الإعلام .. ما كان وما ومايكون

عندما نتحدث عن الاعلام في العراق , فالامر فيه الكثير من التداخلات التي تؤدي احيانا الى عدم وضوح في الرؤية .. صحيح ان الاعلام في بلدنا ينعم بحرية قد يحسد عليها اذ بامكان الاعلامي ان يدلي بدلوه أياً كان رأيه بل حتى بامكانه ان يشتم من يشاء من دون وجل او خوف والفيصل في هذا كله هو القضاء .. هذه الحرية العريضة والواسعة دفعت بعض وسائل الاعلام الى الذهاب نحو مديات ابعد من الحرية نفسها من خلال تبنيها لمواقف الارهاب الاسود ودعمها له على وفق اجندات معينة .. اما الاعلام الوطني الذي يتبنى قضايا الوطن والناس فنجده في بعض الاحيان واهناً وغير قادر على ان يكون ندَاً لذلك الاعلام االمعاكس .. وتعود اسباب هذا التباين بين الطرفين الى اسباب عدة من بينها ضيق ذات اليد بالنسبة للاعلام الوطني مقابل ميزانيات هائلة للاعلام الاخر .. فضلا عن تمسك الاول بمهنية وشرف المهنة في حين نجد ان الاعلام الاخر لايلتزم بأي مبدأ او ثابت وطني فضلا عن تواضع الامكانات المهنية للاعلام الاول يقابله استقطاب كبير لكفاءات كبيرة للعمل في المؤسسات الاعلامية الاخرى .
وعندما نتحدث عن الواقع الاعلامي العراقي علينا ان لاننسى الخلافات السياسية الحادة بين اقطاب العملية السياسية وهذه الخلافات انعكست سلبا على هذا الواقع خصوصاً اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار ان الكثير من المؤسسات الاعلامية هي مؤسسات حزبية تنطق باسم هذا الحزب او تلك الكتلة ووجود مثل هذه الحالة من التشرذم أدت الى نشوء حالة من التشتت في الخطاب الاعلامي وعدم وجود موقف وطني موحد ازاء القضايا المصيرية لدرجة ان بعض الساسة ومعهم مؤسساتهم الاعلامية يصفون داعش بـ(الثوار) على الرغم من كل المعطيات المتوفرة التي تؤكد ان داعش دنست ارض العراق وانتهكت الاعراض وقتلت الناس وسلبت الاموال .. ومن دون ادنى شك ان مثل هذا التشتت في الرؤى افقد العراق خلال السنوات الماضية الكثير من المواقف الدولية المساندة لقضاياه المصيرية لاسيما في معركته مع الارهاب .. لان مثل هذه المواقف تبنى على اساس قوة موقف الدولة فاذا كان موقفها هزيلا ومشتتاً فكيف للدول الاخرى ان تقف بجانبها ؟
وفي مسألة اخرى ربما ترتبط بما تقدم ذكره وهي عدم التفات الحكومات العراقية التي تعاقبت منذ عام 2003 الى قضية في غاية الاهمية وهي خلو السفارات العراقية في دول العالم من الملحقين الصحفيين والاعلاميين وهذا الامر جعل الاعلام العراقي متقوقعاً على الداخل فقط وعدم القدرة على ايصال الصورة الحقيقية لما يحدث في البلد الى الرأي العام العالمي بسبب غياب مثل هؤلاء الملحقين في حين نجد الدول الاخرى تهتم كثيراً بهذا الامر وتختار خيرة اعلامييها ليقوموا بمهمة الملحق الصحفي في سفارات دولهم .. ولهذا فنحن نطمح بأن تلتفت الحكومة الجديدة الى هذه القضية المهمة وتقوم بتعيين ملحقين صحفيين مرموقين اسوة بالملحقين العسكريين وسواهم من اجل المساعدة على تغيير الصورة القاتمة التي يرسمها الاعلام الاصفر عن الواقع العراقي . . وبمعالجة مااشرنا اليه من المؤكد ان الاداء الاعلامي سيكون بوضع يمنحه القدرة على اداء المهمة بنحو ايجابي وفعال .

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة