حاجة متزايدة لتوجيه رعاية طبية نفسية متخصصة للتغير المناخي
متابعة الصباح الجديد:
ذات ليلة مطيرة جلس خمسة أشخاص في رواق بالدور السفلي في إحدى الكنائس في دائرة وأمامهم بعض الأطعمة الخفيفة حيث دار الحوار بينهم حول مشكلاتهم الشخصية.
لم يأت أي منهم لبحث إدمان الكحول أو المخدرات أو القمار. فقد كان هذا هو اللقاء الأول في برنامج يستمر عشرة أسابيع لدعم الأقران بهدف مساعدة من يعانون من القلق أو الاكتئاب بسبب التغير المناخي.
قال مدرب الكلاب ديفيد فريت (52 عاما) الذي حضر اللقاء في هذه المدينة الساحلية بعد مشاهدة إعلان عنه «بعض ما يسبب لي القلق أن عدد من يعترفون بالمشكلة ضئيل جداً. وعندما تجد أن العلماء يقولون إن أمامنا عشر سنوات لتنفيذ إجراءات سياسية، فكيف تفكر في ادّخار مال لتعليم ابنتك في الجامعة؟».
ويسعى عدد متزايد من الناس في الولايات المتحدة واستراليا وكندا وبريطانيا للمشاركة في مجموعات الدعم في حالات القلق المناخي بعد اقتناعهم بتقارير علمية مشؤومة عن الاحتباس الحراري العالمي وفقاً للمسؤولين عن إدارة تلك المجموعات.
ويقول بعض الأطباء النفسيين إن الاتجاه العام يشير إلى حاجة متزايدة لتوجيه رعاية طبية نفسية متخصصة للتغير المناخي.
وفي تقرير صدر عام 2018 من الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ قدّر العلماء أن ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى نقطة اللاعودة قد يحدث في غضون 11 عاماً إذا لم يتم تخفيض الانبعاثات الكربونية العالمية بشكل كبير.
قالت لا أورا شميت التي شاركت في تأسيس شبكة مجموعات الدعم للقلق المناخي، التي تنتمي إليها المجموعة التي التقى أفرادها في نيو جيرزي، «الناس يشعرون أنهم معزولون. العمل يسير كالمعتاد من دون أي قلق تقريباً على ما يحدث على صعيد التغير المناخي».
بدأت شميت مع إيمي لويس ريو شبكة غود غريف (الحزن الصالح) في 2016 لمن يعانون من القلق من التغير المناخي. ولا تعمل أي منهما كخبيرة نفسية أو تدّعي أنها تقدم المشورة. والتقت أول مجموعة لدعم الأقران في غرفة المعيشة بمنزل أحد المشاركين في سولت ليك سيتي بولاية يوتا.
ومنذ ذلك الحين طورت الاثنتان البرنامج المكون من عشر خطوات وأصبحتا تركزان على توسعة منظمتهما بتدريب المسؤولين عن إدارة الجلسات.
تقول الجمعية الأميركية للطب النفسي إن التغير المناخي بما في ذلك الأحوال الجوية السيئة وارتفاع درجات الحرارة ومستويات البحار له آثار ضارة على الصحة النفسية.
ومن المرجح أن تزداد الآثار سوءا لا سيما في أوساط الفئات السكانية المعرضة للخطر مثل الأطفال والمهاجرين ومن يعانون من أمراض نفسية.
وقال جو رزيق الخبير النفسي المختص في الصدمات والذي تولى تدريب خبراء في الصحة النفسية لمعالجة الناجين من حرائق غابات كاليفورنيا إن القلق المناخي مُبّرر لكنه حذر من عده مرضاً نفسياً قائماً بذاته. وأضاف أن من الضروري إجراء مزيد من الدراسات.
وقالت شميت إن بعض أفراد مجموعات الدعم للقلق المناخي تأثروا بكوارث طبيعية لكن أغلبهم يشاركون انطلاقاً من إحساس باليأس.
قال عدد من خبراء الصحة النفسية إن جماعات دعم الأقران مفيدة لكنها لا تفي بالحاجة لتقديم الرعاية النفسية المتخصصة.
وقالت الطبيبة النفسية ليز فان سوسترن التي لها كتابات موسعة في عواقب التغير المناخي على الصحة النفسية «لا توجد استراتيجية منهجية موحدة لمساعدة المتضررين».
ويقول خبراء إن تحرك النشطاء ربما يكون وسيلة أخرى للتعامل مع القلق.
فقد أُصيبت الفتاة السويدية جريتا تونبري، التي أطلقت حركة عالمية بالإضراب عن الدراسة احتجاجاً على التراخي السياسي، باليأس وهي في سن الحادية عشرة عندما أدركت فداحة التغير المناخي وضآلة ما يبذله الساسة في هذا المضمار.
وقالت تونبري في حوار ببرنامج تيد توك «توقفت عن الكلام وامتنعت عن الأكل».
وقالت فان سوسترن إن الحركة التي بدأتها تونبري انطلاقا من شعورها بالاكتئاب وضرورة التحرك مثال على النتيجة الإيجابية التي يمكن أن يحدثها القلق المناخي.