يمتلك الصينيون استثمارات هائلة، ولديهم صناعات متطورة جدا ، ويحملون عقولا قادرة على تقديم الأفضل ، ولو كانوا غير ذلك ، لالتهموا العالم اجمع بين ليلة وضحاها!! ومن هنا جاءت اهمية زيارة رئيس الوزراء الدكتور عادل عبدالمهدي الى بلاد الصين ، هذا الزيارة التي تعد الأطول في عدد أيامها بالمقارنة مع زيارات عبدالمهدي الى بلدان اخرى ، كما ان الوفد الذي يرافقه هو الأكبر في العدد والمستوى، واعتقد ان بلدا بأهمية الصين ، ليس كثيرا على دولة مثل العراق ، تقف على اعتاب مرحلة اعادة بناء وانطلاقة جديدة ان يكون الوفد الزائر بهذا الحجم وهذا المستوى ، وهناك ، ابدى الصينيون اهتماما استثنائيا بالعراق ، لانهم يدركون اكثر من غيرهم ، ان الفرص الاستثمارية الهائلة المتاحة في بلاد النهرين ، تستحق ان يسيل لها لعاب التنين الصيني .
ان زيارة عبدالمهدي الى بكين ، بهذا التوقيت وبهذا المستوى ، تأتي في ظل ظروف دولية واقليمية متشابكة ، وبالتالي فإنها ستمثل ، مسارا مهما من مسارات طريق الحرير ، الذي تسعى الصين الى زيادة مساراته وفقا للجدوى الاقتصادية التي يوفرها هذا المسار او ذاك ، وان نتائج هذه الزيارة التي جاءت كما توقعها المراقبون ، مهمة ، ستثير شهية عواصم اخرى ، يمكن ان تغير مواقفها وتزيد من سرعة سيرها نحو العراق ، فهناك الكوريون الذين يراقبون ما يفعله التنين الصيني بدقة ، ويسعون الى تحقيق حالة من التوازن ، او تقاسم النفوذ الاقتصادي بين دول المنطقة ، الغنية ، ولا ننسى أيضا اليابانيين ، فهم أيضا يعولون كثيرا على العراق ، الا أنهم مازالوا يتهيبون الدخول ، ربما ينتظرون ، بلدا آخر ، يسبقهم في الدخول ، كيما يفتح لهم الطريق ، ووجود مثل هذا التنافس ، وهذا السباق من شأنه ، ان يتيح فرصة ذهبية أغلى من الحرير ، لاختيار الأفضل من بين هذه البلدان الثلاثة ، التي تمثل بمجموعها ، لغزا حير العالم ، لسرعة ما وصلوا اليه من تطور سريع ، على الرغم من انهم ، ليس لديهم مثل الذي لدينا من امكانات ، هم فقط اعتمدوا على عقولهم ، واستثمروها بنحو سليم.
نتائج زيارة عبدالمهدي الى الصين على رأس وفد كبير ، ضم وزراء ومحافظين ، ستكون ذات شأن ، لاسيما ، في مجال الطرق والسكك الحديد والسكن والصحة والتعليم ومشاريع الخدمات الأخرى والبنى التحتية ، ومعالجة العشوائيات ، ففي كل هذه القطاعات ، كان للصينيين باعا طويلة ، سواء داخل الصين ، او في بلدان اخرى ، ولذلك ، فان مذكرات تفاهم واتفاقيات ، جرى توقيعها، مايعني اننا على موعد مع حضور صيني جديد مختلف كليا عن المرحلة السابقة ، بعد ان اثبت الصينيون ، أنهم اكثر ذكاءً من غيرهم ، عندما لم تتردد شركاتهم في الدخول والعمل في العراق ، على الرغم من الظروف التي واجهها البلد ، ومما لا شك فيه ، أنهم ينظرون الى زيارة الوفد العراقي الكبير ، على انها رسالة تعهد ورغبة عراقية كبيرة ، بفتح افاق ولسعة من التعاون المثمر بين البلدين ، وهم على استعداد لملء الفراغ الموجود في أي قطاع من قطاعات التنمية المختلفة، وحضورهم القوي في العراق ، سيسهم في توطين الصناعة ، والنهوض بالخدمات ، بسرعة فائقة، ومن المؤكد ان البلدان الأخرى سواء التي أشرنا اليها او سواها ، ستجر قاطرتها خلف القاطرة الصينية ، لكي تنطلق عملية الاعمار وتحقيق التنمية بقوة ، فثمة احلام كثيرة تراودنا في أن نجد مدننا ، مثل بكين وشنغهاي ، وسيؤول وطوكيو ..
عبدالزهرة محمد الهنداوي