الاختلاف ضرورة من اجل التميز ولا يفسد للود قضية

أحلام يوسف
يُحكى أن ثلاثة رجال فاقدي البصر دخلوا الى غرفة وضعوا فيها فيلا، وطُلب منهم أن يرسموا صورة لحقيقة هذا الحيوان، فبدأوا يتلمسون الفـيل بأصابعهم.
قال الأول ان الفيل يشبه الثعبان تماماً، لأنه امسك بخرطومه، وقال الثاني: الفيل يشبه الحائط لأنه وضع يده على جسمه، والثالث وجد ان الفيل عبارة عن أعمدة طويلة فقد امسك برجليه.
اختلفوا مع بعضهم في الوصف وكل منهم وجد ان رأيه هو الصواب ونشب خلاف بينهم. هل أخطأ أحد منهم بالوصف؟ لا، وهذا يدل على ان للحقيقة عدة اوجه، يجب علينا ان ننظر من كل زواياها، لان الاختلاف أحيانا يكون بنسب الزوايا الى الحقيقة، ومن لم يكن معك ليس بالضرورة أن يقف ضدك.
يقول وارد اثير الباحث بعلم النفس: الاختلاف يفسد للود قضية عندما تكون العقول متحجرة على نمط تفكير واحد ورأي واحد، مثل تلك العقول يتعبها، بل يؤلمها محاولة كسر تلك الصخور، لذلك نراه يتمسك برأيه بنحو مبالغ به، وان حاول أحد ان يحيده عن فكرة معينة، يغضب، ويمكن ان يقاطع أي شخص يختلف معه بالرؤى والطرح إزاء أي موضوع.
وتابع: الاهل يتحملون المسؤولية كاملة إزاء هذه الحالة، فعندما يشهد الطفل على خلاف بين والديه بسبب اختلافهما بالرأي بشأن حالة معينة، فمن الطبيعي ان تترسب هذه الحالة في عقله الباطن، وبمرور الوقت تصبح هي القاعدة، يجب ان يتنبه الوالدان، الى ان المشكلات فيما بينهما يجب ان تكون محصورة بينهما، لأنها تصنع بعض المفاهيم لدى أولادهما من دون أن يعوا.
ان كان الاختلاف بالرأي بين الزوجين يمكن ان يفسد للود قضية فكيف الحال بين طرفين تجمعهما علاقة اقل ترابطا من علاقة الزواج؟
اسراء بكر تأسفت الى هذه الحالة اذ انقطعت علاقتها بصديقة عمرها بعد ان أفسد الاختلاف بالرأي، الود بينهما، قالت: للأسف بعد 2003 تعزز هذا المفهوم بصورته المعكوسة، فأصبح كل اختلاف سببا لخلاف. فقدت اعز صديقاتي بسبب حوار دار بيننا في وقت مضى، كان الوضع الأمني حينذاك متدهورا جدا، فاختلفنا على وصف داعش، كان شيئا لا يصدق، لكنه حدث بالفعل للأسف، السياسة كانت اهم الأسباب لتعزيز هذه الصورة المشوهة التي ضربت تلك المقولة المنطقية بعرض الحائط، وقد يكون ذلك متعمدا، فها نحن اليوم قد يئسنا من الحل، بسبب الفرقة المقيتة بالرأي، التي افسدت كل شيء جميل وليس رابط الود فيما بيننا حسب.
هل يعقل ان اقطع علاقتي بصديقة عمري بسبب مخالفتها لرأيي؟ نعم حدث ذلك مع أكثر من شخص، وتجد مها العبودي الباحثة بعلم الاجتماع ان “هذا بسبب منظومة مجتمعية انهكتها الحروب والخلافات، ناهيك عن بعض العادات البالية التي طفت الى السطح، فبات الزواج بعمر الـ 14 شيئا مقبولا وطبيعيا، فكيف لام بهذا العمر واب يكبرها بسنين ان يفقهوا أسس التربية الصحيحة لأولادهما، وكيف يمكن ان يوصلوا إليهم رسالة مفادها ان الاختلاف ضرورة وتميز وليس محل خلاف”؟
غالبا ما يتكرر على مسامعنا مقولة الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، لو اننا طبقنا تلك المقولة فعليا، لكنا اليوم بأفضل حال. ما الذي يفسد للود قضية ونحن نعلم ان الله خلق كل واحد منا بميزات خاصة، ماهي مشكلتنا تحديدا بالمختلف؟ لم لا نؤمن بان الحوار غايته تقريب وجهات النظر، وليس التعنت بما اجده انا صحيح؟

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة