تحديات وضغوطات تتعرض لها النساء في العمل
متابعة الصباح الجديد:
يمثل العنف ضد المرأة انتهاكاً من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارًا وشيوعًا في العالم. فقد يمارَس العنف ضد النساء في جميع البلدان وفي جميع المجتمعات، في المنزل والمدرسة والشارع ومكان العمل وعلى شبكة الإنترنت، تشير التقديرات العالمية التي نشرت من قبل منظمة الصحة العالمية أن واحدة من كل 3 نساء (35%) من النساء في أنحاء العالم يتعرضن في حياتهن للعنف على يد شركائهن الحميمين. لا يقتصر العنف ضد المرأة على الأذى الجسدي فقط، بل يتعدّاه إلى كلّ فعل أو قول أو إيماءة قد يسيء لها.
ان قضية العنف ضد المرأة قضية متجددة مع الزمن، فكلما تطور المجتمع ووصل الى مرحلة كبيرة من التطور تتطور طرق العنف ضد المرأة واشكاله فتعددت اشكال العنف ضد المرأة منها العنف اللفظي والعاطفي والعنف الجسدي والعنف الجنسي والعنف المالي.
ان السبب الرئيسي في انتشار ظاهر العنف ضد المرأة بصورة كبيرة هي ثقافة المجتمع والمفاهيم السائدة فيه أحد أهم أسباب العنف ضدّ المرأة، فالبعض لا يقر بوجود العنف، ولا يأخذ مخاطره على محمل الجد، بوصفها لا تستدعي الرد أو اتخاذ أيّ إجراءات رادعة، ويُعزى هذا الاعتقاد إلى موروثات تعتبر تعنيف الرجل للمرأة أمراً مشروعاً ومبرَّراً ، بحجّة أنّ الرجل عنيف بطبيعته، ويصعب عليه التحكّم بغضبه.
تتعرض المرأة حتى في مكان عملها الى التعنيف من قبل صاحب العمل او المدير المسؤول عن عملها، فقد دخلت المرأة سوق العمل من كل أبوابه التعليمية والسياسية والاقتصادية والإدارية، وأثبتت كفاءة عالية وقدرة كبيرة في ما يُناط إليها من أعمال، وأصبحنا نرى القاضية والبرلمانية والمحامية والمعلمة والإعلامية، وأصبحت تبذل جهداَ مضاعفاً في العمل والمنزل لتثبت نفسها في كل مكان وضعت فيه، حتى مثلت 40% من اليد العاملة العالمية.
العمل هو حق من حقوق أي انسان وأداة أساسية لتحقيق المساواة لكن هنالك نظرية ترى أن العمل ليس من حق المرأة وان المرأة مكانها البيت وتربية الأطفال فقط، ولاننكر ان هذه هي اللبنة الأساسية في حياة المرأة ولكن ما الضير من أداء الوظيفتين معا وظيفة الأم والمربية وأداء المرأة شوطها الوظيفي خارج البيت.
ولكن مع كل الأسف هنالك بعض من يرى أن المرأة الموظفة هي امرأة خارجة عن القانون الطبيعي واختارت العمل على البيت لذا ينظرون إليها نظرة العالة في مكان عملها ونظرة الاستهجان ويكون اسلوب بعض المرؤوسين مع الموظفة اسلوب استنزاف جميع القوى والطاقات لجعل بيئة العمل غير صالحة ويتبع كل الطرق لكي يثبت أن المرأة ليس مكانها العمل ولكي يجعلها ترفع الراية البيضاء وتستسلم امام المعوقات التي يحولها الرجل امام المرأة في بيئة العمل.
فتتعرض المرأة الى التمييز على أساس الجنس بحيث يتم التفرقة بين العاملين الذكور والإناث في الواجبات والحقوق الوظيفية والترقيات والرواتب وغيره، ايضاً التمييز الديني والسياسي من خلال القيام بأفعال أو ألفاظ عدائية تجاه بعض الموظفات بسبب الديانة أو الانتماء السياسي أو التفرقة بناءً على هذه الأسس في الترقيات والفرص الوظيفية.
ان تنشئة المرأة البايولوجية تفرض عليها ان تكون انسانة تتحمل المسؤوليات وتنجز عملها بدقة وسرعة وبشكل منظم ومرتب فبدلاً من ان تكون هذه نقطة ايجابية لها ترجع عليها بالفائدة بل على العكس حصدت منها نتائج سلبية فيستغل المدير او مرؤوسها هذه النقطة لتتراكم عليها المسؤوليات والاعمال المنوطة بمقابل راتب لا يكفي امام المهمات الكبيرة التي تنجزها، مما يخلق لها بيئة عمل غير مناسبة.
تتعرض المرأة العاملة في العمل الى التعنيف ليس فقط من مسؤول العمل أو من هو أعلى منها رتبة، وإنما يمكن أن يكون أحد الزملاء أو المرؤوسين أو العملاء أو غيرهم. لابل احياناً يكون من قبل احدى الموظفات الزميلات في العمل وهذا في حد ذاته قضية يحتاج لها وقفة كبيرة فنتيجة للنظرة الدونية للمرأة الى نفسها اجتماعياً تعنف زميلتها ولا تترك لها المجال في العمل فقط لأنها تنظر الى المرأة نظرة المجتمع الدونية فلا تتقبل نجاح زميلتها بل على العكس تعمل على فشلها.
لذا نرى ان كابوس العنف يطارد المرأة في كل مكان تذهب إليه ولعل احد الاسباب الرئيسة حول مطاردة العنف لها هي نفسها وذلك لتقبلها له واعتبار التسامح والخضوع أو السكوت عليه كرد فعل لذلك، مما يجعل الآخر يأخذ في التمادي والتجرؤ أكثر فأكثر. وقد تتجلى هذه الحالة أكثر عند فقد المرأة إلى الشخص المعيل لها وأطفالها واحتياجها إلى عملها مما يجعلها تخضع و تسكت عن التعنيف الذي يواجهها في بيئة عملها.