وكلامهم ليس ببعيد عن الواقع. ان حضورها الى جانب الرجل الغجري امر لا يمكن تعويضه. اليها يركن عند اصطدامه بالمستحيلات اليومية التي تفرض عليه ان يكون المعيل الوحيد لأبنائه في عالم لا يناسبه تماماً، فيدرك حينذاك بان الغجرية رفيقته الوفية.
منذ الولادة، يُحدد مصير الطفلة الغجرية: المحافظة على عذريتها، الزواج ثم واصلة النسل. ان الشابة الغجرية تتجاوز حدود الطفولة الى المراهقة على نحو مبكر جداً بسبب معرفتها بالحياة اولاً والعلاقات الجنسية للكبار التي تصل الى إدراكها على نحو مبكر ايضاً لما يتطلبه الاختلاط العجيب لأفراد الاسرة الواحدة او افراد الاسر المختلفة التي تعيش مع بعضها في كوخ كبير من الخص او تحت سقف بسيط مصنوع من نسيج غليظ من القنب. وهذا لا يعني الانحلال الخلقي بينهم، على العكس فإن قوانينهم وتصرفاتهم صارمة في هذا المجال. اذ لا تقع حالات اغتصاب بين الاباء والابناء او بين الاشقاء ابداً بل نادراً ما تحدث الخيانات الزوجية. وهذا ما يُفسر لنا عدم انحدار العازبة الغجرية الى هاوية فقدان عذريتها حتى الزواج.
ان حياة فتاة «كالي» تختلف عما عليه عند فتاة «بايا». حين تتعدى مرحلة الطفولة، تُراقب باستمرار لا من قبل ابويها وافراد اسرتها الباقين فحسب بل من قبل المجتمع الغجري الذي يقطن ذاك المكان باسره.
الصداقات بين الشباب الغجري غير مسموح بها الا بمشاركة العوائل وبمجاميع فقط. وإذا ما شوهدت فتاة شابة تتكلم باستمرار مع أحد الفتيان امام مرأى المجتمع الغجري، فسيضطرون حينذاك الى عقد اتفاق بينهم ينتهي بالزواج سواء شاءوا ام أبوا.
هذا التقيد في الحرية الشخصية للمرأة الغجرية هو السبب الذي يدعوهم الى تزويج فتيات «الباياس» في سن مبكرة عندما ينتهين من ترك الدمى مباشرةً.
بعد ان يتم الاتفاق على الزواج -الذي اصبح في وقتنا الحاضر اما بموافقة شخصية او بموافقة عامة بين كلا الطرفين- تبتدأ فترة الخطوبة التي غالباً ما تكون قصيرة جداً بسبب القانون الصارم الذي يحرم على الفتى والفتاة رؤية بعضهما في هذه الفترة مما يحدو بهما الى الاسراع لتحديد تاريخ الزواج.
إن اللحظة الحاسمة للاحتفال بالزواج تكمن في فض غشاء بكارة الفتاة. تدرك الغجرية عند ذاك ويعلم مجتمعها بأكمله بأنها كانت وفية لواحدة من أهم وصايا نسلها. تعد المرأة الغجرية ناقصة بين اقرانها قبل ان تنجب اطفالاً فتمضي للعيش في مسكن اهل زوجها كأنها غريبة. ترهن حياتها كاملة لخدمة حماتها فتطهوان على النار نفسها.
وبعد ولادة الطفل الاول، تختفي هذه الحالة، وتنال حينذاك اكرام وتشريفات المرأة الغجرية كاملة. ولا يبق امامها وقتئذٍ سوى وصية واحدة لابد من حفظها، وهي ان تكون وفية لزوجها ابداٌ.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة