حول تعديل قانون الموازنة

لا يوجد مخرج قانوني أمام الحكومة لتجنب خرق قانون الموازنة وخصوصا المادة 58 سوى تعديل تلك المادة، التي ألزمت الحكومة بإنهاء العمل بالوكالة في الدرجات الوظيفية الخاصة في موعد 30/6/2019، إذ ان المدة القانونية انتهت ولم يتم التصويت على مرشحي تلك الدرجات من قبل مجلس النواب لغاية الآن. علما ان تاريخ نشر قانون الموازنة في الجريدة الرسمية هو 11 شباط 2019 أي أن القانون منح الحكومة مدة تتجاوز اربعة أشهر لغرض تقديم مرشحيها لشغل الدرجات الخاصة ولكن لم يتم استثمار تلك المدة. ولعل اهم سبب هو تكالب الكتل السياسية على تلك المناصب وعدم الاتفاق بينها وعدم وضع آلية لتقاسم تلك المناصب، وهذا الأمر أدى بالنتيجة الى بلوغ التاريخ المحدد في القانون، من دون أن يتم التصويت على شاغلي تلك الدرجات.. لذلك كان على الحكومة أن تختار بين بقاء تلك المناصب شاغرة لحين التصويت على المرشحين من قبل مجلس النواب أو إيجاد مخرج قانوني يساعد على بقاء الادارة بالوكالة من خلال منح الحكومة مهلة جديدة، وهو ما فعله مجلس النواب الذي ناقش مؤخرا تعديل المادة 58 من قانون الموازنة، وقد جاء في الأسباب الموجبة للتعديل هو لإتاحة الوقت الكافي أمام الحكومة لاختيار كفوئين ومهنيين لإدارة المناصب العليا في الدولة. وان التاريخ الجديد الذي نص عليه التعديل هو 24/10/2019 .
المفارقة أن التعديل بدأ بعبارة: تلتزم الحكومة، وهي العبارة ذاتها التي بدأت بها المادة المراد تعديلها، ولكن الحكومة لم تلتزم بها، ولم يضع التعديل الجديد ضمانات قانونية في حال عدم التزام الحكومة مجددا، بهذا التوقيت، إذ يمكن لمجلس النواب في حال قدوم تاريخ 24/10 ولم يقدم مرشحو المناصب العليا للتصويت أن يعدل مجددا. القانون يشرع كي يتم الالتزام بها، خصوصا من الجهة التي شرعته، وإلا فلا قيمة له اذا كانت الجهة التي شرعته أول من لا يلتزم به. قد نجد مبررا للحكومة لتمديد المدة الممنوحة للحكومة في حال حصل ظرف قاهر منع تقديم المرشحين، لكن الظروف السياسية مهيأة بالكامل لأن يصوت البرلمان على المرشحين، خصوصا وان البرنامج الحكومي بني على هدف أساس وهو إنهاء إدارة المناصب العليا بالوكالة. علينا أن ننتظر أربعة أشهر أخرى ليثبت لنا مجلس النواب والحكومة أنهما على قدر المسؤولية في احترام النص القانوني والالتزام بالتوقيتات التي ينص عليها، والا فإنه من الأحرى بهم بعد تاريخ 24/10 اقرار تعديل جديد يلغي المادة 58 نهائيا ويبقي على ادارة المناصب بالوكالة فهذا أفضل وأسلم من عدم الالتزام بالقانون. وهو ما متوقع حيث ان لا بوادر حقيقية تؤشر على حصول اتفاق نهائي بين الكتل السياسية على تقاسم تلك المناصب، كما لا يوجد مؤشر على ان الأسباب الموجبة هي فعلا لإتاحة الوقت الكافي لاختيار الكفوئين، بل لاختيار الاشخـاص الذيـن تختارهـم الكتـل السياسيـة بغـض النظـر عـن كونهـم كفوئيـن ام لا!

سلام مكي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة