الماضي تأسيس للمستقبل باستثمار ادوات الحاضر

أحلام يوسف
تقول الروائية الإنجليزية جورج اليوت “لا أريد مستقبلا يفصلني عن الماضي”، منطق صحيح، فلكل انسان دورة حياة كاملة، لا يمكن ان نقتطع منها او نضيف اليها جملة او حدثا حسب امزجتنا، بل تحددها أسس تتعلق بالوعي والادراك والبيئة وغيرها من العوامل.
لكن، ما ميزة الماضي كي نتمسك به ونجعله ضمن تفاصيل الحاضر والمستقبل، برغم انه ولى؟
سلام الباز الباحث بعلم الفلسفة يقول في هذا الشأن: “كل ما مر بنا من مواقف واحداث، بحلوها ومرها، شكل شخصيتنا الحالية، فان كنا نعتد بها فهذا يعني اننا فهمنا لعبة الحياة، التي تتركز بالتعلم من كل حدث وموقف وشخص يمر في حياتنا، وان لم نكن كذلك فعلينا ان نبحث عما لا يعجبنا فينا كي نبدأ بإصلاحه وتصحيحه”.
ويتابع: “الماضي راح واخذ معه ما اخذ، فكل ما مطلوب منا هو الإفادة مما حدث خلاله، بعد تشخيص الأخطاء، المستقبل يقع ضمن دائرة المجهول، لا نستطيع الا ان نخطط له، وكل هذا التعلم والتخطيط يكون مبنيا في الحاضر، اذن فالحاضر هو الأهم، يبقى الماضي يشبه كتابا معرفيا وتعليميا قرأناه وانتهى الينا واستفدنا منه، والمستقبل كتاب طبيعته مجهولة، لكن الحاضر، يؤسس لفحواه”.
الماضي مهم والمستقبل مهم، لكن الحاضر هو الأهم، ومن هنا تقول ياسمين عبد الاله معلمة في احدى المدارس الابتدائية: الماضي والتاريخ كله مهم، لكن الأهم منه الحاضر، فلا يمكن ان أبقى رهينة الماضي لأي حجة، الماضي راح، وكلنا تعلمنا منه، فالموضوع ليس كتابا منهجيا وابوّبه الى فصول تعاريف وتعاليل، وتفسيرات وشروحات، انا اليوم تعلمت من ماضيي، والدليل على هذا أني تغيرت، تغيرت مفاهيمي وطريقة التعاطي مع الكثير من الأمور، انا لا اشعر أني تعلمت من الماضي ولم اخطط يوما للتعلم، لكن الواقع يقول ذلك.
سوسن الجبوري كان لها رأي مميز اذ قالت: المشكلة اليوم ليست فيمن تعلق بالماضي من حيث الحزن او اللوم او العتب، ولم يستطع تجاوز حدث او موقف معين، لكن بمن يقتل ويتخاصم ويكفّر ويقيم حروبا بسبب حدث مضى عليه عشرات العقود، اظن ان الموضوع أي الكيفية التي نتمسك بها بالماضي مرتبطة بالثقافة المجتمعية والفردية، هي التي تشكل صورة معينة للماضي او المستقبل او الحاضر.
يبقى الماضي جزء لا يتجزأ من حاضرنا ومستقبلنا، لكن كم واحد منا فهم قيمة الماضي، وتعامل معه على انه تاريخ شكل الحاضر بكل تفاصيله، فحزن الماضي عبرة، وفرحه نشوة، وخيباته عظة، ترسم قيمة المستقبل.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة