السينما اشبه بصندوق حكايات كبير يتحدث عن الخير والشر، عن الحب والحرب، عن التسامح وعن الكراهية ، لذلك جاءت الافلام السينمائية حاملة لهذا الاختلاف وهذا التضاد منذ اكتشافها في أواخر القرن التاسع عشر ولحد الان .
التسامح هو الفاصل بين العنف واللاعنف ، بين السلم وبين الحرب، بين الحب والكراهية ، بين التعايش السلمي لشتى الفئات والطوائف والاديان ، وبين الاقتتال والحروب الاهلية ، لو اتصف الجميع بالتسامح لما كانت هناك كراهية بدء من العائلة ومرروا بالوطن الواحد وانتهاء بالعلاقات الدولية بين دول العالم المختلفة .
المتابع لموضوعة التسامح في السينما يجد فارقا كبيرا في عدد الافلام التي تتحدث عن التسامح او اتخذت من التسامح ثيمة اساسية لها ووضعته كغاية وهدف ، مقارنة بعديد الافلام التي تتحدث عن الحرب والعنف والكراهية ، لذلك لا يمكن المقارنة بينهما من حيث العدد ومن حيث ضخامة الانتاج ، السينما العالمية في رحلتها الطويلة تناولت موضوع التسامح بالتأكيد لكن هذا التناول غالبا ما تم من خلال جملة او مشهد او ربما لقطة ، لكنها تروج للعنف والتطرف وتسخر لذلك امكانيات كبيرة وهذا ناتج عن اجندات سياسية تنفذها شركات انتاج عالمية عملاقة ، لكن ذلك لم يمنع بقية السينمائيين من انتاج أفلام تتحدث عن التسامح والسلام والحب والالفة ، السينما العربية انتجت العديد من الافلام التي تتحدث عن التسامح وان كان بشكل غير مباشر.
حيث اهتمت منذ بداياتها بموضوع التسامح الديني ، الفنان الراحل يوسف وهبي من أوائل الذين قدموا اعمالا في هذا المجال ، من خلال الافلام التي يكون ابطالها من ديانات مختلفة ، وقدم المخرج فؤاد الجزايرلي عملا مهما بعنوان « حسن ومرقص وكوهين « الذي قدم مرة اخرى بعنوان « حسن ومرقص « لرامي امام ، وبطولة الراحل عمر الشريف وعادل امام ، لكن اسم كوهين رفع هذه المرة ، وقدمت كذلك افلاما مهمة اخرى مثل الناصر صلاح الدين ليوسف شاهين ، وبحب السينما للمخرج اسامة فوزي ، والارهابي لنادر جلال ، وغيرها ، هذه الافلام اثارت جدلا واسعا بين الجمهور ، كونها تتعرض لثوابت وقيم ، مثل التزاوج بين ابناء الديانات المختلفة وادانة التطرف ، وهدفها اشاعة التسامح ، الذي قد لا يؤمن البعض به.
التسامح هو العفو عند المقدرة ، ان تسامح من اساء اليك وانت بكامل قدرتك حين يكون بإمكانك ان تنال منه جزاء ما فعل بك ، التسامح هو ان تتقبل الاخر مهما كان الاختلاف بينكما ، ديني ، عرقي ، أو مذهبي ،، بعض الافلام تظهر العطف وليس التسامح وشتان ما بين الاثنين ، في فيلم « العازف « للمخرج رومان بولانسكي ، الضابط الألماني هنا يعطف على العازف اليهودي ولا يتسامح معه لان العطف شيء والتسامح شيء آخر .
كاظم مرشد السلوم